مستهلكون يشكون ارتفاعها.. و«الاقتصاد» لا تتدخل

أسعار صيانة وقطع غيار السيارات في «الوكالات» خارج الرقابة

مالكو سيارات يفضلون الإصلاح والصيانة في ورش خارجية وليس في الوكالات. تصوير: تشاندرا بالان

أجمع مستهلكون ومسؤولو وكالات سيارات في السوق المحلية، وجهتان حكوميتان، على أن أسعار قطع غيار السيارات وصيانتها داخل وكالات السيارات المحلية لا تخضع للرقابة حالياً.

وشكا مستهلكون ما وصفوه ارتفاعاً مبالغاً فيه في أسعار صيانة السيارات وتصليحها، وارتفاع أسعار قطع الغيار في وكالات السيارات، مقارنة بالأسعار في ورش تصليح خارجية، مطالبين بتدخل رقابي مشابه للرقابة على أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية.

وقالت إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، على لسان مديرها الدكتور هاشم النعيمي، إن الوزارة لا تتدخل في الوقت الراهن في تحديد أسعار خدمات الصيانة وأسعار قطع الغيار التي تقدمها وكالات السيارات في الدولة.

من جانبهم، أفاد مسؤولو وكالات سيارات بأن تسعير قطع الغيار يخضع لتقييم المصنع الذي ينتجها، ويتحمل تكاليف مرتفعة في عمليات البحث والتطوير. وقالوا إن الأسعار وكلفة الصيانة تتم دراستهما وفقاً لظروف الأسواق وتنافسيتها مع كلفة التشغيل، إضافة إلى متغيرات أسعار صرف العملة الأجنبية.

مخالفات مالية

قال مصدر مسؤول في دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، رداً على سؤال حول الإجراءات التي تتخذها الدائرة في حال اكتشاف وجود قطع غيار مقلدة وفقاً للقوانين الجديدة، إن «إدارة الحماية التجارية تصادر القطع المغشوشة والمقلدة، وتوجه المخالفة بهذا الشأن، وفق ما نصت عليه لائحة المخالفات لقانون الدائرة رقم (2) لعام ،2009 من توقيع مخالفات مالية على المنشأة تطبيقاً للقوانين الجديدة التي تم إقرارها، بدلاً من القوانين القديمة التي كانت تنص على مصادرة البضاعة، وإنذار المحل فقط».

شكاوى مستهلكين

وتفصيلاً، قال الموظف في شركة لتجارة المواد الغذائية في دبي، وليد أبوبدوي، إن «وكالات بيع السيارات تتحكم في أسعار رسوم صيانة المركبات، وتركيب قطع الغيار، من دون أي رقابة فاعلة عليها»، مضيفاً أنها تستغل قلق أصحاب السيارات الجديدة من انتهاء فترة الضمان، وتفرض أسعاراً مبالغاً فيها للصيانة أو التصليح، خصوصاً ما يتعلق برسوم العمالة، مقارنة بالأسعار في ورش تصليح خارجية.

وأوضح أنه فوجئ بسعر قطعة غيار صغيرة أراد استبدالها في سيارته إذ طلبت الوكالة 250 درهماً ثمناً للقطعة، و500 درهم رسوم تركيب.

من جانبه، قال الموظف في شركة تجارية في دبي، أحمد محمد، إن «وكالة سيارته اليابانية ترفع أسعار قطع الغيار باستمرار، بذريعة ارتفاع سعر صرف العملة اليابانية (الين)، في وقت لم تخفض فيه الوكالة سعر أي قطعة في حال انخفاض سعر العملة».

وطالب بضرورة تشديد الرقابة على رسوم الصيانة وقطع غيار السيارات، أسوة بالرقابة على السلع الغذائية والاستهلاكية الأخرى، لمنع الوكالات من استغلال المستهلكين.

واتفقت إيناس المدبولي، مع سابقيها في ارتفاع أسعار الصيانة وقطع الغيار في الوكالات، مقارنة بمحال وورش الصيانة الأخرى. وقالت إن «الأسعار في الوكالات تزيد بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف الأسعار خارجها»، مشيرة إلى أن وكالة سيارتها اليابانية تفرض رسوماً تبلغ 350 درهماً مقابل فحص السيارة وتغيير الزيت، في حين غيرت زيت محرك السيارة بـ110 دراهم خارج الوكالة.

أما الموظف في شركة في رأس الخيمة، هشام عبدالمقصود، فأكد أنه يجري عمليات الصيانة، وتغيير الزيوت، وتبديل قطع الغيار لسيارته في ورش خارجية، وليس الوكالة، على الرغم من أن سيارته حديثة، تفادياً للأسعار في الوكالة التي ترتفع، حسب رأيه، بنسبة 60٪، خصوصاً أجور العمالة.

وكشف الموظف في شركة في دبي، حسام محمد، أنه دفع 4000 درهم في وكالة لسيارات أوروبية الصنع، لصيانة سيارته بعد قطعها مسافة 80 ألف كيلومتر.

في السياق ذاته، قال المواطن جمعة محمد، إنه تسلم فاتورة بمبلغ 14 ألف درهم، رسوم صيانة، واستبدال قطع غيار لسيارته الأميركية الصنع، لافتاً إلى أن الوكالة أخبرته بأنها رسوم عادية لانتهاء فترة الضمان على سيارته. وأيد فرض رقابة على رسوم وكالات السيارات، لمنع المبالغة في تسعير قطع الغيار والصيانة.

كما طالب الموظف في هيئة محلية في دبي، علاء محمد، بأن ترفع وكالات السيارات ضمان الإطارات إلى عامين أو ثلاثة أعوام بدلاً من عام واحد، مشيراً إلى أن تغيير إطار سيارته الصغيرة كلّفه 1000 درهم، في حين يراوح سعره خارج الوكالة بين 300 و500 درهم.

وقال إنه دفع 210 دراهم نفقات صيانة بعد أول 5000 كيلومتر، تشتمل على تغيير الزيت والفلتر، ترتفع إلى 500 درهم عند 40 ألف كيلومتر، في حين يبلغ سعر عملية التغيير خارج الوكالة 97 درهماً للسيارة نفسها، لافتاً إلى أن الوكالة تفحص 31 نقطة محددة في السيارة، لكن وجود عطل في أي نقطة منها يعني مبلغاً منفصلاً يجب دفعه.

سوق مفتوحة

إلى ذلك، قال مدير مبيعات سيارات «شيفروليه» في وكالة بن حمودة للسيارات، أيمن البيجاوي، إنه «لا توجد رقابة فعلية من أي جهة على أسعار قطع الغيار وعمليات الصيانة التي تقوم بها الوكالات في الدولة»، مؤكداً أن سوق السيارات حرة ومفتوحة، وتوجد بها منافسة شديدة، كما يمكن للمستهلك المقارنة بين مختلف الأنواع والماركات والمميزات التي تتيحها الوكالات، ومن ضمنها الصيانة، وأسعار قطع الغيار.

وأقر البيجاوي بأن بعض وكالات السيارات تغالي في أسعار قطع الغيار وخدمات الصيانة حالياً، وفي أسعار خدمات ما بعد البيع، ما جعل المستهلكين يحجمون عن التعامل مع تلك الوكالات، وشراء قطع الغيار من خارج الوكالات، وصيانة سياراتهم في ورش خارجية.

وأوضح أنه «نتج عن ذلك سلبيات عدة ليست في مصلحة المستهلك، نظراً لاستخدامه قطع غيار مقلدة في بعض الأحيان، ما يؤثر في جودة السيارة، وقصر عمرها الافتراضي، ووقوع حوادث».

سياسات تسعير

بدوره، قال رئيس «هيونداي» في شركة جمعة الماجد للسيارات، عصام أبونبعة، إن «أسعار الصيانة تخضع لمعايير وسياسات التسعير لدى كل وكالة، بالتنسيق مع الشركات المصنعة الرئيسة، كما تتم دراستها وفقاً لظروف الأسواق وتنافسيتها مع كلفة التشغيل، إضافة إلى متغيرات أسعار صرف العملة الأجنبية التي يتم الاستيراد بها».

وأضاف «من الطبيعي أن تخضع أسعار قطع الغيار كل فترة زمنية لزيادات موسمية بشكل مشابه لارتفاع أسعار السيارات»، متفقاً مع البيجاوي في أن رسوم الصيانة لا تحدد من قبل جهات رقابية محلية، لكنها لا تخضع لمبالغات سعرية، بحكم سعي الوكالة بشكل مستمر لاستقطاب الزبائن عبر تسهيلات مختلفة.

وقال مستشار المبيعات في شركة «النابودة» للسيارات وكيل سيارات «فولكس فاغن»، أسامة الإمام، إن «معظم الشكاوى من رسوم الصيانة وقطع الغيار تتركز لدى أصحاب السيارات من الموديلات القديمة، نظراً لحزمة العروض الجديدة التي يتم طرحها حالياً لتنشيط المبيعات في سوق السيارات، والتي رفعت من عروض الضمان من ثلاث إلى خمس سنوات»، نافياً أن تكون هناك زيادة مبالغ فيها لأسعار الصيانة التابعة للوكالة.

تطوير وتعديل

وأفاد المدير العام للعمليات في الشركة الشرقية للسيارات في مدينة العين، وكيل سيارات «مرسيدس بنز» وجيب نسيم موراني، بأن «وكالات السيارات في الإمارات، لا تسعر قطع الغيار»، مشيراً إلى أن تسعير قطع الغيار يخضع لتقييم المصنع الذي ينتجها، ويتحمل تكاليف مرتفعة في عمليات البحث والتطوير، وإدخال تعديلات مستمرة عليها.

وأوضح أن «عمليات تصنيع قطع الغيار مكلفة في الدول الأوروبية، ويسري ذلك على شركات مثل (مرسيدس بنز)، و(جيب)، إذ إن أجور العمالة هناك مرتفعة، ويطلب من المصانع تغطية تكاليفها التشغيلية، وتحقيق أرباح في الوقت نفسه».

ولفت إلى أن بعض أصحاب الورش الخاصة يستخدمون قطع غيار مقلدة أو قطعة غيار مخلوطة، ما يظهر الفاتورة منخفضة التكاليف، على الرغم من أنها قد تهدد حياة السائق، وتنهي عمر المحرك فنياً.

وذكر أن «أسعار زيوت السيارات متفاوتة، وفقاً للجودة، وبلد المنشأ، إضافة إلى أن هناك أنواعاً معينة يسمح باستخدامها في الوكالات لضمان الجودة الكاملة، فيما يخضع الفنيون لمستوى عالٍ من التدريب، معتبرا أسعار الصيانة في الدولة مقبولة.

إلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي في مؤسسة عبدالواحد الرستماني، وكلاء سيارات «نيسان - انفنتي»، ميشيل عياط، إن «صيانة السيارات تنقسم بين عمليات صيانة رئيسة تشمل عمليات فحص لنحو 180 نقطة في السيارة، وتتم كل 10 آلاف كيلومتر، ما يجعلها أكثر كلفة من صيانة الفئة الثانوية التي تتم كل 5000 كيلومتر فقط».

وأضاف أن «الصيانة من الضروريات للحفاظ على كفالة السيارة وكفاءة عملها، وتنقسم كلفتها بين عمليات تركيب لقطع غيار، ورسوم عمالة تمثل نسبة كبيرة من رسوم الصيانة»، مؤكداً أنها غير مبالغ فيها لدى الوكالة .

شكاوى السيارات

قال مسؤول في دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي إن «قسم حماية المستهلك في الدائرة استقبل أربع شكاوى خلال الربع الأول من العام الجاري، عن ارتفاع أسعار قطع الغيار وخدمات ما بعد البيع»، مشيراً إلى أن القسم ينفذ حملات تفتيشية دورية.

وأضاف أن «قسم العلامات والوكالات التجارية يعتزم خلال خطته التشغيلية للفترة المقبلة، تنفيذ حملات متخصصة وتوعية وتثقيف للمستهلك، من ضمنها ما يختص بقطع غيار السيارات والأسعار، بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد، لمراقبة ارتفاع أسعار قطع الغيار وضبط المقلد منها»، مبيناً أن الوزارة هي الجهة المختصة باستقبال ومتابعة الشكاوى الخاصة بوكالات السيارات، إضافة إلى أسعار قطع الغيار والعقود عموماً، فيما تظل الدائرة جهة حكومية محلية تعمل بمعية الوزارة في هذا الشأن.

وفي دبي، قال المدير التنفيذي لقطاع الرقابة التجارية وحماية المستهلك في دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، عمر بوشهاب، إن «نسبة شكاوى السيارات التي وردت للدائرة بلغت 10٪ من مجمل شكاوى المستهلكين خلال الربع الأول من العام الجاري، فيما استحوذت شكاوى المستهلكين من عمليات الصيانة والتصليح على 90٪ من الشكاوى الخاصة بالسيارات». وأوضح أن «التدخل من قبل الدائرة يتم عبر الزام الوكالات بتوضيح تفاصيل رسوم الصيانة، وقطع الغيار، بما فيها تفاصيل رسوم العمالة، مع دارسة الشكاوى عبر فنيين مختصين، وفي حال ثبوت الشكوى تلزم الوكالات بخفض القيمة إلى الحدود المناسبة». وأكد أن «الدائرة لا تختص بتحديد أو تقنين أسعار صيانة وقطع غيار السيارات في الوكالات المحلية، لكنها تتدخل في حال ورود شكاوى من المستهلكين حول ارتفاع قيمة الصيانة أو أسعار قطع الغيار، أو عدم وضوح تفاصيل الرسوم للصيانة، أو تنفيذها بالشكل غير المطلوب، أو عدم الحصول على موافقة المستهلك». وأرجع عدم تحديد رسوم الصيانة وقطع الغيار للسيارات، إلى التركيز على الأولويات بالنسبة لأسعار السلع الأساسية التي يتم مسحها بشكل دوري في الأسواق، إضافة إلى صعوبة تحديد رسوم الصيانة وقطع الغيار حالياً، بسبب الأمور الفنية المتعلقة بها، والتي تختلف من وكالة إلى أخرى.

تويتر