تبرز آخر منجزات المنفى

«الفن في العراق اليوم»..5 معارض وكتاب

صورة

«الفن في العراق اليوم» تحت هذا العنوان، الذي هو عنوان مقالة قديمة للناقد والروائي الراحل جبرا ابراهيم جبرا، أقام «غاليري أيام» سلسلة من المعارض التشكيلية لمجموعة من الفنانين العراقيين المقيمين خارج العراق. وقد استمرت سلسلة المعارض فترة تقارب السنة تقريباً، توجت في الختام بإنتاج كتاب يوثق اسهامات الفنانين الذين شاركوا في المعارض على اختلاف مذاهبهم الفنية. وقد اطلق الكتاب في المعرض الذي أقيم أخيرا في فندق غراند حياة في دبي، كما قدم في المعرض لوحة لكل فنان شارك في المعارض السابقة والتي كانت سلسلة من خمسة أجزاء.

توثيق وتحية

يعد الكتاب الذي صدر باللغتين العربية والانجليزية عن دار سكيرا، مهماً للفنانين المشاركين في المعرض، كونه يوثق أعمالهم ويعرض ايضاً جانباً من سيرهم الذاتية. ويوثق الكتاب اعمال كل من علي جبار، حليم الكريم، محمود عبيدي، ضياء العزاوي، رافع الناصري، علي طالب، هيمت العلي، عمار داوود، ديلر شاكر، غسان غائب، كريم ريسان، نازار يحيى، مدهز أهمد، نديم كوفي، وهناء مال الله. كما يحتفي الكتاب بالكاتب جبرا ابراهيم جبرا، ويعرض سيرة حياته وبعض كتاباته. يذكر ان حفل الاطلاق شهد عرضاً لفرقة تراثية عراقية قدمت موسيقى المقام العراقي التراثي.

 تفاصيل

شكلت الاعمال المعروضة، التي بلغ عددها 15 عملا، تلخيصا للإسهامات التي يقدمها الفنان العراقي الذي يبرز معاناته وتفاصيل حياته اليومية عبر الألوان. وتتداخل في الاعمال الموجودة الحالات الانسانية، بين الحلم والذكرى والألم والأمل، فالعراقي يرسم الوطن ويجسد الاحلام التائهة وسط الدمار، وكأنه يحاول اعادة تركيب الوطن. وبين الامل والدمار تبرز الروحانية الخاصة بالفنان العراقي، الذي لا يختفي الاثر من لوحته، فهو تارة يبحث عن وطنه، وتارة متعلق بماضي بلاد الرافدين، وكأنه حوار بين الواقع والمجاز في العمل. ويميل معظم الأعمال الى الأسلوب الفني الرمزي البعيد عن المباشرة، فلا نجد لوحات سياسية مباشرة تبرز العدوان أو الدم، لكننا نرى الترحال والغياب واضحين ومتجليين في الكثير من الأعمال.

وتعد تجربة الفنانين العراقيين الذين رسموا العراق من التجارب الفريدة من نوعها، لاسيما أن المعارض التي أقيمت جمعت الفنانين المخضرمين الذين تركوا العراق منذ فترات، حملوا معهم أحلامهم في حقائبهم والذكريات التي يعتاش عليها الفنان لتقديم الابداع. وقد تنوعت الأعمال بين الرسم والتجريد أو حتى التي ضمت بعض الحروفية، فيما كان للتصوف والفلسفة جانب لا يمكن اغفاله في بعض الاعمال، ومنها أعمال الفنان عمار داوود المعروف بميله إلى التصوف أو التجريد مع لوحة الفنان ضياء العزاوي.

توثيق

الفنان ضياء العزاوي، صاحب فكرة المعرض، قال إن «المعرض لا يمثل التجربة العراقية بشكل عام، وإنما يمثل جزءاً من التاريخ، ومجموعة من أعمال الفنانين الذين غادروا العراق، منذ منتصف السبعينات، وتجاربهم ناتجة عن دراستهم في بغداد». ونوه إلى أن المعرض «يبرز علاقة الفنانين وكيفية تطويرهم التجربة العراقية، كونه داخل العراق لا توجد تجربة اساسية، تعكس الواقع، بل إن المغتربين هم الذين عكسوا الواقع. واعتبر ان اصدار الكتاب تتويج لهذه التجربة التي ليست موجودة داخل العراق بفعل الحصار والاحتلال العراقي الذي منع الشباب من تطوير قدراتهم الفنية بفعل غياب المخضرمين».

وقال الفنان محمود عبيدي، إن «المعارض التي تمت وتنقلت بين دبي وأبوظبي وبيروت، هي مشروع كامل، لاسيما صدور الكتاب الذي يعتبر مهما، لاسيما لجهة التوقيت الذي صدر فيه، وهو زمن الاحتلال». ونوه الى أن من يحب الفن ولديه مكتبة يجب أن يقتني هذا الكتاب. واعتبر ان وضع الفن العراقي، يجسد حال العراق، فالفن لابد أن يعكس الواقع بطريقة معينة. واعتبر العبيدي ان «الفن يولد من الفرح والمتعة أو المعاناة، فكل حالة تخلق فناً»، منوهاً الى ان «التجربة الشخصية تنعكس في العمل، شاء الفنان ذلك أم ابى». ونوه الى أن «الفنان الذي يعيش في حالة استقرار يحتاج الى البحث عن موضوع، بينما الفنان العراقي لا يحتاج للبحث، فالمادة عنده جاهزة، كما أن الحضارة تخزن في الذاكرة وهذا ينعكس في العمل». ولفت الى أن «الفنان الذي يعيش خارج العراق يرى الصورة من الخارج وبالتالي ينقل المعاناة بطريقة مختلفة». واعتبر ان ما يهم الفنان هو أن يصل العمل الى المتلقي دون ان يتعاطف معه، علما بأن المتلقي لاشعوريا قد يميل بالتعاطف لجهة ما تحمله».

بينما من جهته قال الفنان علي طالب، ان «جزءاً كبيراً من أعمالي هو من يومياتي المعاشة، والحنين الى الوطن هو من تفاصيل حياتنا اليومية، لكن أحياناً كثيرة ابرز في الأعمال النقد الاجتماعي او الرؤية الجمالية البحتة، وما بين فترة وأخرى يكون لدي عمل يحمل الانين، ومنها اللوحة التي قدمتها في عام ،2004 التي كانت لوحة لامرأة عراقية ودمعتها دمها».

ولفت الى ان الاستقرار يعد شرطا اساسيا للإبداع، ولهذا، يرى طالب «المجتمعات المستقرة هي الاكثر ابداعا، ولهذا فالفنانون الموجودون داخل العراق غير قادرين على العطاء كالذين في الخارج». ونوه الى أن «أهمية الكتاب تكمن في أنه يوثق النشاط العراقي، لاسيما أن المتاحف نهبت وسرقت».

تويتر