أكدت استمرار تحكم «الوكيل المعتمد» في الأسعار.. و«الاتحاد الاستهلاكي» ينصح بشراء منــتجاته

«تعاونيات»: الاستيراد الجماعي المباشــــر «مجمّد»

منتجات «الاتحاد التعاوني» أكثر جودة وأقل سعراً من المنتجات العالمية. الإمارات اليوم

أكد مسؤولو جمعيات تعاونية كبرى أن مبادرة الاستيراد الجماعي المباشر تحت مظلة «الاتحاد التعاوني الاستهلاكي» تم تجميدها، ولم تشهد أي تفعيل منذ إطلاقها قبل أشهر عدة، ما أدى إلى تحكم «الوكيل المعتمد» أو الموردين في أسعار السلع، واضطرار «التعاونيات» لقبول زيادات الأسعار، كما حدث في بعض أصناف الأرز، والحليب، والمنظفات.

وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن معظم الجمعيات التعاونية في أبوظبي ودبي، تعمل بمفردها، وتستورد بعض السلع بشكل مباشر، بينما لا تتوافر للجمعيات الأخرى القدرة المالية للاستيراد المباشر.

وفي وقت دعا فيه «الاتحاد التعاوني»، المستهلكين إلى شراء المنتجات التي يستوردها، باعتبارها أقل سعراً وأكثر جودة، والتخلي عن شراء علامات تجارية عالمية مرتفعة السعر لخفض الطلب عليها، وبالتالي خفض أسعارها، أكدت وزارة الاقتصاد استعدادها للتدخل، لتذليل أي عقبات تواجه «الاستيراد الجماعي»، وذلك في إطار حرصها على تعزيز مبدأ المنافسة، ومحاربة الاحتكار والاستغلال، وتوفير السلع والخدمات بشكل منتظم، والحد من الارتفاعات غير المبررة في الأسعار.

كيان قوي

تحرير وإلغاء الوكالات التجارية

طرحت جمعيات تعاونية ـ منذ ما يزيد على عام ـ مبادرة للاستيراد الجماعي المباشر، تحت مظلة الاتحاد التعاوني، لتحسين موقفها التفاوضي، خصوصاً في استيراد السلع الأساسية، بهدف خفض أسعارها في السوق المحلية، وذلك بعد الموافقة على تحرير وإلغاء ‬12 وكالة تجارية تشمل المنظفات والمواد الصحية، ومساحيق الغسيل، والمواشي الحية، وجميع منتجات الألبان، والدهون والزيوت، والعسل، والبيض، والعصائر بأنواعها، وملح الطعام بأنواعه، والفوط النسائية، والخميرة، ومياه الشرب بأنواعها، والعلف الحيواني بجميع أنواعه.

وتُعد هذه القائمة الثانية التي يوافق عليها مجلس الوزراء لتحرير الوكالات التجارية، بعد أن وافق عام ‬2005 بموجب القرار رقم (‬1/‬538)، على تحرير ‬15 وكالة تجارية تتعلق بسلع: الحليب المجفف والمكثف، والخضراوات المجمدة والمعلبة، وأغذية وحليب أطفال، والدجاج، وزيت الطعام، والأرز، والطحين، ومنتجات الأسماك، واللحوم ومنتجاتها، والشاي والبن، والأجبان، والمعجنات والشعيرية والمعكرونة، والسكر، وحفاضات الأطفال.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/06/02200012315.jpg

وتفصيلاً، قال نائب المدير العام لـ«جمعية أبوظبي التعاونية»، فيصل العرشي، إن «مبادرة الاستيراد الجماعي تحت مظلة (الاتحاد التعاوني الاستهلاكي) تم تجميدها، ولم تُفعّل إلى الآن، على الرغم من المزايا العديدة المنتظرة منها حال تفعيلها».

وعبر العرشي عن أسفه لعدم وجود ما سماه الروح الجماعية التي تدفع إلى تحريك هذه المبادرة، لافتاً إلى أن كل جمعية ترغب في العمل بمعزل عن بقية الجمعيات.

وأضاف أن «الاستيراد الجماعي من قبل ‬90 جمعية تعاونية وفروعها، خطوة تصب في مصلحة المستهلكين، إذ إنها تؤدي إلى خفض أسعار السلع والمنتجات المستوردة، وتقوي موقف (التعاونيات) في الحصول على أسعار أفضل عبر عمليات التفاوض مع الموردين الكبار».

وشدد العرشي على أهمية تأسيس كيان قوي قادر على المنافسة، من خلال دمج الجمعيات في شركة عملاقة لها فروع في كل إمارة، مؤكداً أن ذلك يساعد على التوسع داخلياً بشكل أكبر، وتوفير وظائف جديدة سواء في الإدارة العليا، أو الوظائف الأخرى، فضلاً عن إمكانية تعاون الجمعيات الخليجية مستقبلاً، وتنفيذ عمليات استيراد جماعي على مستوى دول الخليج ككل.

فشل الاستيراد

لفت العرشي إلى استمرار فشل الجمعيات في عمليات استيراد العلامات التجارية العالمية، على الرغم من قرار وزارة الاقتصاد بإلغاء الوكالات التجارية على سلع رئيسة، وفتح باب الاستيراد المباشر من الخارج للعديد من السلع الرئيسة، مشيراً إلى فشل محاولات استيراد حليب بودرة «نيدو»، نظراً إلى وجود قانون الوكالات التجارية، وحق الوكالات المسجلة في الدولة تقديم شكوى، باعتبار أن العلامة مسجلة باسم وكيل معين.

وأفاد بأن «(التعاونيات) بعد رفض الشركات الكبرى التعامل معها، لجأت إلى السوق، لكنها وجدت أن السعر سيكون مماثلاً، إن لم يكن أعلى ـ في حالات ـ من السعر الذي يباع عن طريق الوكيل، ولذلك، توقفت هذه المحولات، باعتبارها عديمة الجدوى بالنسبة للمستهلكين».

احتكار المورد

من جانبه، قال المدير العام لجمعية تعاونية كبرى، فضل عدم ذكر اسمه، إن «مبادرة الاستيراد الجماعي تجمدت تماماً، ولم تشهد أي خطوات ملموسة لإحيائها»، ما أدى إلى تحكم كبار المستوردين في الجمعيات، ورفع أسعار بعض المنتجات الرئيسة.

وأضاف أن «الجمعية قدّمت طلبات عدة للاستيراد الجماعي، إلا أنه لم تتم الاستجابة لها»، مستعرضاً تجربة الجمعية في معارضتها شركة كبرى موردة لنحو ‬1000 صنف، رفع أسعار التوريد، ما دفع الجمعية إلى حجب سلع تلك الشركة عن أرفف العرض، وبقيت الجمعية وحيدة في موقفها، حتى تراجعت عنه، بعد شكاوى المستهلكين من عدم توافر تلك الأصناف.

وأفاد بأن الجمعية كانت تستورد بعض العلامات العالمية من بلد المنشأ، وكانت تدفع مقدماً ثمن المشتريات، لكن الشركة المنتجة رفضت بعد ذلك، بذريعة أنها ستصدر عن طريق الوكيل فقط، ما اضطر الجمعية إلى استيراد علامات تجارية غير مشهورة.

ورأى المصدر أن الاستيراد الجماعي يؤسس لكيان قوي من «التعاونيات»، فضلاً عن إمكانية التفاوض بشكل أفضل، وشراء منتجات من علامات تجارية عالمية من دون تحكم الوكلاء في الأسعار.

إلى ذلك، اتفق مدير شؤون التجزئة في «جمعية الظفرة التعاونية»، علي عبدالفتاح، مع نظيريه على عدم وجود أي عمليات استيراد جماعي من قبل الجمعيات التعاونية، لافتاً إلى أن ما تحصل عليه الجمعيات عبر «الاتحاد التعاوني» سلع يستوردها «الاتحاد» منذ سنوات تحت اسم «التعاون».

وقال إن «تجارب الاستيراد الفردي للعلامات العالمية لم تنجح، نظراً إلى أن سعر الاستيراد أعلى من السعر الذي يبيع به الوكيل المحلي، وقد يزيد على الضعف في بعض الأحيان».

وشدد على أن «عمليات الاستيراد الجماعي أفضل بكثير من (الفردية)، نظراً إلى أن المنتجات تحتاج إلى برامج تسويق كبيرة، فضلاً عن عمليات تخزين، من الصعوبة أن تنفذها الجمعيات منفردة»، مرجحاً أن يخفض الاستيراد الجماعي، أسعار السلع بنسب تزيد على ‬30٪.

موزع حصري

من جانبه، قال مدير المشتريات في «جمعية الاتحاد التعاونية»، شوقي درويش، إن «كل جمعية تطبق سياستها الخاصة باستيراد منتجاتها من الخارج»، لافتاً إلى أن الاستيراد الجماعي يخفض الأسعار في السوق، ويصب في مصلحة المستهلكين». ودعا إلى توقيع عقود للاستيراد الجماعي تحت مظلة «الاتحاد التعاوني الاستهلاكي»، للحصول على نسب خصم أفضل، عندما تبرز الجمعيات قوة شرائية كبيرة في السوق العالمية.

وأوضح درويش أنه «لم تتم الاستفادة بشكل كبير من مبادرة وزارة الاقتصاد بإلغاء الوكالات التجارية للعديد من السلع، نظراً إلى وجود عقود موقعة بالفعل بين شركات عالمية ووكلاء موزعين حصريين، وبالتالي فإنه حتى إذا نجحنا في الاستيراد بأسعار تنافسية ـ وهي مسألة صعبة ـ فإننا لن نستطيع التوزيع والتسويق، لأن صاحب العلامة التجارية هو الموزع الحصري في الدولة، وأحياناً في منطقة الخليج ككل».

وذكر أن «العديد من الجمعيات حاولت استيراد منتجات من علامات تجارية عالمية، مثل الحليب والأرز والمنظفات، وكان الرد أن هناك وكيلاً حصرياً للشراء والتسويق في الدولة، ما اضطر (الاتحاد التعاوني) إلى استيراد منتجات بالتعاون مع شركات محلية، ووضع علامته عليها، للخروج من هذا الموقف».

سوق مفتوحة

بدوره، قال رئيس الاتحاد التعاوني الاستهلاكي، ماجد رحمة الشامسي، إن «عمليات الاستيراد مقصورة حالياً على استيراد منتجات عالمية، وتسويقها باسم (التعاون)»، لافتاً إلى أن الجمعيات الكبرى في أبوظبي ودبي تستورد بشكل مباشر، في وقت لا تملك فيه الجمعيات الأخرى القدرة المالية على الاستيراد المباشر بمفردها.

وأضاف أن «وجود وكلاء وموزعين، يمنع نجاح الاستيراد الجماعي المباشر»، مشيراً إلى أن قرار وزارة الاقتصاد بإلغاء وكالات سلع عدة، فتح باب الاستيراد من أي دول أخرى، ما يمكن الجمعيات من الاستيراد من دول الخليج مثلاً، إلا أنه لا توجد ميزة لذلك حالياً، نظراً إلى أن الأسعار ستكون قريبة من مثيلاتها داخل الدولة.

وأكد أن «سوق الإمارات، وباب الاستيراد للعديد من المنتجات، مفتوحان، ما يمكّن للجمعيات والمنافذ أن تبرم اتفاقات للاستيراد تحت اسماء مغايرة، مثلما يفعل (الاتحاد التعاوني)».

ووصف الشامسي المنتجات التي يستوردها «الاتحاد التعاوني» بأنها أكثر جودة، وأقل سعراً من المنتجات العالمية التي تحمل أسماء علامات تجارية عالمية، موضحاً أن حليب «نيدو» على سبيل المثال، يباع في أسواق الدولة بـ‬66 درهماً، بينما يباع حليب «التعاون» المعبأ بالاتفاق مع الشركة المنتجة نفسها بـ‬50 درهماً.

ودعا الشامسي المستهلكين إلى شراء هذه المنتجات، مؤكداً أن الاتحاد يتحقق من جودة منتجاته، بعد فحصها في مختبرات ذات مواصفات عالمية.

الوكيل المعتمد

أما مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، الدكتور هاشم النعيمي، فأكد لـ«الإمارات اليوم»، أن «الوزارة تشجع الجمعيات التعاونية ومنافذ البيع على الاستيراد الجماعي المباشر، وهي على استعداد لتذليل أي عقبة تحول دون اتمامه، وتحديداً قبل شهر رمضان المقبل، لضمان توفير أسعار فضلى للمستهلكين». وقال إن «هدف الوزارة من تحرير استيراد العديد من السلع الأساسية، كان زيادة قدرة الموردين، خصوصاً الجمعيات التعاونية، ومنافذ البيع الكبرى، على الاستيراد المباشر بعيداً عن احتكار المورد الأصلي، أو ما يعرف بـ(الوكيل المعتمد)، ما يؤدي إلى خفض أسعار هذه السلع في السوق».

وأوضح أن «قرار إلغاء الوكالات سيفتح المجال أمام إدخال سلع مماثلة موجودة في أسواق دول مجاورة بأسعار أقل، ما يضطر التاجر أو المورد إلى خفض أسعارها محلياً، حتى لا يخسر المتعاملين معه الذين ستتاح لهم حرية الاختيار، والإقبال على السلع المستوردة البديلة».

ولفت إلى أن «الوزارة تحرص على تشجيع الاستيراد المباشر في إطار تعزيز مبدأ المنافسة في أسواق الدولة، ومحاربة الاحتكار والاستغلال بكل أشكاله، وحماية المستهلك وتوفير السلع والخدمات بشكل منتظم، والحد من الارتفاعات غير المبررة في الأسعار».

تويتر