محللون: «المضاربة السريعة» لم تعد استراتيجية مناسبة للاستثمار حالياً

التراجع النسبي في الأسهم «تصحيح» لـم يقلق المستثمرين

خسارة الأسهم ‬13 مليار درهم لم تثر مخاوف المستثمرين ولا تدعو للقلق. تصوير: أحمد عرديتي

أجمع محللون ماليون على أن التراجع النسبي الذي حدث في مؤشرات أداء أسواق الأسهم المحلية، يعد أمراً طبيعياً، ونوعاً من التصحيح المطلوب، في ظل ارتفاعات قياسية حققتها الأسهم، وأدت إلى عودة المؤشرات للمستويات التي كانت عليها قبل الأزمة.

وذكروا لـ«الإمارات اليوم»، أن تلك التراجعات والخسائر للقيمة السوقية لم تثر مخاوف المستثمرين، ولا تدعو للقلق، إذ حدثت عمليات شراء من جديد، ما يدل على ثقة المستثمرين في أساسات السوق.

وأوضحوا أن عمليات جني أرباح حدثت بشكل متدرج، وأدت إلى خسارة سوق الإمارات خلال أربع جلسات نحو ‬13 مليار درهم من قيمته السوقية.

وأكد المحللون أن «المضاربة السريعة» لم تعد الاستراتيجية المناسبة للاستثمار حالياً، بل تحولت إلى التمسك بالأسهم، لأنها الحصان الرابح بين البدائل الاستثمارية المتاحة، لاسيما أن أسعارها لن تعود إلى ما كانت عليه في السابق، لافتين إلى أن عمليات البيع التي حدثت خلال الأسبوع جاءت بسبب رغبة بعض المستثمرين في تسييل جزء من محافظهم الاستثمارية وجني أرباح بغرض الدخول في الاكتتاب الجديد بأسهم زيادة رأسمال شركة «أرابتك» البالغة قيمتها نحو ‬1.6 مليار درهم.

جني أرباح

وتفصيلاً، قالت المحللة المالية، مها كنز، إن «سوق الإمارات بدأ أولى جلسات التداول في الأسبوع على نشاط مواصلة ارتفاعه الذي بدأه مايو الجاري، ليصل إجمالي مكاسب السوق إلى حدود ‬46.5 مليار درهم».

وأضافت أن «مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية تجاوز ‬3500 نقطة، كما قفز مؤشر سوق دبي المالي إلى مستوى ‬2350 نقطة، وبات قريباً جداً من أعلى مستوياته منذ الأزمة العالمية».

وأكدت أن «أسهم الشركات العقارية تألقت في السوقين في تلك الجلسة، ففي سوق أبوظبي سجل سهما شركتي (الدار) و(صروح) العقاريتين ارتفاعات بالحد الأقصى، فيما وصل سهم (إعمار) في سوق دبي المالي إلى حاجز ستة دراهم، فضلاً عن تسجيل سهمي (بنك دبي الإسلامي) و(تمويل) قفزات قوية بعدما أعلن في نهاية الأسبوع السابق عن تثبيت مؤسسة (موديز) تصنيفاتهما الائتمانية الطويلة الأجل، مع تعديل النظرة المستقبلية إلى (مستقر) و(إيجابي) على التوالي، بعدما وضعتها (قيد المراجعة) في أواخر عام ‬2012».

وأوضحت أن «تلك الجلسة (الأحد) كانت آخر جلسات رحلة صعود السوق، إذ بدأت بعدها عمليات جني أرباح بشكل متدرج يوم الاثنين، ثم ازدادت حدتها في نهاية الأسبوع، ليخسر السوق خلال تلك الجلسات الأربعة نحو ‬13 مليار درهم».

وشددت كنز على أن «تلك التراجعات والخسائر للقيمة السوقية لم تثر مخاوف المستثمرين، إذ حدثت عمليات شراء من جديد، عقب عمليات البيع لجني الأرباح قبل انتهاء الجلسة أو خلال الجلسة التالية»، معتبرة أن «مثل هذا الأمر يدل على ثقة المستثمرين بأساسات السوق، وتالياً لم تعد (المضاربة السريعة) هي الاستراتيجية المناسبة للاستثمار حالياً، بل تحولت إلى التمسك بالأسهم، لأنها الحصان الرابح بين البدائل الاستثمارية المتاحة، لاسيما أن أسعارها لن تعود إلى ما كانت عليه في السابق».

وأرجعت كنز زيادة حدة عمليات البيع نسبياً في الجلسات الأخيرة من الأسبوع الماضي إلى تزامن عمليات البيع مع نشر دعوة شركة (أرابتك) مساهميها للاكتتاب في أسهم الزيادة، والبالغة قيمتها نحو ‬1.6 مليار درهم»، مشيرة إلى رغبة بعض المستثمرين في تسييل جزء من محافظهم الاستثمارية، وجني الأرباح بغرض الدخول في هذا الاكتتاب الجديد».

وذكرت أن «من أسباب عمليات البيع أيضاً، ما تعرضت له الأسواق اليابانية من هبوط يعد الأسوأ منذ مارس ‬2011، الذي تجاوز ‬7٪ في (مؤشر نيكاي) في جلسة الخميس، وذلك إثر ما نشر من بيانات تفيد بانكماش نشاط المصانع الصينية للمرة الأولى منذ سبعة أشهر في مايو، إضافة إلى ارتفاع عائدات السندات اليابانية».

تصحيح طبيعي

من جهته، قال المحلل المالي، خالد درويش، إن «تراجع أداء أسواق الأسهم المحلية في نهاية الأسبوع يعد أمراً طبيعياً في ظل الارتفاعات القياسية التي حققتها مؤشرات الأداء، لاسيما في سوق دبي المالي الذي وصلت نسبة ارتفاعه منذ بداية العام إلى ‬45٪».

وأضاف أن «عمليات جني أرباح أدت إلى حدوث تراجع طفيف في المؤشر، ما يماثل التصحيح الذي حدث في مارس الماضي، وأعقبه ارتداد المؤشر إلى مستويات أعلى».

واعتبر درويش أن «استمرار مؤشر سوق دبي فوق مستوى ‬2000 نقطة يعد دلالة واضحة على أن السوق يمر بدورة صعود جديدة (موجة ثالثة) قد تستمر خلال السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة، ما يعني ارتفاعات على المديين المتوسط والطويل، حتى إن تخللها انخفاضات على المدى القصير».

وأوضح أن «عوامل عدة أسهمت في هذا الصعود، كان أهمها التغلب على مشكلة المديونية في كثير من الشركات، فضلاً عن تمكن البنوك من سداد أموال الدعم الحكومي الذي حصلت عليه قبل سنوات، ما منحها قوة في الإقراض، انعكست على تحريك الأسواق، بما فيها الأسواق التجارية وأسواق العقارات والأسهم».

وتوقع درويش أن «تشهد أسواق الأسهم في فترة الصيف حالة من الهدوء في التداولات، مع ميل للتراجع قياساً بما حدث في الأعوام الماضية»، لافتاً إلى أن «الارتفاعات التي حدثت في الصيف الماضي كانت استثنائية وجاءت بسبب تحسن الأوضاع الاقتصادية العامة، خصوصاً قطاعات العقارات والفنادق، ونمو أرباح الشركات، فضلاً عن أن الأسهم كانت تتداول بمستويات سعرية متدنية غير طبيعية».

موجة تصحيح

بدورها، ذكرت المحللة المالية في شركة «الوسيط المباشر» للخدمات المالية، ياسمين إبراهيم، أن «مؤشر سوق أبوظبي أنهى تعاملات الأسبوع منخفضاً بنسبة ‬1.5٪ (‬53.8 نقطة)، ليغلق على ‬3460.36 نقطة في موجة من التصحيح، بعد ارتفاعات استمرت أسبوعين متتاليين، بينما استطاع المؤشر العام لسوق دبي المالي أن يستكمل حركته التصاعدية مرتفعاً بنسبة ‬0.4٪ (‬9.6 نقطة)، لينهي تداولات الأسبوع عند مستوى ‬2305.62 نقطة». وأضافت أن «الأسهم العقارية في سوق أبوظبي عكست حركة السوق، بقيادة سهم (الدار) الذي ارتفع بنسبة ‬11.8٪ ليغلق عند ‬1.9 درهم، ما يعكس ثقة المستثمرين بالطفرة العقارية والإنشائية التي تشهدها الإمارة حالياً».

أخبار إيجابية

وأوضحت أنه «في ما يتعلق بسوق دبي، فقد فازت شركة (دريك آند سكل للإنشاءات)، ذراع المقاولات العامة التابعة لشركة (دريك آند سكل إنترناشيونال) بعقد عقاري بلغت قيمته ‬1.72 مليار ريال سعودي».

وأكدت أن «من الأخبار التي تم إعلانها توقيع شركة (العربية للطيران) اتفاقية تمويل بقيمة ‬350 مليون دولار لتمويل شراء ‬10 طائرات جديدة».

ونبهت إلى أن «سهم أرابتك تراجع خلال الأسبوع ليصل إلى ‬2.37 درهم في نهاية تداولات يوم الثلاثاء بعد إضراب العاملين في الشركة عن العمل الأحد الماضي لدعم مطالبهم بزيادة الرواتب»، لافتة إلى أن «الشركة أكدت عودة عمالها إلى العمل من دون أي تأثيرات في سير مشروعاتها، ليرتفع السهم خلال جلسة الخميس إلى ‬2.41 درهم، وينهي الأسبوع دون تغيير يذكر».

وذكرت إبراهيم، أن «من أهم الأحداث الاقتصادية هذا الأسبوع إعلان المركز الوطني للإحصاء التقديرات الأولية للمؤشرات الكلية للدولة لعام ‬2012، التي أظهرت نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة إلى نحو ‬1.025 تريليون درهم، مقارنة بـ‬982.7 مليار درهم بنهاية عام ‬2011، محققاً نمواً يقدر بـ‬4.4٪ مع نهاية عام ‬2012».

وأوضحت أن «مركز الإحصاء ذكر أيضاً أن أسعار المستهلك في الدولة (التضخم) شهدت استقراراً نسبياً خلال أبريل ‬2013، إذ سجلت انخفاضاً طفيفاً قدره ‬0.02٪ مقارنة بمارس ‬2013، وتراجع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك إلى ‬117.36 مقارنة بـ‬117.38 خلال مارس السابق»،

ولفتت إلى أن «وزارة الاقتصاد أكدت أنه لا مخاوف من تسجيل معدل كبير للتضخم في الدولة خلال العام الجاري، وتوقعت الوزارة ألا تتجاوز نسبته ‬1.5٪ على أقصى تقدير»، مشيرة إلى أن «مدير الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي مسعود أحمد، صرح بأن اقتصاد دبي يواصل تعافيه، وستكون الإمارة قادرة على ملاقاة استحقاقات ديونها دون مشكلات».

تويتر