مارك زوكربيرغ أصبح قوة غير مسبوقة. غيتي

دعوات إلى تفكيك «غوغل» و«فيس بوك» و«أمازون» و«أبل»

تصاعدت في الآونة الأخيرة، دعوات المطالبة بتفكيك شركات التقنية الأميركية الأربع الكبرى: «غوغل»، و«فيس بوك»، و«أمازون»، و«أبل»، وتحويلها إلى كيانات أصغر، تعمل في بيئة تنافسية أفضل، وتحقق مزيداً من الحماية للمستهلكين والمستخدمين حول العالم، وتتصدى بصورة أقوى للممارسات الاحتكارية الحالية التي تفرضها هذه الشركات على منافسيها حالياً.

ويقود هذه الدعوات مشرعون في الكونغرس الأميركي، ومسؤولون في لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل الأميركية، فضلاً عن مؤسسات مجتمع مدني، ومنظمات مدافعة عن حقوق المستهلكين والممارسات العادلة عبر الإنترنت.

أنشطة احتكارية

وطبقاً لمسح أجراه موقع «بيزنس انسايدر»

businessinsider.com/‏‏sai، فإن المطالبات والدعوات ترى أنه باتت هناك خطورة وتهديدات واضحة من تعاظم حجم هذه الشركات، وتنوّع أنشطتها، وتحولها إلى أنشطة احتكارية، حتى إن البعض يصفها بأنها «نقابة الجريمة الرقمية المنظمة» بما تشكله من خطر كبير على حقوق المستهلكين، وعلى فرص الشركات الصاعدة والمنافسة لها، وبما تستحوذ عليه من بيانات شخصية.

دعوة «هيوز»

وعلى الرغم من أن مثل هذه الدعوات قائمة، فإنها برزت على السطح بصورة لافتة الشهر الماضي، مع دعوة أطلقها المؤسس المشارك لـ«فيس بوك»، كريس هيوز، الذي ترك الشركة عام 2007 وباع أسهمه فيها عام 2012، إذ دعا في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إلى تفتيت «فيس بوك» لأكثر من شركة، محذراً من أنها تمارس سياسات احتكارية تمثل خطراً داهماً على الإنترنت.

كما وصف زميله وشريكه القديم، الرئيس التنفيذي الحالي لـ«فيس بوك»، مارك زوكربيرغ، بأنه قوة غير مسبوقة وغير أميركية، كاشفاً أن إدارة «فيس بوك» تطبق ممارسات متراخية للغاية في ما يتعلق بحماية بيانات المستخدمين.

مراجعة وتدقيق

إلى ذلك، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأسبوع الماضي، أن وزارة العدل الأميركية ولجنة التجارة الفيدرالية توصلتا إلى اتفاق، حصلت بموجبه لجنة التجارة على سلطة مراجعة وتدقيق أعمال كل من «أمازون»، و«فيس بوك»، ولاتزال الوزارة تنظر في أمر كل من «أبل» و«غوغل»، والهدف من الاتفاق هو منح اللجنة حق البحث في أي ممارسات محتملة غير تنافسية من جانب تلك الشركات.

خطط التقسيم

بحسب ما نشرته «وول ستريت»، فإن هذه الشركات العملاقة، التي تعد جميعها من بين الشركات الأكثر قيمة في العالم، باتت تواجه الآن تهديداً جدياً بعد هذا الاتفاق، فمن الأفكار المطروحة أن يتم تقسيم «أبل» إلى ثلاث شركات، واحدة للأجهزة المكتبية والمحمولة والهواتف الذكية، والثانية للخدمات، وفي مقدمتها خدمات المدفوعات الإلكترونية وخدمات الموسيقى و«تلفزيون أبل» وغيرها، والثالثة لإدارة متجر «آب ستور» وتطبيقاته. أما «فيس بوك» فتسعى هذه الدعوات إلى فصل كل من «إنستغرام» و«واتس أب»، عن موقع «فيس بوك»، ليعود كل منها للعمل منفصلاً، وإيقاف خطط «فيس بوك» المتعلقة بإنشاء بنية تحتية موحدة للتطبيقات الثلاثة معاً. وفي ما يتعلق بشركة «غوغل»، فإن تلك الدعوات تسعى إلى فصل محرك بحث «غوغل» ليعمل ككيان مستقل، وكذلك تفكيك بقية الشركة، ليعود «يوتيوب» ليعمل بصورة مستقلة في كيان ثانٍ، مع إنشاء كيان ثالث جديد خاص بخدمات «غوغل» السحابية وما يرتبط بها من خدمات أخرى، أبرزها خدمة «جيميل» للبريد الإلكتروني. وكذلك الحال تفكيك «أمازون» لتصبح شركة للتجارة الإلكترونية، وشركة ثانية للحوسبة السحابية وثالثة للمتاجر الذكية تتمحور حول سلسلة فروع «هول فوود»، وشركة رابعة للتطبيقات والبرمجة. ويرى مسؤولون في لجنة التجارة الفيدرالية أن ذلك قد يؤدي إلى ازدهار الخدمات والميزات الجديدة للمستهلكين، ما يتيح لهم المزيد من الخيارات للتجارة الإلكترونية والوسائط الاجتماعية والبحث.

تنظيم لا تفكيك

من جانبها، تتبنّى الشركات الأربع موقفاً يقبل بمزيد من التنظيم والتدقيق في أعمالها، وترفض فكرة التفكيك، مؤكدة أنه ليس لديها احتكار للقوة، أو تنافس بشكل غير عادل ضد لاعبين أصغر.

وفي مقابلة مع قناة «سي بي إس نيوز» الأسبوع الماضي، عبر الرئيس التنفيذي لـ«أبل»، تيم كوك عن هذا الموقف بقوله إن التدقيق والتنظيم أمر عادل، ويجب علينا النظر فيه، لكن إذا نظرت إلى موقفنا لتبين عدم وجود أي نوع من الممارسات الاحتكارية لشركة «أبل».

آراء مستقلة

وقد شارك خبراء مستقلون بالرأي في هذه القضية، إذ قالت المحامية السابقة بلجنة التجارة الفيدرالية، شارلوت سلايمان، إن مكافحة الاحتكار وحدها لن تكون كافية على الإطلاق لحل جميع المخاوف التي لدينا، ويجب أن تعمل مكافحة الاحتكار والتنظيم معاً، حتى تتم معالجة القضايا الرئيسة، مثل الخصوصية وبيانات المستخدم، وهي قضايا تتطلب الحل حتى مع تقسيم عمالقة التكنولوجيا إلى أجزاء أصغر.

في السياق نفسه، قال الخبير الاقتصادي في جامعة جورج تاون، هال سينغر، إنه بدلاً من اختراع شيء من الصفر، فإنه يمكن للكونغرس الاستفادة من قانون الكبلات لعام 1992، والذي يوجد به قواعد عدم التمييز التي تحظر على مزودي خدمات الكبل تفضيل القنوات التي يمتلكونها، أو التي لديهم بها استثمارات عل حساب قنوات منافسة، كما يعطي القانون الحق للشركات التي تشعر بأنها محرومة أن تقدم شكوى تتعلق بالتمييز، كما يمكن الآن إجبار مشغلي الكبلات على سداد الأرباح المفقودة ووقف السلوك التمييزي إذا تبين أنهم انتهكوا هذا القانون. ويرى سينغر أن إنشاء عملية شكاوى مماثلة للشركات عبر الإنترنت في لجنة الاتصالات الفيدرالية لن يتطلب إصلاحاً كبيراً لقوانين مكافحة الاحتكار. ويعتقد أن هذه العملية يمكن أن تساعد في إيقاف بعض الممارسات الضارة المحتملة من شركات التقنية الكبرى ضد منافسيها.

تحرك الكونغرس

أبدى العديد من المشرعين الأميركيين انزعاجهم الشديد من وضع شركات التقنية الكبرى، وبدأوا الحشد لمراجعة ممارسات الشركات الأربع. وقاد هذا التوجه السناتور إليزابيث وارين من الحزب الديمقراطي، والمرشحة لمنصب الرئيس في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي تدعو صراحة إلى تفكيك «أبل»، و«أمازون»، و«غوغل» و«فيس بوك»، بحجة أنها أصبحت قوية لدرجة أنها تخنق المنافسة والابتكار، ووضعت وارين لوحة إعلانية ضخمة في مدينة «سان فرانسيسكو» التي تعتبر قلب صناعة التقنية، مكتوباً عليها: «فككوا شركات التقنية الكبرى».

الأكثر مشاركة