في قانون جديد تعتزم بريطانيا إصداره خلال 2019

عقوبات مالية وجنائية على الشركات المتساهلة في مكافحة «المحتوى الضار» عبر الإنترنت

القانون المنتظر ينص على إنشاء هيئة مستقلة لفحص المحتوى ومعاقبة شبكات التواصل الاجتماعي المسيئة. أرشيفية

صعّدت الحكومة البريطانية من مواقفها الرافضة لما وصفته بـ«المحتوى الضار» عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتأثيره المدمر على المجتمع، معلنة أنها بصدد إصدار قانون جديد خلال العام الجاري، ينص على إنشاء هيئة وطنية بريطانية مستقلة عن الحكومة والسلطات كافة، مهمتها فحص وتحليل «المحتوى الضار» على الإنترنت عموماً وشبكات التواصل الاجتماعي بصفة خاصة، وفرض عقوبات مالية وجنائية على شركات التقنية التي يثبت تساهلها وعدم مكافحتها الفورية لذلك المحتوى، وفي مقدمتها شركات «غوغل» و«فيس بوك» و«تويتر».

جاء ذلك في أعقاب سلسلة اجتماعات عقدها وزيرا الثقافة والإعلام في الحكومة البريطانية، جيريمي رايت ومارجوت جيمس، مع مسؤولين تنفيذيين كبار في شركة «فيس بوك»، خلال زيارة قاما بها إلى مقر الشركة في سان فرانسيسكوا، أخيراً، حيث التقى رايت، مؤسس «فيس بوك» ورئيسها التنفيذي، مارك زوكربيرغ، فيما التقت جيمس مديرين تنفيذيين آخرين في الشركة.

هيئة جديدة

وقالت جيمس، في مقابلة مع موقع «بيزنس إنسايدر»، إن الحكومة البريطانية ستقدم للبرلمان خلال الشهر الجاري ورقة سياسات بشأن قانون جديد لملاحقة «المحتوى الضار» عبر شبكات الإعلام الاجتماعي، ومعاقبة المتساهلين معه، وذلك من خلال هيئة وطنية بريطانية ستنشأ لهذا الغرض، مؤكدة أن القانون الجديد سيتكامل مع القانون الأوروبي لحماية البيانات العامة (جي دي بي آر)، الذي جرى تفعيله بدءاً من يوليو الماضي، وستكون كل الخيارات مفتوحة لتضمين القانون أي عقوبات مناسبة ضد شركات التقنية التي لا تمتثل له، بما في ذلك عقوبات جنائية تطال المديرين التنفيذيين بهذه الشركات.

وأضافت جيمس أن الهيئة التنظيمية الجديدة في المملكة المتحدة ستضع تعريفاً محدداً ودقيقاً للمقصود بـ«المحتوى الضار» على الإنترنت وشبكات الإعلام الاجتماعي، ومن المتوقع أن يتضمن هذا التعريف كل ما يحض على الكراهية، وكل ما يمكن استخدامه للتوظيف الإرهابي والعنصري، وإساءة الاستخدام التي يصعب اكتشافها، مثل استمالة الأطفال عن طريق الإنترنت، فضلاً عن المحتوى المثير للمشكلات حول الانتحار وإيذاء الذات، إضافة إلى التضليل الإخباري، والتنمر، وغيرها.

وأوضحت أن الهيئة الجديدة يجب أن تقوم بمهامها وتطبقها «بشكل حساس»، لأن الحكومة لا ترغب في عرقلة الابتكار، ولا تريد نوعاً من البيئة التنظيمية التي يتم رفضها ومنعها لكونها لا تشجع على الابتكار.

نظام العقوبات

وذكرت جيمس أن الحكومة البريطانية ستقترح على البرلمان نظام عقوبات لا يختلف كثيراً عن السلطات التي تمتلكها المنظمة الدولية للكهرباء، وستستفيد من قانون حماية البيانات العامة الأوروبي، بحيث تتمتع الهيئة بالقدرة على فرض غرامات تصل إلى 4% من الإيرادات بسبب خروقات البيانات والتساهل في التعامل مع «المحتوى الضار»، وجميع الخيارات الممكنة للعقوبات التي يمكن اقتراحها في القانون الجديد، بشأن الأضرار على الإنترنت.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان ذلك يتضمن عقوبات جنائية على بعض المسؤولين في شركات التقنية، قالت جيمس: «سننظر في جميع الخيارات الممكنة للعقوبات، ومن المهم أن تكون هناك استجابة إيجابية من الشركات التي سنتحدث معها في إطار المشاورات الجارية قبل إصدار القانون، ليكون مفهوماً لديها أن هناك عقوبات ذات مغزى ستطبق إذا لم يفعلوا ما يجب عليهم فعله».

وأضافت أنه سيكون هناك نظام عقوبات قوي لا يمكن تصوره، ليعمل كرادع قوي لشركات التقنية العملاقة، مشيرة إلى أن الحكومة البريطانية تتجه إلى وضع عقوبات جنائية على التنفيذيين التقنيين إذا فشلوا في السيطرة على برامجهم، ما يعني أن نظام العقوبات الجديد في بريطانيا سيكون أوسع نطاقاً، مقارنة بنظيره في ألمانيا، الذي يتوقف عند تغريم الشركات حتى 50 مليون يورو، في حالة نشر المحتوى الذي يحض على الكراهية عبر الإنترنت.

تقرير

وجاء التصعيد من جانب الحكومة البريطانية في أعقاب صدور تقرير بشأن ممارسات «فيس بوك» حول انتهاك الخصوصية والأخبار المضللة والإعلانات الموجهة، أعدته لجنة الإعلام والثقافة والرياضة والإعلام في البرلمان البريطاني، بعد تحقيق برلماني استمر 18 شهراً.

رد «فيس بوك»

من جهتها، حاولت «فيس بوك» استباق الأحداث، وأصدرت إدارة السياسة العامة في الشركة بياناً قالت فيه إن «الشركة تشاطر البرلمان البريطاني والحكومة البريطانية مخاوفهما بشأن الأخبار الكاذبة ونزاهة الانتخابات».


عقوبات متوقعة

أفاد موقع «بيزنس إنسايدر» بأنه، وفقاً لنسبة العقوبة المالية المقترحة من جانب الوزراء البريطانيين على شركات التقنية التي يثبت تساهلها بنشر «المحتوى الضار»، والتي تبلغ 4% من الإيرادات، فإن هذا سيشكل عقوبة تصل إلى 2.2 مليار دولار بالنسبة لشركة «فيس بوك» عن إيراداتها البالغة 55.8 مليار دولار، وذلك وفقاً لعائدات عام 2018، بينما بالنسبة لشركة «غوغل» ستكون العقوبة 5.4 مليارات دولار، وفقاً لإيراداتها البالغة 136.8 مليار دولار عن العام الماضي.

تويتر