التعقيدات المستقبلية المتعلقة بالتوظيف ستُفاقم من الفجوة القائمة في توافر الكوادر المتخصصة والمدربة. غيتي

5 تحديات تواجه شركات التقنية البريطانية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي

وسط التداعيات وردود الأفعال على قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي، بدأ الحديث يتردد عن آثار سلبية محتملة على شركات تقنية المعلومات والاتصالات والإلكترونيات العاملة في البلاد، ما دفع منتدى شركات التقنية في بريطانيا «سي آي تي إف»، الذي يضم في عضويته 250 شركة تقنية، الى التحرك ومطالبة الحكومة البريطانية بسرعة توضيح الأمور، والإجابة بحسم على ما سمّاه «الأسئلة وعلامات الاستفهام القائمة» حول تأثير القرار في هذه الشركات.

وصدر تقرير عن مؤسسة «تيك ريبابليك»، أخيراً، يرصد خمسة تحديات يتوقع أن تواجهها شركات التقنية في بريطانيا.

وأوضح التقرير أن تلك التحديات تشمل تصاعد مشكلة نقص الكوادر الماهرة والمؤهلة للعمل في شركات التقنية عما هي عليه الآن، إضافة إلى انقطاع المنح البحثية التي كانت توجه من الاتحاد الأوروبي للشركات في بريطانيا، فضلاً عن ارتفاع التعريفة الجمركية، وتراجع التمويل المخصص من الاتحاد الأوروبي للشركات الناشئة، علاوة على غموض الموقف حول الطريقة التي ستتبعها شركات التقنية البريطانية في مجال التعامل مع البيانات الشخصية.

نقص الكوادر

وقت أطول

يرى التقرير الذي صدر، أخيراً، عن مؤسسة «تيك ريبابليك»، أنه ستكون هناك فترة إلزامية، مدتها سنتان على الأقل، ستظل فيها بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي. وخلال هذا الوقت ستظل كل الأطر القانونية، بما فيها قواعد تنظيم التعامل مع البيانات الشخصية العامة، كما كانت قائمة من قبل، فيما يتنبأ البعض بأن هذه العملية قد تستغرق وقتاً أطول، يراوح بين ثلاث وست سنوات.

وفقاً لتقرير «تيك ريبابليك»، فإن شركات التقنية العاملة في بريطانيا توظف بصورة روتينية مواطني الاتحاد الأوروبي، لكن قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد أوجد شكاً حول ما ذا كانت هذه الممارسة ستستمر بعد أن تطبق بريطانيا تعليمات وإجراءات جديدة خاصة بالهجرة والعمل على أراضيها.

فمثلاً شركة «آرم»، التي تعمل في المملكة المتحدة، وتصمم الشرائح الإلكترونية الدقيقة الداخلية لنحو 95% من الهواتف المحمولة، أصبحت قلقة حول تأثير القرار في العاملين غير المقيمين داخل بريطانيا، خصوصاً أنها توظف 200 موظف من غير المواطنين البريطانيين في المقر الرئيس للشركة في كمبريدج.

وفي بيان أصدره بعد ظهور نتيجة استفتاء الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، أبدى منتدى شركات تقنية المعلومات في بريطانيا قلقه من أن التعقيدات المستقبلية المتعلقة بالتوظيف ستفاقم من الفجوة القائمة في توافر الكوادر المتخصصة والمدربة، وذلك مع زيادة المخاطر الناجمة عن التعقيدات الإضافية المتوقعة، والارتفاع في كلفة توظيف المحترفين في تقنية المعلومات من الاتحاد الأوروبي.

تمويل الشركات الناشئة

ويوجد في بريطانيا مجتمع كبير ونابض بالحياة لشركات التقنية الجديدة والناشئة، والكثير منها يتخذ من غرب لندن مقراً له، وحسب تقرير «تيك ريبابليك»، فإن رأس المال المخاطر الذي يساعد العديد من هذه الشركات للوقوف على قدميها، والانتقال لمرحلة التوسع والنمو، وأيضاً يجذب الشركات الناشئة في الاتحاد الأوروبي للانتقال الى العاصمة البريطانية، يمكن أن يصبح مهدداً حالياً مع الانفصال عن الاتحاد.

ونقلت صحيفة «فايننشال تايمز»، عن مؤسس إحدى شركات الأسهم الخاصة، جون مولتون، قوله إن الصندوق الأوروبي للاستثمارات في لوكسمبورغ هو أكبر مستثمر بشركات رأس المال المخاطر في بريطانيا، محذراً من أن الصندوق ربما يتوقف عن الاستثمار في بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

تعريفة جمركية جديدة

ومن المتوقع أن يستغرق إتمام اتفاق تجاري جديد بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا سنوات عدة حتى تتم الموافقة عليه. وطبقاً لتقديرات تقرير «تيك ريبابليك» فإنه خلال هذه الفترة ستعمل بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي تحت قواعد منظمة التجارة العالمية، وهذه القواعد ستجعل المصدرين البريطانيين يدفعون تعريفة الاستيراد الجديدة الخاصة بالاتحاد الأوروبي، كما أنهم يواجهون عوائق جديدة للتجارة. وإضافة إلى ذلك ستعيد بريطانيا من جهتها التفاوض حول أكثر من 50 اتفاقاً تجارياً حراً مع الاتحاد الأوروبي، وقعت عليها بلدان عديدة، في مناطق شتى من العالم، تمتد من كندا الى كوريا الجنوبية، وتبدو شركات التقنية هي المرشحة بصورة أكثر للتضرر من هذا الوضع.

المنح البحثية

من جهة أخرى، يقدّم الاتحاد الأوروبي منحاً للبحوث والتطوير داخل المعاهد والشركات البريطانية، والبعض منها شركات تقنية؛ وخلال الفترة بين عامي 2007 و2013 موّل الاتحاد الأوروبي بحوثاً بنحو سبعة مليارات يورو، وحين تؤخذ المساهمة البريطانية بهذا التمويل في الاعتبار، يصبح صافي المنح المقدمة لبريطانيا من التمويل الأوروبي نحو 300 مليون يورو سنوياً.

وتعد شركة «آرم» واحدة من بين شركات التقنية التي تتوقع أن تفقد تمويل الاتحاد الأوروبي للبحوث، كنتيجة مباشرة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد، وتأمل في أن تقوم بريطانيا بتعويض هذا النقص. وقال متحدث باسم الشركة إنها قد تفقد بعض المنح البحثية من الاتحاد الأوروبي، لكن هذا سيعادل أقل من 1% مما أنفقته الشركة على البحوث والتطوير خلال السنوات الماضية، معرباً عن أمله في أن تتم تغطية هذا النقص من قبل الحكومة البريطانية.

التعامل مع البيانات

وينخرط الاتحاد الأوروبي حالياً في عملية تفاوض مع الولايات المتحدة على اتفاق جديد حول نقل البيانات الشخصية عبر المحيط الأطلنطي، إذ تجري المفاوضات حول بنود الاتفاقية الموقعة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للملاذ الآمن وحماية الخصوصية.

وبموجب هذا التفاوض، فإن الشركات العاملة في دول الاتحاد الأوروبي لديها حتى يونيو 2018 لتوفيق أوضاعها مع القواعد المنظمة لحماية البيانات العامة المعروفة باسم «جي دي بي آر»، والتي أرست تغيرات بعيدة المدى في الكيفية التي تتعامل بها المؤسسات والمنظمات المختلفة مع البيانات الشخصية. وفي غضون ذلك، جاء قرار بريطانيا بالانسحاب ليلقي الكثير من الشك والغموض حول الطريقة التي سيكون من المتعيّن على الشركات العاملة في بريطانيا الالتزام بها في ما يخص التعامل مع البيانات الشخصية.

وقد دفع هذا الموقف الغامض، منتدى شركات التقنية في بريطانيا للتحرك وحث الحكومة على سرعة توضيح الأمر. وقالت المديرة التنفيذية للاتحاد، بوبلو اسكا، إن الشركات الأعضاء لديها العديد من الأسئلة لاتزال تحتاج إلى إجابة، منها: أين يمكن أن نقف في ما يخص حماية البيانات إذا ما تم إقرار قواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بحماية البيانات العامة، وهل ستطبق الشركات ما سيتم الاتفاق عليه في التفاوض مع الولايات المتحدة أم ستضع بريطانيا إطاراً قانونياً جديداً، أم ستعمل وفق القواعد المعمول بها حالياً؟

الأكثر مشاركة