رؤية جديدة تدير مسار الشركة وخياراتها الرئيسة خلال الأعوام الـ10 المقبلة

استراتيجية «غوغل» تعتمد البرمجيات والذكاء الاصطناعي

«غوغل» ترى أن الذكاء الاصطناعي هو «آندرويد المستقبل». أرشيفية

عكست تصريحات قادة شركة غوغل الأميركية الأخيرة، الصادرة خلال وبعد مؤتمرها الكبير الذي عقدته بداية أكتوبر الجاري للإعلان عن منتجاتها الجديدة، وفي مقدمتها هواتف «بيكسل 2»؛ ما وصفه الخبراء والمحللون باستراتيجية جديدة من الواضح أنها ستدير مسار الشركة العملاقة وخياراتها الرئيسة خلال الأعوام الـ10 المقبلة، وربما حتى عام 2030.

وتتضمن الاستراتيجية تحولاً جذرياً في طبيعة الشركة، تنتقل بموجبه من شركة إنترنت يتمثل محور أعمالها في البحث والخدمات المرتبطة به، إلى شركة تقدم خدمات ذكية داخل الإنترنت وخارجها، تقوم على مفهوم التمازج والاندماج التام بين البرمجيات والذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة والاجهزة والمعدات، و«تتسلل» إلى مختلف جوانب الحياة كـ«حصان طروادة».

وقد التقط محللو موقع «بيزنس انسايدر» businessinsider.com بعض ملامح هذه الاستراتيجية، وما تحمله من تحول جذري في طبيعة «غوغل» من خطاب الرئيس التنفيذي للشركة سوندر بيشاي، أمام مؤتمر الرابع من أكتوبر الجاري، الذي خصص لإطلاق الطراز الجديد من هواتف «بيكسل 2»، وتناول فيه توجه «غوغل» نحو دمج الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والبرمجيات والمعدات والأجهزة معاً في كيانات واحدة ذكية.

ونشر محللو الموقع تحليلاً موسعاً لهذه الفكرة شمل المزيد من الإيضاحات حول ما ستبدو عليه «غوغل» مستقبلاً، وما تفكر فيه من وسائل للوصول إلى هذا المستقبل.

استراتيجية تحوّل

الذكاء الاصطناعي

ما يرد بين السطور في كلمات قادة «غوغل» وتصريحاتهم أن القيمة الأساسية والأعلى في أجهزة ومعدات «غوغل» المقبلة ستكمن في أشياء تتعلق بالبرمجيات والذكاء الاصطناعي أكثر من الأجهزة والعتاد نفسه، مثل تقنية الواقع المعزز، والتعلم العميق، والتشغيل الذاتي، لأن ما فيها من ذكاء اصطناعي سيجعلها في الحقيقة تفعل أشياء لا حصر لها.


- «غوغل» تعتقد أن الذكاء الاصطناعي هو وسيلة دخول أجهزتها في كل شيء.

- طريق «غوغل» الجديد ليس سهلاً مطلقاً فأغلب عائداتها لاتزال تأتي من الإعلانات.

أولى الملاحظات التي جرى استنتاجها من خطاب سوندر بيشاي أن «غوغل» اتخذت في ما يبدو قراراً استراتيجياً بالتحول إلى مُصنّع ومنتج للمعدات والأجهزة، وتأخذ هذا الأمر على محمل كبير من الجدية والاهتمام، وأولى محاولاتها في هذا الشأن هي الهواتف المحمولة، حتى وإن بدا أنها لا تمتلك الفرصة لأن تصبح «أبل» أو «سامسونغ» أخرى.

والواضح كما أورد تحليل «بيزنس انسايدر» أن «غوغل» تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي كي تتحول من شركة ليس لديها سوى خدمات قائمة على البرمجيات إلى شركة تبني ما يمكن وصفه بـ«حصان طروادة عملاق»، يتسلل كالثعبان داخل أي شيء، وأي جانب من جوانب الحياة، وهذا الحصان العملاق ليس سوى حزمة أو سلسلة طويلة من الأجهزة والمعدات والخدمات والمنتجات القائمة جميعها على الذكاء الاصطناعي والبرمجيات، والعتاد، والتعلم المستمر العميق، ما يجعلها تترسخ داخل مختلف جوانب الحياة، وتقدم للفرد والجماعة والمؤسسة ما لا يسهل تجنبه من الفوائد.

وتعتقد «غوغل» إلى حد كبير أن الذكاء الاصطناعي هو الوسيلة التي ستجعل أجهزتها ومعداتها تدخل في كل شيء، ما يجعلها تنجح في التحول إلى شركة مصنعة للأجهزة والمعدات، مع كونها عملاق البحث على الإنترنت.

أجهزة جديدة

من العلامات المبكرة على هذا التحول ما رصده المحللون من الأجهزة والمعدات والخدمات التي تستعد «غوغل» لطرحها خلال موسم الشراء وأثناء عطلات نهاية العام الجاري، فالملاحظ أن عروض «غوغل» تبدو أكثر شبهاً واقتراباً مما يمكن أن تجده لدى «سامسونغ» و«أبل»، بأكثر مما اعتادت تقديمه كشركة بحث عملاقة، فهناك هواتف «بيكسل 2» التي تلقت مراجعات ايجابية على نطاق واسع، وعدد كبير من الأجهزة الجديدة، مثل السماعات اللاسلكية الذكية، وجهاز «كروم بوك» الجذاب، والنسخ المتنوعة من أجهزة الميكروفون الذكية «غوغل هوم»، ومنتج «جور برو» المشابه للكاميرا، والنسخة المعدلة من إصدار نظارات الرأس للواقع الافتراضي في «غوغل»، وغيرها.

تحديات مقبلة

كان لدى «غوغل» تجارب متعثرة في تصنيع الأجهزة خلال السنوات الماضية، ولم تحقق فيها النجاح المطلوب، لكنها الآن تبدو جادة للغاية في تحويل تصنيع الأجهزة إلى أعمال حقيقية، وقد عينت العام الماضي ريك أوسترلوه، الرئيس السابق لـ«موتورولا» المتخصصة في تصنيع الهواتف في منصب رئيس قطاع المعدات والاجهزة، ثم أنفقت أكثر من 10 مليارات دولار في الاستحواذ على حصة كبيرة من أعمال «إتش تي سي» للهواتف الذكية. وعلى الرغم من أن هذه التحركات الجادة، فإن طريق «غوغل» الجديد ليس سهلاً مطلقاً، فأغلب عائداتها لاتزال تأتي من الإعلانات، وسوق الهواتف المحمولة عالية المواصفات التي يفترض أن تنافس فيها هواتفها الجديدة هي سوق مشبعة بالفعل، وتعطي «غوغل» أملاً ضعيفاً كمجال يمكن أن تستخدمه لاختراق الطريق صوب المستقبل.

كما أنها أنفقت خلال العام الماضي وقتاً طويلاً كي تصنع ما هو كافٍ بالنسبة لهواتفها الأصلية: «بيكسل فون»، وبحسب بعض التقديرات، فإن الشركة باعت أكثر من مليون وحدة من هذه المعدات، في حين أنه في المتوسط تبيع «أبل» الملايين من «آي فون» خلال أيام قليلة.

في مقابل هذا الواقع الصعب ترى «غوغل» أن الذكاء الاصطناعي هو «آندرويد المستقبل»، أو الشيء الذي سيحقق انتشاراً واسعاً، ويهيمن على ما سواه، وهذا يفسر لماذا تضع المزيد من الجهود في الأجهزة والمعدات بقدر عالٍ من الثقة، لأنها ببساطة تملك تقنية ذكاء اصطناعي متميزة بدرجة واضحة، ستجعل من الأجهزة والمعدات المقبلة شيئاً مختلفاً ومميزاً كلية عن الأجهزة المعتادة والسابقة.

أمثلة واضحة

من الأمثلة الواضحة في هذا السياق أن عُمر «مساعد غوغل الرقمي الصوتي» يصل إلى نحو العام، لكنه أثبت نفسه فعلياً كشيء له مقدرة أكثر من منافسيه القدامى مثل «سيري» و«إليكسا» و«مايكروسوفت كورتانا»، كما أن ميزة «غوغل» هي أن مساعدها الرقمي الصوتي يستطيع رسم أو عمل خرائط للمعلومات ذات القيمة التي قامت الشركة بتكوينها عنك من تاريخ البحث وحساب «جيميل» وغيرها، ومن ثم يتفرد «مساعد غوغل الرقمي الصوتي» بأنه يستطيع لصق وتجميع كل هذه المعلومات معاً بصورة أفضل مما يفعله أي من منافسيه.

ومثال آخر هو كاميرا «غوغل» الجديدة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في ملاحظة ما يحدث حولها لتحديد أفضل الأوقات لالتقاط مقطع فيديو قصير، ويمكنها أن تنقل هذه المقاطع إلى تطبيق «غوغل» للصور، وإلى خدمة التخزين التي توفر خدمة التعرف إلى الصور، وتحسينها باستمرار، وكل ذلك بفضل تقنيات تعلم الآلة، وهنا تعتقد «غوغل» أنها في أفضل وضع ممكن لتقوية ودعم هذا الجيل المقبل من الأجهزة، لأن ذكاءها الاصطناعي وما يرتبط به من أشياء ذكية هو الأفضل عالمياً، وترى أن التحدي أمامها هو إقناع شركائها من مصنعي الأجهزة والمعدات لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم أيضاً.

تويتر