«لوثي» تحاكي عمل الخلايا في المخ البشري.. وتشغّل نظماً معقّدة للذكاء الاصطناعي

«إنتل» تعتزم طرح شريحة معالج «عصبية» في الأسواق بحلول 2020

«إنتل» عملت على تطوير الشريحة «لوثي» منذ 6 سنوات حتى اقتربت من نهاية العمل الاختباري. من المصدر

أعلنت شركة «إنتل»، أكبر مصنع للمعالجات الدقيقة عالمياً، أنه بحلول عام 2020، من المتوقع أن تطرح شريحتها الإلكترونية «لوثي» في الأسواق، لتقوم بتشغيل نظم وتطبيقات معقدة للذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة والتعلم الذاتي، بكفاءة عالية، واستقرار وثبات في العمل، بقوة تحاكي قوة الخلايا العصبية بالمخ البشري، وتعمل بصورة منفصلة بحسب الحاجة، ووفق قاعدة «من لا يعمل لا يحصل على طاقة»، لتجعل الأجهزة تستهلك قدراً ضئيلاً جداً من الطاقة، ولتضع بين يدي المستخدم أجهزة، بعض أجزائها تظل بلا طاقة على الإطلاق لبعض الوقت أو طول الوقت.

ووفقاً لبيان أصدرته معامل الشركة البحثية «إنتل لابس»، أخيراً، فإن الشريحة «لوثي» التي تستخدم في بناء المعالجات الدقيقة، على وشك الخروج من التجارب المعملية، والدخول في مرحلة التصنيع التجاري، بعد أن تم تصميمها وبناؤها بمفهوم الشبكات العصبية عند البشر.

وأشار البيان إلى أن العمل بشريحة المعالج «العصبية» بدأ منذ أكثر من ست سنوات، وظلت تتقدم ببطء حتى اقتربت من نهاية العمل الاختباري، وبداية الطرح التجاري.

تطوّر بطيء

وقال كبير الباحثين في معامل «إنتل»، نارايان سرينيفاسا، إن «(لوثي) تطورت ببطء خلال السنوات الماضية، وباتت على وشك الاكتمال لتحدث تغييراً كبيراً في عالم المعالجات، وصناعة الأجهزة الالكترونية المعتمدة على الشرائح، لكونها تفتح طريقاً واسعاً لتطبيقات غير محدودة في الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة، والتعلم الذاتي للشريحة نفسها بمرور الوقت، ولتعوض كل ما يقال عن نهاية (قانون مور) الذي وضعه أحد مؤسسي شركة (إنتل)، جوردن مور، قبل عقود عدة، وظل يحكم صناعة المعالجات والشرائح الالكترونية الدقيقة، والذي يقوم على أن عدد (الترانزستورات) أو الوحدات الأولية داخل الشريحة يتضاعف مرة كل عامين، ليمنح الشرائح قوة متزايدة وسعراً أقل».

وأوضح سرينيفاسا أن «(لوثي) يتم تصنيعها وفق قوانين وبنية معمارية مخالفة لـ(قانون مور)، فوحداتها الداخلية ليست هي (الترانزستورات)، ولا تعمل بصورة متصلة مع بعضها بعضاً، وتحصل جميعها على الطاقة وتصبح نشطة، بغض النظر عن المهام التي تقوم بها من عدمه، وإنما وحداتها الداخلية هي الخلايا التي تحاكي الخلايا العصبية بالمخ، التي تعمل بصورة بها قدر من الاستقلال، وعلى التوازي مع بعضها بعضاً وبصورة منفصلة، يجعل البعض منها يعمل فيحصل على الطاقة، والبعض الآخر لا يعمل فلا يحصل على الطاقة».

وأضاف أن «الخلايا تتواصل مع بعضها بعضاً عن طريق روابط تحاكي (المشابك) العصبية الموجودة بالمخ، التي تحقق التواصل ما بين كل خلية عصبية وأخرى، وتجري بها بعض العمليات والأنشطة ذات العلاقة بمعالجة المهام والأوامر الجارية، ولديها القدرة على التعلم الذاتي والعمل على التوازي وبصورة منفصلة».

خلايا عصبية

وبيّن سرينيفاسا أنه «في حالة المخ البشري هناك ما يقدر بنحو 100 مليار خلية عصبية، كل منها يتواصل مع الآخرين عبر ما لا يقل عن 10 آلاف مشبك عصبي، ما يجعل كل خلية لديها ما لا يقل عن مليون رابط أو نقطة اتصال، ما يعني أن هناك آلاف المليارات من المشابك العصبية داخل المخ، ليشكل الجميع شبكة معالجة هائلة، تمارس عملها بكفاءة تامة بقدر من الطاقة يقل عما يحتاجه مصباح كهربائي صغير من النوع الموفر للطاقة».

وتابع أنه «بالطبع فإن شريحة (لوثي) أو غيرها من شرائح المعالجة العصبية، لا يمكنها الوصول إلى هذه المستويات الهائلة من الخلايا في المخ البشري، وإنما هي تضم 128 مجموعة من الخلايا، كل منها يحتوي على 1024 خلية، بإجمالي 130 ألف خلية معالجة عصبية فقط، تترابط مع بعضها بعضاً عبر روابط أو نقاط تشابك تصل الى 130 مليون مشبك».

وقال إنه «بهذا البناء المعماري فإن شريحة (لوثي) تستلهم عمل المخ، ومن ثم فهي قابلة للتعلم الذاتي من خلال عمليات التدريب المتوالية، والعمل المتواصل مرة وراء أخرى، ما يجعلها مخصصة بالأساس لتشغيل نظم وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة والتعلم العميق، وغيرها من النظم والتطبيقات القائمة على التعامل مع أحجام ضخمة من البيانات المتفرقة».

استهلاك الطاقة

وأفاد سرينيفاسا بأن المقياس القائم على «قانون مور» سمح لشركة «إنتل» بوضع الكثير من المحاور أو الأنوية في منطقة معينة على الشريحة الالكترونية الدقيقة، حتى وصل الأمر إلى وضع 18 نواة في معالجات الجيل التاسع التي تحمل اسم «كور آي 9». وقال إنه عملياً فإن البنية المعمارية لهذه الشرائح تجعل هناك الكثير من القدرات غير مستغلة داخل المعالج في كثير من الأحيان، وبات يعبر عن هذه الظاهرة باسم «السيليكون الداكن» أو «الترانزستورات» والأنوية التي لا تستغل جيداً، وفي الوقت نفسه تستهلك قدراً كبيراً من الطاقة.

لكن سرينيفاسا أوضح أن البنية المعمارية الجديدة في الشرائح العصبية أكثر كفاءة، وتوزع الأعباء بصورة أفضل وتجعل هناك استفادة من كل شيء، فالخلايا العصبية تبدأ بث النبضات فقط عندما تصل إلى مستوى التنشيط، وتظل بقية الوقت في حالة سكون، لا تستهلك طاقة، بينما ما حولها قد يكون في حالة نشاط.

مشروعات مختلفة

أفادت معامل «إنتل» البحثية، بأن شريحة «لوثي» استفادت كثيراً من مشروعات متفرقة ومتنوعة حول العالم في مجال الشرائح العصبية، مثل مشروع الشريحة العصبية المعروف باسم «ترو نورث» في شركة «آي بي إم»، وهو جزء من مشروع قديم كان يتم مع وكالة الأبحاث الدفاعية التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، فضلاً عن مشروع شريحة «برين سكيل» في جامعة «هايدلبرغ» الألمانية، ومشروع شريحة «سبين نيكر» في جامعة «مانشستر» البريطانية.

تويتر