خبراء يدعون إلى إطلاق مشروعات جديدة وإسنادها إلى شركات وطنية مـع إعادة النظـر في قوانـــين الرقابة والتمويل

الشحي: الاقتصاد الوطني يواصل أداءه المتوازن العام الجاري

ميناء خليفة أحد أهم إنجازات الإمارات في عام ‬2012. تصوير: إريك أرازاس

توقعت وزارة الاقتصاد أن ينمو الاقتصاد الإماراتي بنسبة تراوح بين ‬3.5 و‬4٪ خلال عام ‬2013، مشيرة إلى أنه من المنتظر أن يصل الناتج المحلي للدولة إلى ‬378 مليار دولار (نحو ‬1.39 تريليون درهم) خلال العام نفسه، مقابل نحو ‬363.4 مليار دولار (‬1.33 تريليون درهم) العام الماضي.

وأفادت الوزارة بأن الاقتصاد الوطني سيواصل أداءه المتوازن العام الجاري، ويؤكد مكانته كأحد أفضل الاقتصادات في العالم، مدعوماً بقيادة عدد من القطاعات غير النفطية، في مقدمتها الصناعة والسياحة والخدمات والتجارة (بشقيها، الداخلية والخارجية)، مع عودة القطاع العقاري إلى الانتعاش.

من جانب آخر، طالب خبراء اقتصاديون بإعادة النظر في القوانين التي تحكم القطاع المصرفي، خصوصاً ما يتعلق منها بالرقابة المالية والرقابة على البنوك المحلية والأجنبية، وسن تشريعات جديدة تتعلق بالسيولة والإقراض، ودعم الملاءة المالية للبنوك.

ودعوا إلى إطلاق مشروعات جديدة خلال العام الجاري، وإسناد هذه المشروعات للشركات الوطنية والمحلية، وإنشاء بنك لتمويل المشروعات الصغيرة، وتفعيل قانون المشروعات الصغيرة بتخصيص نسبة من المشتريات الحكومية للمشروعات الصغيرة.

وأكدوا تفاؤلهم بالاقتصاد الإماراتي خلال العام الجاري، موضحين أن عام ‬2012 كان عاماً صعباً شهد العديد من التحديات.

الناتج المحلي

المشروعات الصغيرة

طالب الباحث الإماراتي، رياض خليل مطر، بزيادة قنوات التمويل المتاحة أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال إنشاء بنك لتمويلها، وتفعيل قانون المشروعات الصغيرة، عبر تخصيص نسبة من المشتريات الحكومية لمنتجات وخدمات هذه المشروعات.

ودعا مطر إلى البدء في تدريس الطلاب في الجامعات ريادة الأعمال، لتكوين جيل من المواطنين القادرين على إقامة اقتصاد وطني قوي وقادر على تحقيق الاستدامة.

وذكر أن «أهم الاخفاقات التي لاتزال تواجه أصحاب المشروعات الصغيرة تتمثل في وجود قائمة انتظار طويلة للغاية تضم آلافاً من الذين ينتظرون الحصول على القروض، فضلاً عن تنامي صعوبات تسويق منتجات المشروعات الصغيرة، إذ لاتزال تعاني المشروعات الصغيرة عدم وجود قنوات لتسويق منتجاتها، خصوصاً للمشروعات الحكومية، إذ إن تطبيق قانون إعطاء أولوية للمشروعات الصغيرة لايزال محدوداً للغاية».

ولفت إلى أن «المشروعات الصغيرة لاتزال تعاني منافسة غير متكافئة مع الشركات الكبيرة الوطنية وغير الوطنية، لأن القانون غير مفعل حتى الآن، ولا يتم تطبيق الأفضلية للمشروعات الصغيرة».

وذكر أن «المشروعات الصغيرة لاتزال تواجه معضلة غياب الحلول التمويلية المناسبة في ضوء ارتفاع الفوائد والمطالبة بضمانات متشددة للغاية».

واعتبر مطر أن «عام ‬2012 كان عاماً جيداً بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إذ انتهت وزارة الاقتصاد من صياغة مشروع القانون الخاص بهذه المشروعات، وهو قانون يشجع المواطن على أن ينشئ مشروعه الخاص، كما توسع صندوق خليفة في تقديم خدماته في مختلف إمارات الدولة، ما حل مشكلة كبيرة كانت تواجه الشباب في الإمارات الشمالية، لعدم وجود مؤسسات تمول مشروعاتهم».

وقال إن «صدور قانون الإفلاس من أهم إنجازات عام ‬2012، إذ يعد عاملاً مهماً في نجاح المشروعات الصغيرة، لأنه يوفر الحماية لصاحب المشروع في حالة الإفلاس».

وتفصيلاً، قال وكيل وزارة الاقتصاد، محمد بن عبدالعزيز الشحي، إنه من المنتظر أن ينمو الاقتصاد الإماراتي بنسبة تراوح بين ‬3.5 و‬4٪ خلال عام ‬2013، حسب توجهات أسعار النفط والأوضاع السياسية والاقتصادية الإقليمية والعالمية، مدعومة بتوقعات صندوق النقد الدولي، وأن يصل الناتج المحلي الاسمي للدولة إلى ‬378 مليار دولار، مقابل نحو ‬363.4 مليار دولار في عام ‬2012، و‬339 مليار دولار (‬1.24 تريليون درهم) في ‬2011».

وأضاف الشحي، في تصريحات لـ«الإمارات اليوم» حول توقعات الاقتصاد الإماراتي عام ‬2013، أن «الاقتصاد الوطني سيواصل أداءه المتوازن العام الجاري، معززاً دوره في مسيرة التنمية المستدامة الشاملة التي تشهدها الدولة، ومؤكداً مكانته كأحد أفضل الاقتصادات في العالم، خصوصاً أن عام ‬2012 شهد تحولاً جوهرياً في أداء الاقتصاد الوطني، الذي أصبح أكثر استقراراً وأكثر قدرة على النمو، بدعم من عدد من القطاعات غير النفطية، يأتي في مقدمتها الصناعة والسياحة والخدمات والتجارة (بشقيها، الداخلية والخارجية)، مع عودة القطاع العقاري إلى الانتعاش».

ولفت إلى أن «اقتصاد الإمارات قادر على تحقيق المزيد من الإنجازات النوعية خلال العام الجاري، في ظل المرونة العالية التي يتمتع بها تجاه التحديات المالية إقليمياً ومحلياً، كما أنه يستطيع قطع المزيد من الخطوات على طريق تنويع مصادر الدخل، خصوصاً في ظل الاستقرار السياسي والأمني، الذي تتمتع به الدولة، ما جعلها ملاذاً آمنا للاستثمارات ومباشرة الأعمال»، مشيراً إلى أنه «من المنتظر أن يزداد دور قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأن تتعزز مكانته خلال العام الجاري بصورة مستمرة، في ظل الاهتمام الذي يشهده القطاع على أعلى المستويات».

وقال الشحي إن «هناك تفاؤلاً كبيراً بمستقبل الاقتصاد الإماراتي العام الجاري بعد أن تمكّن من مقاومة التيار السلبي للاقتصاد العالمي، والسير قدماً على طريق النمو من دون التأثر كثيراً بما يدور على المستوى الخارجي، ما يدل على أن اقتصاد الدولة يمتلك من المقومات والمحركات ما يساعده على مواصلة النمو الذاتي والحدّ من الآثار السلبية للتحديات الاقتصادية الخارجية»، منوهاً بأن «العديد من التقارير الاقتصادية المتخصصة الصادرة عن مؤسسات وجهات دولية مرموقة أجمعت على أن اقتصاد الإمارات اقتصاد قوي ومتنوع ومحصّن ضد المخاطر الاقتصادية العالمية المحيطة به».

وأشار إلى أن «الإمكانات الذاتية هي التي استطاعت أن تجنب الاقتصاد الوطني مشكلات التعثر المالي وتحديات تباطؤ الاقتصادات حول العالم سنوات عدّة، كما ساعدته على تحييد الآثار السلبيّة لتداعيات هذه الظروف الاقتصادية العالمية غير المواتية على الأوضاع الداخلية، إضافة إلى السياسات المتبعة في الدولة التي تعطي الأولوية لضمان استدامة النمو الاقتصاديّ الحقيقي».

وأوضح في هذا الصدد أن «هناك ثقة عالمية بقدرة الاقتصاد الإماراتيّ على ضمان استدامة نموه، والإسهام بفاعليّة في دعم النمو الاقتصادي العالمي، وتعتزم وزارة الاقتصاد مواصلة دورها في تعزيز مكانة الاقتصاد الوطني، وصولاً إلى اقتصاد معرفي تنافسي ومتنوع بكفاءات وطنية، وتعزيز سياسة التنوع الاقتصادي والارتقاء بالاقتصاد الوطني إلى مستوى التنافسية العالمية».

تخطي «الأزمة»

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد البنا، أن «من أبرز إنجازات الاقتصاد الإماراتي خلال عام ‬2012 نجاحه في تخطى الأزمة المالية العالمية، التي أصابت جميع الدول، إذ استطاع الاقتصاد أن يتخطى الأزمة بأقل قدر من الخسائر والتأثيرات السلبية، بل استطاعت قطاعات عدة الاستفادة من الأزمة، مثل السياحة وخدمات الأعمال والتجارة وإعادة التصدير ولم تتأثر سلباً بشكل مباشر».

وأوضح أن «إنجاز عدد المشروعات التنموية الكبرى، مثل ميناء خليفة، والإعلان عن مدينة محمد بن راشد، فضلاً عن المشروعات الرئيسة الكبرى في العديد من الإمارات الأخرى، مثل خط أنابيب أبوظبي الفجيرة، تعد مؤشراً واضحاً إلى التعافي المتنامي للاقتصاد المحلي، على اعتبار أن العديد من دول العالم لم تستطع تحقيق إنجازات تنموية ملموسة في ظل الظروف الإقليمية والدولية الصعبة».

وأشار البنا إلى أن «الوضع المالي العالمي، خصوصاً الأزمات الاقتصادية التي لاتزال تعصف بالولايات المتحدة وأوروبا، يمثل تحدياً بارزاً للاقتصاد الإماراتي خلال العام الجاري، إذ من المتوقع أن تكون لهذه الأزمات تأثيرات كبيرة فيه، خصوصاً في قطاع المصارف وأسواق المال في الدولة، على اعتبار أن الإمارات جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، وأن الإمارات منفتحة على هذه الاقتصادات، وبالتالي تتأثر بها إيجاباً وسلباً بشكل كبير». وطالب البنا بإعادة النظر في القوانين التي تحكم القطاع المصرفي، خصوصاً ما يتعلق منها بالرقابة المالية، والرقابة على البنوك المحـلية والأجنـبية، وسـن تشريعات جديدة تتعلق بالسيولة والإقراض، ودعم الملاءة المالية للبنوك والشركات الخاصة، فضلاً عن سن تشريعات تخص الفوائد المركبة.

مشروعات جديدة

من جهته، دعا الخبير الاقتصادي المدير العام لشركة «تروث» للدراسات الاقتصادية، رضا مسلم، إلى إطلاق مشروعات جديدة خلال عام ‬2013، وذلك لتشغيل القطاعات الاقتصادية المختلفة والمواطنين في مختلف المجالات، وإعطاء دفعة لقطاعات المقاولات والتشييد والبناء بصفة خاصة.

وطالب مسلم بأن يكون إسناد هذه المشروعات الجديدة للشركات الوطنية والمحلية، موضحاً أن «القيمة المضافة للمشروعات التي تم تنفيذها خلال الفترة الماضية لم تكن كبيرة، ولم تعط الأثر المرجو منها على القطاعات الاقتصادية، على اعتبار أن معظم الشركات المنفذة شركات أجنبية استوردت معداتها وجانباً كبيراً من عمالتها من الخارج».

وقال مسلم إن «الركود تتبعه عادة فترة نشاط، وهو ما يتوقع حدوثه خلال العام الجاري، خصوصاً في ظل قطاع مالي ومصرفي قوي، إذ يوجد فارق كبير بين الودائع والقروض يفوق ‬60 مليار درهم، فضلاً عن توافر السيولة»، داعياً إلى توجيه السيولة إلى مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، وتنفيذ توجيهات قيادة الدولة بالاهتمام بقطاعات الزراعة والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة عن طريق صندوق خليفة لتطوير المشاريع، وصندوق محمد بن راشد لدعم وتمويل مشاريع الشباب».

وشدد مسلم على أن أبرز إنجازات عام ‬2012 تمثل في الإعلان عن وضع أسس محطات الطاقة النووية، وبدء تنفيذ قطار الاتحاد، والإعلان عن الجدول الزمني لتطوير المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات وطريق أبوظبي ـ دبي، فضلاً عن الإعلان عن مدينة محمد بن راشد الجديدة.

ولفت إلى أن «عام ‬2012 كان صعباً على الاقتصاد المحلي، إذ لم يتم البدء بتنفيذ مشروعات جديدة في الدولة، إنما التركيز على استكمال المشروعات التي طرحت من قبل».

 تحديات وإنجازات

بدوره، قال الخبير الاقتصادي الأستاذ في جامعة الإمارات، الدكتور محمد العسومي، إن «هناك تحديات عدة تواجه الاقتصاد الإماراتي، ترتبط بأزمة منطقة اليورو والاقتصاد الأميركي»، موضحاً أنه «إذا استمر الوضع الاقتصادي على ما هو عليه في الولايات المتحدة وأوروبا فلن يكون هناك أي تأثير في الاقتصاد الإماراتي، لكن في حالة تدهور الأوضاع الاقتصادية هناك، فسيكون هناك تأثيرات طفيفة في اقتصاد الدولة، نظراً لارتباطه بالاقتصاد العالمي ككل».

واعتبر العسومي أن «الاقتصاد الإماراتي استطاع خلال عام ‬2012 إحداث تطور كبير في بنيته التحتية، وعلى رأسه افتتاح ميناء خليفة، واستكمال المبنى الجديد في مطار دبي، إلى جانب البدء في المرحلة الأولى من قطار الاتحاد، والبدء في وضع أساسيات برنامج الطاقة النووية».

وقال إن «نجاح الاقتصاد الإماراتي في تحقيق نسبة نمو راوحت بين ‬4 و‬4.5٪ عام ‬2012 يؤكد قوة الاقتصاد، لأنه نجح في تحقيق هذه النسبة المرتفعة على الرغم من الظروف الإقليمية والدولية الصعبة، ما يشير إلى أن عام ‬2013 سيكون عاماً جيداً للنمو الاقتصادي، خصوصاً في ضوء استقرار أسعار النفط حول معدلات مرتفعة وتطور القطاعات غير النفطية»، متوقعاً أن ينمو الاقتصاد المحلي بنسبة تصل ‬5٪ تقريباً.

تويتر