عقاريون يطالبون المستأجرين باللجوء إلى لجنة المنازعات الإيجارية لمواجهة المغالاة في الزيادات.. وقانونيون يؤكّدون:

رفض زيادة الإيجار في شهرَي التجديد الحق الوحيد لمستأجري أبوظبي

مبدأ العرض والطلب هو العامل الذي يتحكم حالياً في الإيجارات وهناك طلب قوي يقابله معروض قليل. تصوير: نجيب محمد

قال خبراء عقاريون ومحامون متخصصون في شؤون عقود الإيجار إن من حق المستأجرين في أبوظبي رفض طلبات ملاك العقارات بزيادة القيمة الإيجارية للوحدة السكنية، خلال فترة الشهرين السابقة على تجديد العقد، مشيرين إلى أن هذا هو الحق الوحيد المكفول لمستأجري الوحدات السكنية، الذي يحميهم من تعسف بعض الملاك.

وأكدوا أنه ليس من حق الملاك فرض زيادات إيجارية في حالة عدم إبلاغ المستأجرين بها، قبل فترة شهرين كاملين على موعد تجديد عقود الإيجار.

وطالبوا المستأجرين بالتمسك بحقهم القانوني، ورفض أي زيادات خلال فترة الشهرين، لافتين إلى أن النزاعات بين الملاك والمستأجرين تركزت بشكل أساسي، خلال الفترة الماضية، على إصرار ملاك على رفع القيم الإيجارية، بنسب عالية وغير مبررة.

كما طالبوا بعدم قبول الزيادات الكبيرة، واللجوء إلى لجنة فض المنازعات التي توفد خبراء للتحقق من الإيجارات في المناطق المجاورة، وتحديد قيمة الزيادة وفقاً لذلك.

أقل من شهرين

تشكيل لجان

أصدر سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس دائرة القضاء في أبوظبي، قراراً في أبريل من عام 2010، بتشكيل لجان فض المنازعات الإيجارية في إمارة أبوظبي، وتنظيم الإجراءات المتبعة أمامها، بحيث تختص على وجه الاستعجال بالمنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر، والبت في طلبات الإجراءات الوقتية التي يتقدم بها أي من طرفي العقد.

وتضمن القرار تشكيل اللجان والأعضاء، بحيث يتم تشكيل كل لجنة من لجان فض المنازعات الإيجارية، برئاسة قاضٍ وعضوية ثلاثة من أعضاء السلطة القضائية، أو من ذوي الخبرة المشهود لهم بالحيادية والنزاهة.

ويتقدم الشاكي إلى اللجنة بمستندات أساسية، هي صورة من عقد الإيجار، وصورة من جواز السفر، والأصل والصورة من الوكالة في حالة أن الموكل ينوب عن طرف آخر، إلى جانب سداد الرسوم التي تختلف وفقاً لاختلاف الدعاوى.

وتفصيلاً، قال المستأجر عبدالفتاح زروق إن المالك طالبه، في أول فبراير الماضي، برفع القيمة الإيجارية للوحدة السكنية من 80 إلى 120 ألف درهم، بزيادة 50%، إلا أنه اكتشف عند فحص العقد أن المالك أبلغه خلال فترة تقل عن شهرين من تجديد العقد، ما يعد مخالفاً للقانون، إذ إن تجديد العقد ينبغي أن يتم في نهاية مارس الماضي.

وأوضح أنه رفض الزيادة، إلا أن المالك أصر على الزيادة، بعد أن أخبره بأنه كان مسافراً.

وأضاف: «قمت باستشارة محامٍ في الأمر، فأبلغني بأنه من حقي الرفض، وأنني إذا رفعت دعوى قضائية سأكسبها، لأن رفض تجديد الإيجار خلال فترة تقل عن الشهرين من تجديد العقد يعد الحق الوحيد المكفول لي قانوناً».

بدوره، قال المستأجر أحمد عبدالهادي إن المالك طالبه في 25 فبراير الماضي برفع القيمة الإيجارية للوحدة التي يستأجرها، والمكونة من غرفتين وصالة، من 70 إلى 95 ألف درهم، بنسبة تتجاوز 35%، وعند مراجعة العقد تبين أن التجديد يحين في 15 من أبريل الماضي، أي خلال فترة تقل عن شهرين، ما لا يعطي المالك الحق في طلب الزيادة.

وأوضح أنه رفع دعوى أمام لجنة المنازعات الإيجارية، وجاء الحكم لصالحه، لأن مطالبة المالك جاءت متأخرة عن الفترة القانونية للتبليغ بالزيادة.

من ناحيته، قال المستأجر عادل أيوب إن المالك طالبه بزيادة القيمة الإيجارية للوحدة السكنية التي يستأجرها في منطقة وسط العاصمة بنسبة 112%، إذ يريد رفع سعر الوحدة من 40 إلى 85 ألفاً مرة واحدة، على الرغم من أن البناية قديمة. وقال إنه لا يستطيع دفع هذا المبلغ، وأنه بحث في العديد من البنايات المجاورة فوجد أن الإيجارات سجلت زيادات كبيرة، موضحاً أنه اضطر إلى رفع دعوى أمام لجنة المنازعات الإيجارية بحيث يستمر في دفع القيمة الإيجارية الحالية في المحكمة دون زيادة، وذكر أن لجنة المنازعات بينت له أن رفع دعوى يتيح له دفع الإيجار بقيمته الحالية مدة عام واحد فقط دون تجديد عقد الإيجار، وأنه سيضطر بعد ذلك للانتقال إلى شقة جديدة، وهو قلق من المستويات الإيجارية العالية التي تسود أبوظبي بعد إلغاء سقف الزيادة الإيجارية. وطالب بوضع حد أقصى للزيادات السنوية، بحيث لا يستطيع أي مالك زيادة الإيجارات بنسب كبيرة دون مبرر، وفقاً لرغبته الشخصية ودون مراعاة للمستأجر وإمكاناته.

حق المستأجر

من ناحيته، اعتبر مدير مكتب «خوري للمحاماة»، إبراهيم خوري، أنه ينبغي على المستأجر عدم الرضوخ لطلبات الملاك، الذين يستغل بعضهم ارتفاع الطلب وزيادة الإيجارات بنسب تراوح بين 100 و200%، موضحاً أنه في حالة وجود أي تعسف في استخدام المالك حقه، فينبغي على المستأجرين رفع منازعة أمام لجنة فض المنازعات، أو أمام مكاتب المحاماة المتخصصة في هذا الصدد. ولفت إلى أن المحكمة توفد فريقاً من الخبراء، للتعرف إلى الأسعار في المناطق المحيطة، بحيث تحدد وتصدر قراراً ملزماً في هذا الخصوص. وقال إن «بعض المستأجرين لا يعرفون حقوقهم الخاصة برفض طلبات الزيادة، طالما تمت في فترة شهرين على تجديد العقد للإيجارات السكنية، وثلاثة أشهر لإيجارات الأماكن التجارية»، موضحاً أن «المحكمة تحكم في هذه الحالة لصالح المستأجر للعقار السكني، طالما لم ينذره المالك قانوناً قبل الشهرين».

زيادة في المنازعات

من جانبه، طالب الخبير العقاري، الرئيس التنفيذي لشركة «تسويق» للتطوير والتسويق العقاري، مسعود العور، المستأجرين بعدم التنازل عن حقوقهم، واللجوء إلى لجنة فض المنازعات في حال إصرار الملاك على زيادات إيجارية كبيرة وغير مبررة، ولا تتناسب مع وضع السوق.

ولفت إلى أن «النزاعات الإيجارية زادت بشدة بعد إلغاء سقف الزيادة الايجارية المحدد بنسبة 5%»، مطالباً بوضع سقف ملزم لأطراف العملية الإيجارية، يراعي حالة السوق وأوضاع الملاك والمستأجرين معاً.

القانون مع المالك

بدوره، اتفق الخبير العقاري، المدير التنفيذي لشركة «سكاي لاين» للوساطة العقارية في أبوظبي، نادر حسن، مع ما قاله خوري في ما يتعلق بالفترة القانونية لرفض الزيادة. ولفت حسن إلى أن «عدداً كبيراً من الملاك زادوا الإيجارات بنسبة 25% سنوياً تقريباً، بينما تركز الملاك الذين طالبوا بزيادات كبيرة في الإيجارات زادت على 100% في ملاك البنايات القديمة التي تبلغ إيجاراتها مستويات لا تتناسب مع مواقعها المتميزة والمستويات الإيجارية في البنايات المحيطة، لاسيما في مناطق الخالدية والنادي السياحي والكورنيش»، مشيراً إلى أن «بعض هؤلاء المستأجرين رفعوا منازعات إيجارية، لمواجهة هذه الزيادات الكبيرة».

ولفت إلى أن «القانون حالياً في صف المالك، لأن العرض والطلب هما العامل الذي يتحكم حالياً في الإيجارات، وهناك طلب قوي يقابله معروض قليل».

 رفض الزيادة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/05/8ae6c6c54aa0819a014d1fea43b4066a.jpg

عماد سعيد عثمان. الإمارات اليوم

قال مستشار مكتب الدكتور إبراهيم الملا للمحاماة، عماد سعيد عثمان، إن «معظم شكاوى المستأجرين، والدعاوى القضائية المرتبطة بالإيجارات، تتعلق برفع القيم الإيجارية من جانب الملاك، أو انتهاء الإقامة في الدولة أو النقل لإمارة أخرى، مع رغبة المستأجر في فسخ التعاقد ومطالبته باسترداد ما دفعه للمالك».

ولفت إلى أنه «يحق للمالك رفع القيم الإيجارية من دون أي قيود، إلا أنه لا يحق له وفقاً للقانون أن يفرض على المستأجر زيادة في القيمة الإيجارية في حال إبلاغه المستأجر بقرار الزيادة في فترة تقل عن شهرين من موعد تجديد العقد للوحدات السكنية، وعن ثلاثة أشهر للوحدات التجارية»، موضحاً في هذا الصدد أن هذا هو الحق الوحيد الثابت للمستأجر، وفقاً للقانون الخاص بالإيجارات.

وأشار إلى أن «قانون الإيجارات الأول، الصادر منذ سنوات، كان يعطي للمالك الحق في رفع الإيجار بنسبة 10% سنوياً حداً أقصى، ثم نص القانون التالي على رفع الإيجار بنسبة 5% سنوياً حداً أقصى، ثم سمح القرار الأخير الصادر في عام 2006 بتحديد الزيادة الإيجارية، وفقاً لاتفاق المالك والمستأجر من دون حد أقصى».

وأوضح أنه «في حال إخطار المستأجر، خلال مدة تقل عن شهرين، قبل إنهاء العقد يكون من حق المستأجر قانوناً رفض الزيادة باعتبارها غير قانونية، على أن يتم تجديد مدة العقد بالقيمة الايجارية ذاتها من دون أي زيادة وبالشروط السابقة نفسها».

وطالب عثمان المستأجرين برفض أي زيادات في الإيجارات، حتى لو كانت طفيفة، خلال فترة الشهرين على التجديد، حفاظاً على حقوقهم.

ولفت إلى أنه «في حال كانت هناك مغالاة كبيرة من جانب المالك في الزيادة الإيجارية، يكون من حق المستأجر أن يلجأ إلى لجنة فض المنازعات الإيجارية، للاعتراض على القيمة الإيجارية، باعتبارها تفوق المثل، ويطلب من اللجنة أن تحدد القيمة المناسبة»، مشيراً إلى أن «قرارات اللجنة ملزمة للجميع، ويتم تنفيذها عبر المحاكم المختصة».

وطالب بالعودة إلى وضع نظام يحدد نسب الزيادة الإيجارية سنوياً، لوضع حد للمنازعات التي زادت بشكل كبير، مقارنة بالوضع قبل إلغاء نسب الزيادة.

تويتر