«ياهو» تواجه خطر خفض قيمتها السوقية مليار دولار
تشير التداعيات الجارية في صفقة شراء شركة الاتصالات الأميركية «فيريزون» لشركة «ياهو»، إلى أن قضية الخصوصية وضمان أمن بيانات المستخدمين والمتعاملين قد تشكل نقطة فارقة في كيفية التعامل مع الشركات المختلفة، إذ من المحتمل أن تؤدي هذه التداعيات إلى إرساء أول سابقة من نوعها في عالم التقنية والأعمال المرتبطة بها، يتم بموجبها تعريض الشركة المتهاونة في حماية خصوصية متعامليها لعقوبة مادية قاسية، وربما صعبة التحمل، تصل إلى حد إحداث خفض مؤثر في قيمتها السوقية.
| قواعد جديدة وضع الاتحاد الأوروبي قواعد جديدة في مجال حماية الخصوصية وأمن البيانات، سيتم تطبيقها على الشركات بدءاً من عام 2018.وبموجب هذه القواعد سيتم فرض غرامة تصل الى 4% من العائدات الإجمالية السنوية العالمية للشركة، إذا ما عرّضت بيانات وخصوصية المتعاملين والمشتركين للخطر. وأكد الاتحاد أن كل شركة تعمل في أوروبا سيتعيّن عليها الخضوع لهذه القواعد الجديدة. |
فقد بدأت «ياهو» تواجه خطر خفض مليار دولار من قيمتها السوقية، واعتبار هذا المبلغ القيمة التي تعادل القيمة التي خسرتها من سمعتها ووضعها في السوق، بعد حادثة اختراق نصف مليار حساب بريد إلكتروني مسجل لديها، التي أعلنت عنها قبل أسبوعين.
دفعة واحدة
ويبدو أن شركة «ياهو»، المتخصصة في عالم الإنترنت أصبحت تأتيها المشكلات دفعة واحدة، فبعد تراجع قيمتها السوقية من 27 مليار دولار في عام 2010 حينما كانت تتفاوض شركة «مايكروسوفت» على شرائها، إلى 4.8 مليارات دولار التي بيعت بها فعلياً في يوليو الماضي لشركة «فيريزون»، وجدت الشركة نفسها وسط عاصفة سببها اختراق مهاجمين و«هاكرز» لقواعد بياناتها وسرقة بيانات نصف مليار حساب مستخدم مسجلين لديها.
وأعلنت «ياهو» عن هذه الحادثة، التي تعد أكبر حادثة اختراق بيانات في التاريخ تقريباً، بعد نحو شهرين على الإعلان عن صفقة استحواذ «فيريزون» عليها، ولم تمرّ أيام على هذا الإعلان، حتى بدأت «فيريزون» تطلب إعادة تقييم الصفقة، وخفض ثمن بيع «ياهو» مليار دولار، لأن التداعيات التي ترتبت على الكشف عن واقعة الاختراق الكبرى خفضت بالفعل من القيمة السوقية لـ«ياهو» في السوق، وجعلت قيمتها الفعلية 3.8 مليارات دولار فقط.
وعلى الرغم من أن مطالبة «فيريزون» تتم في الأروقة المغلقة، وفي دهاليز الشركتين، إلا أن موقع صحيفة «نيويورك بوست» الاميركية، نشر قصة هذا التطور منذ أيام، الأمر الذي جعل مواقع التقنية تتتبّع الجوانب المختلفة لهذا التطور.
قلة شفافية
ووفقاً لما نشر على العديد من المواقع، خصوصاً موقع «بيزنس إنسايدر» businessinsider.com، فإن أياً من الشركتين (فيريزون وياهو) لم تصدرا أي شيء رسمي بهذا الخصوص، أو تعلّقا عليه، لكن الموقع نسب إلى مصادر لم يكشف هويتها أن «فيريزون» غاضبة بشدة من «ياهو»، لأنه جرى إعلامها بواقعة اختراق البيانات قبل يومين فقط من الإعلان عنها بصورة عامة، أي بعد شهرين من عملية الاستحواذ.
وترى «فيريزون» أن هذا نوع من عدم المصارحة وقلة الشفافية، أثر بصورة حادة في سمعة الشركة واسمها بين متعامليها ومنافسيها، الأمر الذي ترجم نفسه في تراجع بقيمتها المادية السوقية. وحسب المصدر ذاته، فإن تيم أرمسترونغ، رئيس «أمريكا أون لاين» المملوكة لـ«فيريزون»، التي يفترض أن تندمج معها «ياهو» في كيان واحد ومكلف من «فيريزون» باستكمال الاستحواذ وإنجاز عملية الدمج، عبّر عن استيائه وانزعاجه الشديد من الموقف الحالي في «ياهو»، متحدثاً عن خيارين، إما الخروج من الموقف برمته والتراجع عن الصفقة، أو خفض سعر شراء «ياهو» بقيمة مليار دولار.
وطبقاً للمصدر، فإن «فيريزون» وأرمسترونغ يريان أن المليار دولار سيوضع في صندوق للتمويل أو الإنفاق منه على أي تداعيات أو مسؤوليات قانونية تترتب مستقبلاً على حادثة اختراق البيانات في صورة تعويضات أو خلافه لأصحاب الحسابات المخترقة.
مفاوضات صعبة
كما جرى الإعلان أيضاً عن أن تيم أرمسترونغ، توجه الى منطقة الساحل الغربي للولايات المتحدة لمقابلة المديرين التنفيذيين لـ«ياهو» لبحث خفض السعر، فضلاً عن أن فريق الصفقات في «ياهو» يدفع برفض فكرة الخفض مبدئياً، لذا من التوقع أن يكون التفاوض صعباً بين أرمسترونغ والرئيسة التنفيذية لـ«ياهو»، ماريسا ماير، إذ سيكون من المتعين على أرمسترونغ الاصرار والمطالبة بخفض السعر، فيما ستركز ماير على الحفاظ على حقوق حمَلة الأسهم وترفض فكرة الخصم.
ومن الناحية القانونية يتوقع أن تتمسك ماير ببنود الصفقة، كما تم التوقيع عليها، وسترد بأن الصفقة هي الصفقة، خصوصاً أن «فيريزون» ليس لديها مخرج أو مسلك قانوني واضح للدفع بشرعية طلب الخفض.
وفي جميع الأحوال لايزال من المبكر تحديد ما ستسفر عنه المفاوضات، خصوصاً أن اجتماع مجلس إدارة «ياهو» سيعقد خلال أسبوعين، وسيناقش هذا الأمر تفصيلاً، لكن إذا تم خفض سعر «ياهو» فسيكون ذلك أكبر مستوى من التأثير عبر تاريخ التقنية، أحدثه تسريب البيانات على سعر شركة وقيمتها السوقية.
وحسب أستاذ علوم الحاسب وخبير أمن المعلومات في جامعة «سوري»، آلان وود وارد، فإن هذه ستعد أول سابقة من نوعها، تؤكد أن أمن الإنترنت وخصوصية بيانات المستخدمين والمشتركين أصبح لهما صوت وتأثير، الأمر الذي يدعو كل الشركات إلى «نوبة صحيان» لأخذ هذا العامل المؤثر الجديد في الحسبان.
خسائر قليلة
وقال وارد، إنه تاريخياً لم تعاقب السوق على تسريب المعلومات بهذه الصورة، لكن كانت هناك صور مختلفة مخففة أو قليلة للغاية، ففي عام 2015 انخفضت أسعار أسهم شركة الاتصالات اللندنية «توك توك»، بعد تداول معلومات عن تسريب بيانات متعامليها، وهذا الأسبوع أصدر مكتب أمن المعلومات التابع للحكومة البريطانية بعض التفاصيل حول تحقيقاته في حادثة اختراق بيانات الشركة، مشيراً إلى أن الشركة فشلت في تصنيف وفهرسة بنيتها التحتية التقنية، واستخدمت أدوات تأمين لقاعدة بياناتها قديمة يصل عمرها ما بين ثلاث وخمس سنوات، ما سمح للمهاجمين بسرقة بيانات 100 ألف من متعامليها، ومع ذلك تأثرت عائدات الشركة بنسبة 2%، بعد هبوط أسهمها بالبورصة.
وأصدرت الشركة بياناً قالت فيه إن هذا الاختراق كلّفها 76 مليون دولار، وجعلها تخسر 100 ألف متعامل. غير أن كل هذه العواقب جرى تصنيفها على أنها من النوع قصير الأجل، الذى يمكن التعافي منه سريعاً.
اختراق بلا عقوبة
أما شركة «لينكدإن» فواجهت واقعة اختراق ضخمة، وتقريباً لم تتم معاقبتها عليها، فالشركة تحتل المرتبة الثانية في قائمة الشركات التي جرى تداول أخبار حول حدوث اختراق في بياناتها، حينما تم سرقة بيانات 165 مليون حساب، وحدث هذا في منتصف التفاوض بينها وبين «مايكروسوفت» على شرائها بمبلغ 26.2 مليار دولار نقداً، لكن الواقعة لم تدفع «مايكروسوفت» للتفكير في المطالبة بخفض قيمة «لينكدإن»، كما هو الحال مع «ياهو» حالياً.