«نافر» الكورية الجنوبية تتطلع إلى الانتشار العالمي بتطبيق «لاين»

خلال سنوات قليلة نجح محرك البحث «نافر» في الهيمنة على سوق البحث على الإنترنت في كوريا الجنوبية، متفوقاً على «غوغل» و«ياهو» بفارقٍ كبير، وحالياً تخطط الشركة للانتشار في الأسواق العالمية من خلال تطبيق التراسل الفوري «لاين».

ومع انطلاقه عام 2003، بدت فرص «نافر» Naver لنجاح محدود كخدمة للأسئلة والإجابات في ظل سوق مزدحمة لمحركات البحث في كوريا الجنوبية يهيمن عليها «ياهو» و«داوم»، إلا أنه العام الماضي وصل إلى السؤال رقم 100 مليون، ويزوره يومياً 18 مليون مستخدم.

ويمتلك «نافر» 80% من حصة محركات البحث في كوريا الجنوبية، ما يجعل منها إلى جانب الصين وروسيا الدول الثلاث التي لا يحتل فيها «غوغل» المركز الأول مثل بقية بلدان العالم، ويحظى «غوغل» في كوريا بنسبة 4% من عمليات البحث، بينما تتأخر «ياهو» إلى المركز الـ10 بين أكثر المواقع زيارة، ما دفعها في عام 2012 إلى التوقف عن إنتاج محتوى مخصص لكوريا الجنوبية.

وتُبين مسيرة نجاح «نافر» صحة اختياراته، فكان من المناسب الاعتماد في بدايته على فكرة الأسئلة والإجابات لعدم توافر الكثير من صفحات الإنترنت المكتوبة باللغة الكورية، وبذلك أنتج المستخدمون الذين أجابوا عن أسئلة غيرهم الكثير من المحتوى المجاني.

ومنح «نافر» في المقابل درجات افتراضية تراوح بين الأشخاص العاديين و«سوبرمان»، لتشجيع المستخدمين على مواصلة الكتابة، ويرى مؤلف كتاب «سر نجاح نافر» المنشور عام 2007، ليم ونكي، أن ذلك يتناسب مع سعي كل فرد لأن يحظى بمكانة مهمة في الفضاء الإلكتروني.

وواصل «نافر» نجاحه مع استمرار تصاعد العائدات الإعلانية، على الرغم من تراجعها في بوابات الإنترنت في الدول الغربية. وذكر سمسار السندات المالية في شركة «سامسونغ للأوراق المالية»، جاي بارك، أن مبيعات إعلانات «نافر» التي تمثل ثلاثة أرباع عائداته نمت بنسبة 7.7% خلال العام الماضي، وتوقع مواصلة نموها بالمعدل ذاته.

ونظراً لتدفق الأموال، لم يعد «نافر» مضطراً للاعتماد على المحتوى الذي يقدمه المستخدمون فقط، وتمكن من شراء محتوى حصري من موسوعات ومقاطع فيديو، ما يمنع محركات البحث المنافسة من الوصول إليها. وبالطبع، يُزعج ذلك الشركات المنافسة.

وفي عام 2012 نشر كيم إن سونج كتاباً نقدياً بعنوان «وجها نافر»، وصفه بأنه في حين يُعتبر «جنة» للمستخدمين، يُمثل «الثقب الأسود» لمزودي المحتوى. وكان سونج قد طور محرك البحث «إمباس» عام 1998، وكان أحد أكثر محركات البحث شعبية في كوريا، إلا أن مكانته تراجعت تدريجياً بعد إطلاق «نافر» حتى اندمج مع بوابة الإنترنت ومحرك البحث «نيت» عام 2009.

وبدأ «نافر» كمشروع داخلي في قسم تكنولوجيا المعلومات في شركة «سامسونغ»، إلا أن الشركة باعت آخر أسهمها في «نافر» عام 2004، ويحتل «نافر» حالياً المرتبة السادسة في مؤشر «كوسبي» للأسهم في كوريا.

وقال سونج إن «نافر» اعتمد في بدايته بعض السمات الأقل جاذبية للشركات الكبيرة، ولاسيما بشراء المنافسين المحتملين الصغار، واستخدام قوته في السوق لمنع بوابات الإنترنت الأخرى من الوصول إلى المحتوى.

وحدث العام الماضي أن فرضت «لجنة التجارة العادلة» في كوريا الجنوبية غرامة كبيرة على «نافر» بدعوى حدوث ممارسات تجارية غير عادلة، ونجح «نافر» في إسقاط الغرامة مقابل إنفاق 100 مليون وون، أي 94 مليون دولار لمساعدة شركات الإنترنت الأصغر، وتوعية المستهلكين بحقوقهم.

وتدافع شركة «نافر» عن ممارساتها بقدرة المستخدمين على الاختيار بين محركات البحث، وتعطي مثالاً بارتفاع زيارات «غوغل» خلال شهر نوفمبر الماضي بعد انتشار فيديو عارٍ لمغني كورية حجبته «نافر»، في حين سمحت «غوغل» بنشره.

وأكثر من ذلك، تقول «نافر» إنها تُواجه «ظروفاً مجحفة» في سوق المحمول؛ لأن 90% من الهواتف الذكية في كوريا الجنوبية تعمل بنظام تشغيل «أندرويد» الذي يقدم «غوغل» باعتباره محرك البحث الافتراضي للمستخدمين. وعلى الرغم من ذلك تحظى «غوغل» بنسبة 15% فقط من سوق البحث عبر المحمول.

وربما لا تُمثل «غوغل» التهديد الأكبر لشركة «نافر» بقدر تطبيق ومنصة «كاكاو توك» الذي أطلقه أحد المؤسسين السابقين في «نافر» عام 2010، ويُوفر خدمات التراسل الفوري، وتخزين الصور، والألعاب، والكتب الإلكترونية، وحالياً يُخصص له المستخدمون في كوريا الجنوبية وقتاً أطول مما يقضونه مع «نافر».

وحفز النجاح المحلي لتطبيق «كاكاو توك» شركة «نافر» على التفكير في الانطلاق خارج كوريا الجنوبية وعبر الأجهزة المحمولة، وكان لدى الشركة خططها السابقة للوصول إلى الأسواق الخارجية في عام 2009 مثل مشروعات «نافر كاليفورنيا» و«نافر الكورية الأميركية»، إلا أنها لم ترَ النور أبداً.

وخلال عام 2011 طور فرع الشركة في اليابان تطبيق «لاين» للتراسل الفوري والمكالمات الهاتفية الصوتية والفيديو، ويُطلق عليه حالياً اسم «فيس بوك آسيا». وفي غضون 18 شهراً، وصل «لاين» إلى 100 مليون مستخدم، بينما احتاج كلٌ من «فيس بوك» و«تويتر» إلى نحو أربع سنوات لبلوغ المستخدمين هذا العدد.

وفي نوفمبر من العام الماضي تجاوز «لاين» 300 مليون مرة تحميل. ويتوقع بارك أن يصل إسهام تطبيق «لاين» في عائدات شركة «نافر» إلى النصف خلال السنوات الخمس المقبلة، وحينها سيكون لدى الشركة أحد قليل من اللاعبين الكوريين العالميين بين شركات الإنترنت.

وإلى جانب «كاكاو توك»، يُمثل «وي شات»، تطبيق التراسل الأكثر شعبية في الصين والمدعوم من شركة الإنترنت الضخمة «تينسنت»، تهديداً آخر لشركة «نافر»، لذلك تُركز على تهيئة موطئ قدم لتطبيق «لاين» في تايوان وتايلاند، إلى جانب أسواق تشهد نمواً متسارعاً في استخدام الهواتف الذكية مثل الهند والمكسيك، وأنفقت في العام الماضي نحو 250 مليار وون، ما يعادل نحو 232.5 مليون دولار، على تسويق التطبيق في هذه الدول وغيرها.

ويعتقد بارك، من شركة «سامسونغ للأوراق المالية»، أن قوة «نافر» في الخارج ترتكز على خبرتها الممتدة 10 سنوات في الأعمال التجارية لبوابات الإنترنت، و«القيام بكل شيء» من الألعاب إلى التسوق والصحف على الإنترنت، وهو ما يمكن لتطبيق «لاين» أن يوفره.

ويحصل «لاين» على 70% من عائداته من الألعاب والملصقات الإلكترونية، وهي وجوه وصور تعبيرية مفصلة بأحجام كبيرة، يُمكن للمستخدمين شراؤها وإدارجها في رسائلهم المصورة، وتحظى بشعبية كبيرة حتى إن شركة «كوكاكولا» ونادي «برشلونة» قد دفعا مقابل تصميم ملصقات خاصة بهم، كما أعلن «لاين» أخيراً عن متجر خاص لبيع الملصقات. ولم يتضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الوجوه التعبيرية العاطفية ستحظى بقبول مستخدمي الهواتف الذكية في أوروبا وأميركا، لكن «نافر» تأمل في جذب المتخوفين من انفتاح «فيس بوك» بالمقارنة مع «لاين» كشبكة اجتماعية مغلقة.

ومع صعوبة المقارنة حالياً بين «فيس بوك» و«لاين»، فالأخير يُمثل نحو 9% فقط من حجم «فيس بوك»، إلا أن بارك توقع أن تتقارب قيمتيهما على المدى الطويل.

 

الأكثر مشاركة