اعتبروا «براءة الذمة» غير كافية.. و«المركزي» يؤكد كفايتها وحمايتها للمتعامـل من أي مطالبات مستقبلية

قانونيون يُحذّرون من عدم استـرداد شيكات ضمان التمويلات المصرفية

«المركزي» يؤكد أن شهادة براءة الذمة كافية وتحمي المتعامل قانونياً في حال عدم استرداد شيك الضمان. تصوير: مصطفى قاسمي

حذر قانونيون، المتعاملين مع المصارف، من تجاهل استرداد شيكات الضمان، بعد سداد كامل التزاماتهم المالية للمصارف، والاكتفاء بالحصول على شهادة براءة ذمة.

وأضافوا أن المصارف تفتح في حالات وعن طريق الخطأ، بلاغات بحق متعاملين، ليفاجأوا بمنعهم من السفر، وينتهي الأمر باعتذار من المصرف.

وأوضحوا أن شيك الضمان «عُرف» وضمانة، تفرضها المصارف على المتعاملين معها، لضمان التزامهم بسداد المبالغ المستحقة عليهم، مؤكدين عدم وجود تفويض قانوني بإصدار شيكات ضمان، فضلاً عن عدم وجود نص قانوني يجبر المتعامل على توقيع شيك «على بياض»، أو نص يمنح المصارف حقاً في الحصول على تلك الشيكات عند منح ائتمان أو تمويل للمتعاملين معها.

وفي وقت أشاروا إلى إمكانية اللجوء إلى القضاء لطلب استرداد شيك الضمان، الذي قد يستخدم ضد المتعامل في ما بعد، لاسترداد مستحقات أخرى، أو في حال ضمانه مقترضاً آخر، أكد المصرف المركزي أن «براءة الذمة» كافية، وتعفي المتعامل من أي مطالبات مستقبلية وتحميه قانونياً.

بدورهم، عبر متعاملون عن قلقهم من أن يتم استخدام شيكات الضمان التي قدموها مقابل الحصول على تسهيلات ائتمانية من مصارف، بشكل يضر بهم مستقبلاً، لافتين إلى أن مصارف أكدت لهم أنها تقوم بـ«إعدام» تلك الشيكات، لكنهم لا يعرفون السبل القانونية لاستعادتها.

شكاوى متعاملين

وتفصيلاً، قال الموظف في شركة تجارية، علاء الدين محمد، إنه حصل على قرض لشراء سيارة من مصرف وطني منذ خمسة أعوام، ووقع شيك ضمان بقيمة القرض والفوائد كاملة، بعد أن أكد له المندوب أن الإجراءات لا يمكن أن تتم دون توقيع الشيك.

وأضاف أنه التزم بسداد الأقساط الشهرية بانتظام، وسدد القرض كاملاً، وطلب فك رهن السيارة، والحصول على شهادة براءة ذمة، إلا أن المصرف أفاده بعدم إمكانية استرداد شيك الضمان، وأن المصرف سيقوم بإعدام الشيك تلقائياً.

شيكات على بياض

دعت دراسة لمركز البحوث والدراسات الأمنية في القيادة العامة لشرطة أبوظبي، إلى تعديل النصوص القانونية، ليكون «الشيك» وسيلة دفع فقط، مع عدم فتح بلاغات جنائية، إذا تم تسليم الشيك أداة ضمان أو ائتمان، أو توقيع المتعاملين مع المصارف «على بياض» مقابل قرض شخصي، مطالبة بأن تكون المحاكم المدنية هي جهة الاختصاص بهذا الشأن.

وأكدت الدراسة التي صدرت بعنوان «الشيكات المصرفية والمشكلات المترتبة على إصدارها والعمل بها»، أهمية ألا تستغل المصارف «شيكات الضمان» الموقعة من قبل متعاملين معها، لفتح بلاغات بكامل المبلغ، والتطرق إلى مجموع ما قام المتعامل بسداده قبل أن يتعثر لأسباب مختلفة، في سداد ما ترتب في ذمته للمصرف، محذرة في الوقت نفسه من استغلال حاجة الأشخاص إلى المال وتقديمهم «شيكات على بياض».

وأكد أنه «حصل على شهادة براءة ذمة من المصرف، لكنه يخشى سوء استخدام للشيك قد يضره مستقبلاً، فضلاً عن أنه لا يعرف السبل القانونية لاستعادة الشيك».

بطاقات ائتمان

من جانبه، قال الموظف عمر علي، إنه يراجع بنكاً إسلامياً منذ أكثر من عام، لاسترداد شيك ضمان وقعه مقابل الحصول على بطاقة ائتمان حصل عليها من البنك بقيمة 10 آلاف درهم.

وأضاف أن «احتفاظ المصرف بشيك الضمان غير مبرر، بعد سداده مستحقات البطاقة كاملة، فضلاً عن أنه يفرز مخاوف من سوء استخدامه، أو تقديمه للخصم مرة أخرى، خصوصاً مع تغير الموظفين في البنك»، لافتاً إلى احتفاظ مصارف بشيكات مفتوحة على بياض لمتعاملين معها، ما يؤسس لحالة قلق عموماً.

من جانبه، قال الموظف، تامر محمد، إنه سدد قيمة بطاقة ائتمان بقيمة 24 ألف درهم من مصرف محلي، ومع ذلك يستمر المصرف في إرسال رسائل نصية تدعوه إلى دفع الأقساط المستحقة.

وأضاف أن موظف المصرف أفاده بأن معاملة السداد لم تدخل النظام الإلكتروني، مؤكداً أن المصرف لايزال يماطل في إعادة شيك الضمان منذ شهرين.

عُرف مصرفي

بدوره، قال المحامي سالم الشعالي، إن «شيك الضمان (عُرف) وضمانة، تفرضها المصارف على المتعاملين، لضمان التزامهم بسداد المبالغ المستحقة عليهم»، مؤكداً عدم وجود تفويض قانوني بإصدار شيكات ضمان.

وأضاف أن «إصدار المتعامل لشيك ضمان، وتوقيعه لمصلحة المصرف، دون استكمال بياناته، مثل تحديد قيمة الشيك، أو تاريخه، يعني قانوناً أن المتعامل فوض المستفيد من الشيك، وهو المصرف في هذه الحالة، بملء البيانات، ما يعني أن المتعامل يتحمل المسؤوليات كافة عن هذا التفويض، مثل سداد القيمة التي يمكن أن يضعها المصرف في الشيك، أو تاريخ الاستحقاق».

وأوضح أنه «يمكن للمتعامل التفاوض مع المصرف، لاستبدال الشيك بأي ضمانة أخرى يوافق عليها طرفا التعاقد، مثل وضع وديعة لدى المصرف، أو أي أشياء قابلة للرهن، مثل السيارة أو الأموال».

دعوى محاسبة

وشدد الشعالي على أهمية استرداد شيكات الضمان بعد سداد المتعاملين القروض المصرفية، وعدم الاكتفاء بالحصول على شهادة براءة ذمة، لافتاً إلى أنه «يمكن للمتعامل، في حال رفض المصرف رد شيك الضمان، اللجوء إلى القضاء بدعوى محاسبة، وطلب استرداده، وفي حال ثبوت سداده للمديونية، تأمر المحكمة بإعادة الشيك إلى الساحب (عميل البنك)».

كما دعا الراغبين في الحصول على تمويل مصرفي، إلى التفاوض مع المصارف، وعدم تسليمها شيكات ضمان «على بياض»، وتحديد قيمة الشيك، وفقاً لقيمة القرض أو السيارة التي يتم تمويلها، مبيناً أن هناك مصارف لا تطلب شيك ضمان من متعاملين ذوي سجل ائتماني نظيف، أو لديهم كفاءة مالية عالية، إذ يكون المصرف في هذه الحالة، ضامناً للأموال التي يقرضها لذلك المتعامل.

وأشار إلى أن «المصارف العاملة في الدولة، تشترط الحصول على شيكات ضمان، حرصاً منها على استرداد الأموال التي أقرضتها، واستغلالاً للعقوبة الجزائية التي يمكن أن تصدرها المحكمة، في حال توقف المتعامل عن سداد أقساط القرض وارتداد الشيك».

رفع دعوى مدنية

قال المحامي عيسى بن حيدر، إنه «يمكن للمتعامل رفع دعوى مدنية لاسترداد شيك الضمان، إذا رفض المصرف رده، ولكن بعد أن يحصل على شهادة براءة ذمة ليقدمها إلى المحكمة»، ناصحاً الراغبين في الاقتراض بالتفاوض مع المصرف، وعدم توقيع شيك على بياض، إذ إنه لا يوجد نص قانوني يلزم المتعامل على توقيع شيك «على بياض»، كما أنه لا يوجد نص قانوني يتيح للمصارف الحصول على شيكات على بياض عند منح الائتمان، أو تمويل متعاملين.

وأكد أنه «يمكن للمتعامل كذلك، استبدال شيك الضمان بأي ضمانات أخرى مثل رهن سيارة، أو منزل»، مستدركاً أن «هذه الضمانات تتطلب إجراءات، وتكلفة، تجعل من تطبيقها أمراً يصعب تنفيذه عملياً».

وأوضح أن «حصول المصارف على شيك ضمان، يتيح لها أن تحدد قيمة الشيك بناء على قيمة القرض، أو التمويل، مضافاً إليها الفائدة، وأي غرامات تأخير أو مستحقات أخرى»، مضيفاً أن «العقوبة الجزائية بالحبس تضع المتعامل المتعثر تحت ضغط اجتماعي ومعنوي، ما يجعله يسعى إلى السداد».

وقال الشعالي إن «الدعوى المدنية التي ترفعها مصارف ضد المتعامل المتعثر، تكون أقل في الجدوى من حيث إلزامه بالسداد، إذ قد تتداول في المحاكم فترة، في وقت تجرى فيه مناقشات حول الفوائد والمبالغ المتراكمة».

وأفاد بأن «حصول المصارف في دول أخرى على شيكات ضمان من الأمور المتعارف عليها، لكن المتعامل هناك يكون أكثر وعياً، إذ يوقع شيكات محددة القيمة، وفقاً لأقساط القرض وفي تواريخ استحقاقها».

الحماية الجنائية للشيك

من جهته، قال المحامي عيسى بن حيدر، إن «الشيك أداة وفاء»، مؤكداً أنه «لا يوجد في النصوص القانونية تعريف لشيك الضمان».

وأضاف أن «للشيك تاريخ استحقاق، ويجب أن تتوافر قيمته في الحساب المصرفي وقت استحقاقه، بصرف النظر عن كونه شيك ضمان أم لا»، لافتاً إلى أن «القضاء لا ينظر إلى سبب إصدار الشيك، واذا ما كان شيك ضمان أم لا، ولكنه ينظر في واقعة أن صاحب الشيك أصدره بسوء نية، إذ لم يتوافر في رصيده قيمة الشيك في تاريخ الاستحقاق».

وأوضح أن «كتابة كلمة (شيك ضمان) على ظهر الشيك لا تفيد، نظراً لأن المحكمة لا تنظر إلى مثل هذه الأمور، وإنما قد تأخذ بوجود كلمة (ضمان) عند تقدير العقوبة»، محدداً حالتين تسقط فيهما الحماية الجنائية عن الشيك، وهما: أن يثبت الساحب (مُصدر الشيك) أنه متحصل من جريمة أو مسروق أو متحصل من خيانة أمانة، أو فقد منه».

وأفاد بأن «الحالة الثانية تتمثل في أن يوقع المتعامل شيكاً (على بياض) للمصرف، ما يعني أنه منح البنك تفويضاً قانونياً بتحديد المبلغ المستحق، وتقديمة في تاريخ تعثره في السداد»، مشيراً إلى أنه «إذا خالف المصرف الموضوع، ووضع مبلغاً أكبر بكثير من المبلغ المستحق، فقد تسقط الحماية الجنائية عن الشيك، لتجاوز المصرف حدود التفويض، أو التخويل الممنوح له من قبل المتعامل».

وأكد أن «إثبات تجاوز المصرف في مثل هذه الحالة، يمكن أن يتم، إذا ما قدم المتعامل مستندات تثبت قيمة القرض، والمبالغ التي تم سدادها منه، وأن يوضع في رصيده مبلغ بالقيمة المتبقية من القرض، فإذا بالغ المصرف في تحديد قيمة الشيك، فيمكن أن يكون ذلك سبباً في الحكم بالبراءة».

وأيّد بن حيدر، نظيره الشعالي، في تحذير المتعاملين مع المصارف، من عدم استرداد شيكات الضمان بعد سداد كامل قيمة القرض، أو الاكتفاء بالحصول على شهادة براءة ذمة، قائلاً إن «(براءة الذمة) لا تحدد فيها أرقام الشيكات الصادرة عن المتعامل، وبالتالي، فإن المصرف قد يستخدم تلك الشيكات في ما بعد لاسترداد أي مستحقات أخرى، أو في حال توقيع المتعامل بصفته ضامناً لمقترض آخر».

وذكر أنه «في بعض الحالات، تفتح مصارف بلاغات ضد متعاملين معها بهذه الشيكات عن طريق الخطأ، ليفاجأوا بمنعهم من السفر، وينتهي الأمر باعتذار المصرف».

الاستخدام وارد

إلى ذلك، أقر مستشار قانوني في مصرف وطني، طلب عدم ذكر اسمه، بأن بعض المصارف ربما تستخدم شيك الضمان، حتى إن سدد المتعامل القرض، وحصل على شهادة براءة ذمة، مستدركاً أن المصارف عموماً لا تتعدى الأصول المهنية في تعاملها مع أي متعامل، خصوصا الملتزم الذي تحرص المصارف على كسبه أطول فترة ممكنة.

وقال إنه إذا «التزم المتعامل بالسداد، وأنهى القرض، ولم يسترد شيك الضمان، فإن المصارف تحتفظ بالشيك، وقد تستخدمه في المستقبل، إذا ضمن المتعامل شخصاً آخر متعثراً، كما أنه يمكن للشيك أن يستغل إذا حصل المتعامل نفسه على قرض بعد سنوات، ثم تعثر في السداد».

وأضاف أنه «يمكن للمتعامل في هذه الحالة، الاستفادة من تعليمات المصرف المركزي، وتغيير المواصفات الأمنية في الشيك خلال يوليو من العام الماضي، إذ يمكن له أن يثبت أن مواصفات الشيك ترجع إلى تاريخ سابق لقرار المركزي، أي قبل حصوله على تمويل جديد، أو ضمان شخص آخر».

وأوضح أنه «في حال رفض المصرف رد الشيك، والتذرع بأنه (سيعدمه) بعد فترة، فإنه يمكن للمتعامل توجيه إنذار عدلي إلى المصرف عن طريق كاتب المحكمة، بعد أن يحصل على شهادة براءة ذمة من المصرف حتى تاريخه»، مضيفاً أن «الإنذار يجب أن يتضمن صيغة تحذيرية للمصرف من استخدام الشيك في أي وقت أو زمان، مع الإلزام برد الشيك خلال أسبوع من تاريخه، فإذا لم يلتزم المصرف، يرفع المتعامل دعوى مدنية برسوم قدرها 750 درهماً، يمكن أن يستردها بعد الحكم لمصلحته، إذ تلزم المحكمة البنك بالمصروفات في تلك الحالة.

وأكد المستشار القانوني أن «الشيك أداة وفاء قانوناً، ولا يوجد ما يعرف قانوناً بشيك الضمان، ولكن عند استخدام المصرف ذلك الشيك، يطالب الممثل القانوني للمصرف، بأن يثبت أن الشيك مطابق لقيمة القرض، وأن الشيك صحيح، وإلا فإنه يمكن للمتعامل أن يدفع أمام النيابة بأن الشيك غير صحيح، وأن يتهم البنك ببلاغ كاذب، وخيانة أمانة، واستخدام الشيك بسوء نية.

ونبه إلى أن «توقيع المتعامل على شيك ضمان على بياض، يعني تفويض المصرف بملء بيانات الشيك»، مشيراً إلى أن المصرف لا يضع ما يشاء في خانة قيمة الشيك، إذ يكون عليه إثبات صحة دعواه، في حال قدم شكوى بأن يثبت في محضر الشرطة العلاقة بالمتعامل، وما تم دفعه من القرض، والمبلغ المتبقي بالفوائد، من خلال كشف حساب رسمي معتمد.

المصرف المركزي

المصرف المركزي، أفاد على لسان مسؤول فيه، طلب عدم نشر اسمه، بأنه «يفترض أن تعيد المصارف شيك الضمان إلى صاحبه، في حال سدد ما عليه، من قرض أو بطاقة ائتمان، أو أي أنواع أخرى من التمويلات».

وتابع أنه «إذا لم تتمكن المصارف من توفير شيك الضمان لمتعامل معها، وفّى بالتزاماته، لأسباب إدارية، فإن من حق المتعامل أن يطلب شهادة براءة ذمة، تثبت أنه سدد ما عليه، وأنه معفى من أي مطالبات، على أن يذكر فيها بشكل واضح أنه لا يحق للمصرف القيام بأي إجراءات قانونية بموجب هذا الشيك».

وأكد أنه «تعترض المصارف أحياناً صعوبات في إرجاع شيك الضمان إلى المتعامل، مثل انتقاله مع شيكات أخرى إلى إدارات مختلفة، أو فقده، لأي سبب، وفي هذه الحالة، فإن شهادة براءة الذمة كافية، وتعفي المتعامل من أي مطالبات مستقبلية وتحميه قانونياً».

تويتر