حذّروا من «الودائع الساخنة».. ومصارف تستقبلها لتحسين ميزانياتها

مصرفيون يطالبون بخفض أسعار الفائدة لتنــشيط حركة الإقراض

الفائدة على الدولار تراوح بين 2 و 2.35٪.. وعلى الدرهم بين 4 و4.5٪. تصوير: أشوك فيرما

أبدى مصرفيون وخبراء قلقهم من استمرار تدفق ودائع أجنبية على المصارف المحلية، للاستفادة من فرق سعر الفائدة الذي يميل لمصلحة الدرهم، ووصفوها بـ«الخطرة جداً».

وأوضحوا أن «تلقي هذه الأموال، وتصنيفها ودائع استثمارية، يهدف إلى تحسين الميزانيات الختامية لدى بعض المصارف، على الرغم من المخاطر الكبيرة في حال تم منح قروض، اعتماداً على أرقام تلك الميزانيات، نظراً لإمكانية سحب الودائع، وهو ما يحدث غالباً في مدد قصيرة تقل عن ستة أشهر، ما يعرض المصارف إلى خسائر كبيرة».

وطالبوا بأهمية خفض أسعار الفائدة لتنشيط حركة الاقراض، خصوصاً تلك المفروضة على القروض العقارية، التي تسجل معدلاً مرتفعاً يصل إلى 5.5٪، مشيرين إلى أن المصارف تحدد سعر الفائدة بناء على كُلفة توافر السيولة، وليس على سعر «أيبور» أو الفائدة بين البنوك فقط.

الودائع في المصارف

سجّل إجمالي الودائع لدى المصارف العاملة في الدولة، وفقاً لأحدث إحصاءات صادرة عن المصرف المركزي، زيادة ملحوظة إذ بلغت تريليوناً و79 مليار درهم خلال فبراير ،2011 مقابل تريليون و49.6 مليار درهم خلال ديسمبر ،2010 بزيادة 7.4 مليارات درهم. ومقابل 968 مليار درهم في نهاية يناير .2010

وارتفع إجمالي القروض والسلفيات المقدمة من المصارف العاملة بالدولة إلى تريليون و43 مليار درهم، مقابل تريليون و31 مليار درهم في نهاية ديسمبر الماضي، بزيادة بلغت 12 مليار درهم، ومقابل تريليون و15 مليار درهم في نهاية يناير .2010

وأظهرت الإحصاءات استمرار زيادة إجمالي الودائع عن القروض بقيمة 14 مليار درهم في نهاية يناير ،2011 مقابل زيادة قدرها 18 مليار درهم في ديسمبر .2010

وكان محافظ المصرف المركزي، سلطان بن ناصر السويدي، ذكر، أخيراً، أن «(المركزي) يراقب الأموال التي تدخل الدولة بشكل منتظم»، موضحاً أنـه «لا يمكن وصفها بـ(الساخنة)، إنما هي أموال تبحث عن عائدات أعلى، وحجمها ليس كبيراً، بما يسبب قلقاً، كما أن معظمها يدخل للاستفادة من فرق أسعار الفائدة بين الدرهم والدولار».

ولا توجد أرقام أو بيانات معلنة عن حجم الأموال التي تدخل لتأخذ دورة سريعة داخل السوق المحلية وتخرج، سواء من قبل المصارف نفسها المستقبلة لتلك لودائع، أو المصرف المركزي الذي يتابعها.

المنتجات المصرفية

وتفصيلاً، قال رئيس الاتصال المؤسسي في بنك الخليج الأول، عبدالواحد جمعة، إن «المنتجات المصرفية الرئيسة تتمثل في ثلاثة أنواع هي: القروض الشخصية، التي تسجل أسعار الفائدة عليها نسباً متفاوتة تراوح بين تسعة و14٪، وتختلف من بنك إلى آخر، والبطاقات الائتمانية، التي تشهد أسعار فائدة مبالغ فيها من قبل المصارف كافة، وتتسم بعدم وضوح أو شفافية، والنوع الثالث هو القروض العقارية، التي تسجل نسب فوائد تصل إلى 5.5٪ تقريباً، وهو معدل مرتفع، نظراً إلى طول مدد السداد التي غالباً ما تصاحب التمويلات العقارية». وأكد أن «أسعار الفائدة، خصوصاً على القروض العقارية غير مشجعة سواء للاستثمار، أو السكن»، موضحاً أن «قرضاً عقارياً بمبلغ مليون درهم، لمدة 20 سنة، يصبح مع نسب الفائدة الحالية مليوني درهم تقريباً». وأضاف أن «ما يحكم المصارف في تحديد سعر الفائدة، هو كُلفة الحصول على النقد، الذي يختلف حسب تنويع مصادر الدخل»، مشيراً إلى أن «هناك اعتقاداً خاطئاً بأن أسعار الفائدة على الأنواع المختلفة من القروض تتوقف على سعر الاقراض بين البنوك أو ما يعرف بـ (أيبور)». وأفاد بأن «اقتراض المصارف من بعضها بعضاً، أحد مصادر توفير السيولة، وتضاف إلى مصادر الدخل الأخرى»، لافتاً إلى أنه «على الرغم من أن الفائدة بين المصارف مرتفعة نوعاً ما، فإن هناك عوامل كثيرة تتدخل في تحديد سعرها، وتختلف حسب السياسة الداخلية لكل مصرف». وقال إن «خفض الفائدة على كل المنتجات المصرفية مهم حالياً، لمنح الفرصة للقطاعات المختلفة للحركة والإسهام في تنشيط الاقتصاد الوطني».

«ودائع ساخنة»

بـدوره، قال الخبير المصرفي، يوسف عبداللـه يوسف، إن «البنوك الاستثمارية تدخل السوق المحلية، وتقترض مبالغ مالية كبيرة بالدولار، وتودعها بالدرهم، للاستفادة من الفرق في سعر الفائدة الذي يميل لمصلحـة الدرهم».

وأضاف أن «الفائدة على الدولار تراوح بين اثنين و2.35٪، فيما هي على الدرهم بين أربعة و4.5٪، ما يمنح فرصة للمضاربة بسعر الفائدة، إذ تستطيع هذه المصارف تحقيق متوسط يراوح بين سبعة و8٪ خلال فترة قصيرة». وأوضح أن «هناك مصارف تعي جيداً خطورة الاعتماد على أموال الودائع الساخنة في زيادة مستوى الإقراض، أو التوسع فيه، نظراً لإمكانية سحبها في أي وقت، بينما تعمد مصارف إلى استقبال تلك الأموال لتحسين الميزانيات الخاصة بها». وأكد أن «هناك أهمية لإعادة النظر في أسعار الفائدة على الدرهم والدولار، ما يقلل الفجوة، ويحد من تدفق الودائع لأغراض المضاربة التي تضر بالاقتصاد الوطني، وتؤثر سلباً في مستويات السيولة في المصارف المحلية»، لافتاً إلى أن «الاعتماد على مؤشرات الميزانيات التي تسجل الأموال الساخنة على أنها ودائع استثمارية، ويمكن الاقراض مقابلها، يعرض المصارف إلى خسائر كبيرة في حال خروج هذه الأموال سريعاً، وهو ما يحدث في الغالب، إذ تقل فترة ايـداع معظمها عن ستة أشهر».

سعر الفائدة

من جانبه، قال نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الخزينة المصرفية في مصرف الهلال، علاء الخطيب، إن «هناك أكثر من مستوى لأسعار الفائدة الموجود حالياً في السوق، يختلف عن المعلن رسمياً من المصرف المركزي، الذي وضع آليات لضمان خفض الفارق بين المعلن والحقيقي، لتحقيق حالة من التساوي، تتمكن معها المصارف من تداول أصولها وموجوداتها بشكل أفضل».

وأضاف أن «الأموال الساخنة ظاهرة موجودة في كل النظم المصرفية في العالم، إذ يسعى مستثمرون أفراد و مؤسسات، إلى الاستفادة من الثغرات في أسعار الفائدة بين العملات المختلفة، أو بين الودائع والقروض، وهو ما يحدث حالياً»، داعياً المصارف إلى أن «تعي مخاطر ذلك بتقليص أسعار الفائدة، خصوصاً عندما يكون حجم الأموال كبيراً».

وأوضح أن «السياسة النقدية في هذا المجال فاعلة إلى حد كبير، إذ يعمد المصرف المركزي إلى الضغط لتقليل الفارق في الأسعار، ولكن يجب على المصارف من جانبها أن تسعر الفائدة بمستواها الحقيقي، ليتوافق مع المعلن، منعاً للمضاربات واستغلال الفجوات، بما يضر القطاع المصرفي».

ودائع محلية

إلى ذلك، قال الخبير المصرفي، أحمد السعدي، إن «الودائع المحلية تتحرك داخل السوق المصرفي من دون قلق، كما تتنقل من مصرف إلى آخر، وهذه لا يمكن اعتبارها أموالاً أو ودائع ساخنة، لأنها تظل ضمن الدورة الاقتصادية، لكن الودائع التي تأتي من الخارج، وتكون مددها قصيرة، تصل أحياناً إلى أسبوع، فإنه يجب معرفة حجمها وتحديد مددها بشكل واضح، وتصنيفها بعيداً عن بند الودائـع الاستثماريـة التي يمكن بناء عليها وضع استراتيجية الاقراض». وأكد أن «الفرق بين أسعار الفائدة على الدولار والدرهم، تسمح بوجود مثل هذه الودائع رغم محاولات المصرف المركزي مراقبتها عن كثب»، لافتاً إلى أن «المصارف معرضة لسحب هذه الودائع، لذلك لا يجب الاعتماد عليها لوضع سقف للإقراض، لما لذلك من مخاطر كبيرة على تلك المصارف». وأضاف أن «المصارف تعمد أحياناً إلى زيادة مستويات الإقراض، نظراً إلى وجود أرصدة كبيرة بالدرهم، وهنا يجب التفريق بين هذه الأموال، وقصر منح القروض مقابل الودائع المستقرة، لا الساخنة».

ودائع خطرة

في سياق متصل، قال مدير الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف الإمارات الاسلامي، فيصل عقيل، إن «هناك أهمية لتدخل المصرف المركزي، بأخذ خطوات جادة لخفض سعر الفائدة، خصوصاً بين المصارف أو ما يعرف بـ(أيبور)، لأن الأسعار الحالية تحجم من قدرة المصارف على الاقراض، نظراً إلى كُلفته العالية». وأوضح أن «الكلفة المرتفعة تنتقل إلى المتعاملين، ولا يشجعهم على أخذ تسهيلات مصرفية لأغراض مختلفة»، لافتاً إلى أن مستويات «أيبور» لدينا من أعلى المعدلات. وأضاف عقيل أن «الأموال التي تدخل في صورة ودائع سريعة، للاستفادة من فرق أسعار الفائدة بين الدرهم والدولار، خطرة جداً على القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني، لأن هناك مصارف تستخدمها في تمويلات متوسطة وطويلة الأجل، ما يعرضها إلى خسائر في حال سحب هذه الأموال، خصوصاً أن هذه الودائع تدخل لهدف معين وليس لأغراض الاستثمار».

تويتر