«المركزي»: لن تتم مراجعته قبل مرور 6 أشهر على تطبيقه

وكالات سيارات: الدفعة المُقدّمة بنظام القــروض الجديد قادت إلى تراجع المبيعات

صورة

أفادت وكالات سيارات في الدولة، بتراجع مبيعاتها في السوق المحلية، بنسبة وصلت لدى بعضها إلى 20٪، تأثراً بتعليمات النظام الجديد للقروض الشخصية الذي أصدره المصرف المركزي، وتتعلق بالدفعة المقدمة لشراء السيارات الجديدة، وتنص على إلزام المستهلك بدفع 20٪ دفعة مقدمة لشرائها.

ووصفوا لـ«الإمارات اليوم» النسبة بالمبالغ فيها، وأنهم لاحظوا زيادة في الطلب على شراء السيارات المستعملة مقارنة بالجديدة، مطالبين المصرف المركزي بإعادة دراسة الأمر، وخفض النسبة لتراوح بين 5 و10٪، إنعاشاً للسوق التي تعاني تراجعاً بفعل الأزمة المالية العالمية.

بدورهم، قال مستهلكون إن رغبتهم في اقتناء سيارات جديدة تراجعت إثر تعليمات المصرف المركزي الخاصة بالدفعة المقدمة، التي دخلت حيز التنفيذ مطلع مايو الماضي.

وفي وقت قال أحدهم إن المستهلك أصبح يلجأ إلى بطاقة الائتمان لتوفير الدفعة المقدمة، أفاد آخر بأنه لجأ إلى أصدقائه عبر تأسيس تعاونية مالية شهرية، لتأمين الدفعة المقدمة.

ومن جهته نفى رئيس مجلس إدارة المصرف المركزي، خليل محمد فولاذي، وجود ضغوط على «المركزي» من قبل مصارف وتجار وأصحاب وكالات السيارات، لحمله على تعديل مواد تضمنها النظام الجديد للقروض الشخصية.

مستهلكون يفضلون التقسيط

قال المستهلك عبدالله عليوة، إن «المستهلكين في الدولة تعودوا على شراء السيارة بطريقة التمويل المصرفي، وتقسيط قيمتها على أطول فترة ممكنة من السنوات».

وأضاف أن «المستهلك يتعامل مع قسط السيارة باعتباره مخصصاً شهرياً للتنقل، وهو نسبة يجب ألا تزيد على 10 إلى 15٪ من إجمالي الراتب»، لافتاً إلى التزامات أخرى، ما يعني أن الدفعة المقدمة ستؤدي إلى إرباك ميزانية الأسرة».

وأكد أنه «لا سبيل إلى شراء سيارة، إلا بتقسيط قيمتها على سنوات عدة، من دون الدفعة المقدمة، أو حتى يتم خفض تلك الدفعة».

أما المستهلك وليد علاء، فأفاد بأن «من الصعب اقتناء سيارة جديدة في ظل تعليمات الدفعة المقدمة». وقال: «قد نلجأ أحياناً إلى توفير تلك الدفعة مستخدمين البطاقة الائتمانية، على الرغم من أنها تضيف زيادة إلى كلفة التمويل».

وأوضح أن «وكالات سيارات تساعد المشتري الجاد، بتوفير تمويل للدفعة المقدمة، شريطة توافر شروط تتعلق بتاريخه الائتماني»، مشيراً إلى توجه المستهلكين نحو سوق السيارات المستعملة، التي ستكون قيمة الدفعة المقدمة فيها قليلة، مقارنة بالسيارة الجديدة. من جانبه، قال المستهلك عبدالكريم أبوزيد، إنه قرر الدخول في تعاون مع زملاء له في العمل، لتشكيل جمعية مالية، لجمع مبلغ الدفعة المقدمة.

وكان محافظ المصرف المركزي، سلطان بن ناصر السويدي، ذكر الأسبوع الماضي، خلال لقاء في غرفة تجارة وصناعة دبي، ضم رجال أعمال وتجارة في الإمارة، أن نسبة الـ20٪ قيد الدراسة حالياً، مشيراً إلى أن هناك 153 ألف قرض سيارة حالياً في الدولة.

سلوكيات جديدة

وتفصيلاً، قال مساعد مدير مبيعات فرع طريق الشيخ زايد في شركة الحبتور للسيارات، وكيل سيارات «ميتسوبيشي» في الإمارات، أمول ليماي، إن «مبيعات السيارات تراجعت خلال الفترة الماضية بنحو 25٪»، لافتاً إلى أن التأثر الأكبر لدى وكالات السيارات تمثل في المبيعات للأفراد، وليس للمؤسسات، خصوصاً أن كثيراً من المستهلكين لا يستطيعون دفع نسبة 20٪، دفعة مقدمة، لإخلالها بميزانيتهم الشهرية.

وأضاف أن «نظام التمويل أدى إلى ظهور سلوكيات جديدة للمستهلكين الذين بدأوا يسددون الدفعة الأولى باستخدام بطاقات الائتمان، أو التركيز على شراء سيارات صغيرة منخفضة الثمن، أو التحول نحو سوق السيارات المستعملة».

وطالب المصرف المركزي بإعادة دراسة تلك الضوابط، وخفض الدفعة المقدمة لتراوح بين 5٪ و10٪، بدلاً من 20٪، إنعاشاً للسوق التي تعاني التراجع، مؤكداً وجود صعوبة في التأقلم داخل السوق، مع تشدد المصارف في منح قروض تمويل السيارات.

وأكد أن «قرارات المركزي ربما تؤدي إلى انضباط السوق على المدى الطويل، وتراجع سلوكيات سابقة تمثلت في سفر متعاملين إلى بلدانهم من دون التفاهم مع البنك المرهون له السيارة».

من جانبه، قال مدير فرع «ديرة» في شركة الرستماني التجارية، وكيل سيارات «سوزوكي»، خالد عسل، إن «هناك تراجعاً لا يقل عن 20٪ في مبيعات الشركة»، مشيراً إلى أن «قدرة المستهلك على شراء سيارة من دون دفعة مقدمة، كانت إحدى المزايا التي توفرها سوق السيارات، وتنعش السوق».

وأضاف أن «القرار جاء بالتزامن مع تراجع صادرات السيارات اليابانية بسبب حادث المفاعل النووي، ما أدى إلى ارتفاع سعر السيارات اليابانية وزيادة الطلب على نظيرتها الأميركية»، مؤكداً أن «خفض نسبة الدفعة المقدمة إلى أقل من 10٪، ستساعد السوق على الانتعاش مرة أخرى، وتخفف الضغط على المستهلك».

تأثر المبيعات

واتفق المدير العام الأول لشركة الفطيم للسيارات، وكيل سيارات «تويوتا» في الدولة، هيو ديكرسون، مع سابقيه بتأثر مبيعات السيارات بالنظام الجديد للقروض الشخصية، قائلاً: إن «مبيعات الشركة تأثرت نتيجة النظام الجديد لتمويل شراء السيارات الذي أصدره المصرف المركزي».

وأكد أن «الشركة ستواصل ابتكار عروض جديدة، لتحسين مبيعات السيارات لديها»، لافتاً إلى توفير أفضل قيمة للمتعامل مقابل النقود التي ينفقها، عبر سياسة تسعير منافسة، ومواصفات عالية المستوى، وبأقل كلفة.

تسييل بطاقات الائتمان

قالت الخبيرة في مجال تجارة السيارات، نسرين محمود إن «قرار المصرف المركزي أدى إلى تراجع ملحوظ في مبيعات السيارات في السوق بنسبة لا تقل عن 20٪، خصوصاً السيارات اليابانية، وتلك التي تستهدف متوسطي الدخل»، لافتة إلى أن شريحة متوسطي الدخل باتت تفضل أسواق السيارات المستعملة، والشراء نقداً، فيما لم تتأثر بشكل ملحوظ السيارات الفارهة، التي لا يعتمد مشتروها على التمويل المصرفي للحصول عليها، بل يسددون قيمتها نقداً في بعض الأحيان».

ورأت أن «القرار أدى إلى ظهور سلوكيات جديدة في السوق، إذ يضطر بعض المتعاملين إلى استصدار بطاقة ائتمانية، لتسييل معظمها نقداً، وسداد قيمة الدفعة الأولى».

وأضاف أنه «كان للإجراءات الجديدة للمصرف المركزي، دور في التغييرات التي طرأت على عملية تمويل السيارات، ولمسنا بداية أن هذه التغييرات يشوبها عدم وضوح بالنسبة للمتعاملين في قطاع التجزئة، نظراً لطرحها المفاجئ، إلا أن هناك فهماً أفضل للقوانين والشروط في القطاع حالياً، مع ارتفاع مبلغ الدفعة المقدمة».

وأوضح أن «الشركة طرحت أخيراً قائمة تمويل خاصة، تتيح للمتعاملين دفع أقساط شهرية منخفضة للغاية، مع إمكانية استبدال سيارتهم بأخرى جديدة كل عامين»، مبيناً أن «العروض تتوافق مع القوانين الجديدة للمصرف المركزي، وستعوض الكثير من التأثير الذي طال المبيعات بسبب الإجراءات الجديدة».

«نيسان بلا قيود»

إلى ذلك، قال مدير المبيعات والتسويق في شركة العربية للسيارات، الموزع الحصري لسيارات «نيسان» و«إنفينيتي» و«رينو» في دبي والإمارات الشمالية، فليكس ويلش، إن «من الصعب تحديد تأثير قرارات المصرف المركزي في مبيعات السيارات، التي شهدت تراجعاً خلال مايو الماضي مقارنة بسابقه أبريل»، لافتاً إلى أن مبيعات السيارات تنخفض خلال مايو بشكل طبيعي نتيجة الصيف.

وأضاف أن «(العربية للسيارات) تدعم قرارات المصرف المركزي، التي سيكون لها تأثير إيجابي على المدى الطويل، لكننا نرى أن هناك مبالغة في نسبة 20٪، دفعة مقدمة للشراء، وأن من الأفضل خفض تلك النسبة إلى 10٪، لتكون أكثر واقعية وتعكس التزام المتعاملين بشراء السيارات عبر التمويل المصرفي».

وأوضح أن «الشركة طرحت يونيو الجاري برنامج شراء بعقد شخصي، يحمل اسم (نيسان بلا قيود)، الذي يمكن المتعاملين من سداد نسبة 50٪ من قيمة قرض السيارة في غضون ثلاثة أعوام، ومن ثمّ اختيار واحد من أربعة خيارات للتعامل مع المبلغ المتبقي».

وكشف أن «الشركة أعدّت دراسة معمّقة عن أفضل الأساليب التمويلية المتبعة حول العالم، إضافة إلى التوجّهات التمويلية في الإمارات، وقوانين المصرف المركزي، أنشأت بموجبها برنامج (نيسان بلا قيود)، المعتمد حالياً عند موزعي السيارات في الإمارات».

مراجعة النظام سنوياً

من جهته، نفى رئيس مجلس إدارة المصرف المركزي، خليل محمد فولاذي، وجود ضغوط على «المركزي» من قبل مصارف وتجار وأصحاب وكالات السيارات، لحمله على تعديل مواد تضمنها النظام الجديد للقروض الشخصية.

وقال لـ«الإمارات اليوم» إن «الاجتماعات الأخيرة التي تمت مع تجمعات أصحاب الأعمال في أبوظبي ودبي، ممثلة في غرف التجارة والصناعة، ودوائر التنمية الاقتصادية، تأتي ضمن حرص المصرف على الاستماع إلى وجهات نظر مختلف الجهات عن قرب».

وأكد أن «إدارة المصرف تجمع حالياً جميع الملاحظات والتحفظات على النظام الجديد، ميدانياً أو عن طريق التواصل بالبريد الإلكتروني، لدراستها لكن ليس قبل مرور فترة ستة أشهر من بدء تطبيق النظام الجديد للقروض الشخصية»، معتبراً تلك «مدة معقولة لاختبار النظام على أرض الواقع». وأضاف أن «(المركزي) يتواصل دائماً مع البنوك العاملة في الدولة ويدرس مقترحاتها وطلباتها، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن هناك اعتراضاً مباشراً على النظام الجديد من قبلهم، وإنما استفسارات عن بعض التفاصيل الفنية التي يجيب عنها المختصون في المصرف»، مشيراً إلى أن «النظام راعى مصالح الأطراف كافة، وأعاد الأمور إلى نصابها الصحيح، بعد أن شهدت السنوات الماضية تساهلاً كبيراً في الإقراض أضر بالمتعاملين والمصارف على السواء».

وقال فولاذي، تعقيباً على مطالب أصحاب وكالات السيارات مراجعة البند الخاص باشتراط تحمل المتعامل 20٪ من قيمة السيارة دفعة مقدمة، إن «إدارة المصرف استمعت إلى هذا المطلب لأول مرة خلال اجتماعها الأخير بالتجار وأصحاب الأعمال في دبي، وهو محل دراسة في الوقت الراهن»، موضحاً أن «نظام القروض الشخصية الجديد تضمن مادة تسمح بمراجعته سنوياً، لكن يمكن أن يدرس مجلس الإدارة بعض المطالب بشكل استثنائي إذا كانت جوهرية، وإذا ثبت ميدانياً أهمية إعادة النظر فيها»، مؤكداً أن «الأمر في النهاية يخضع لموافقة مجلس إدارة المصرف».

يشار إلى أن المصرف المركزي أصدر نهاية فبراير الماضي نظاماَ جديداَ للقروض الشخصية يضع سقفاً للرسوم والعمولات التي تتقاضاها البنوك نظير خدماتها، وكذلك يحدد القيمة القصوى للقروض الشخصي ومدد سدادها، إضافة إلى عدد من البنود التي تهدف جميعاً إلى الحد من تساهل البنوك في منح القروض ومبالغتها في فرض الرسوم، ودخل النظام فعلياً حيز التنفيذ في الأول من مايو الماضي وسط عدم رضا من قبل المصارف، التي رأت في تطبيقه تقليصاً كبيراً في أرباحها المتأتية من الرسوم والعمولات.

فيما شكا أصحاب وكالات بيع السيارات تراجع حجم المبيعات لديهم بسبب اشتراط النظام إسهام المتعامل بنسبة 20٪ من قيمة السيارة دفعة مقدمة، وهو ما لا يتوافر لكثير من المقترضين.

تويتر