«أبل باي» تواجه تحديات مع فرص نجاح في المستقبل
بعد مضي عام على الإعلان عن خدمة «أبل باي» للدفع عبر الهواتف الذكية، فإنها لاتزال بعيدة عن تصديق وصف الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» الأميركية، تيم كوك لها بقوله: «تغيير دائم في الطريقة التي نشتري بها الأشياء»، لكن ذلك لا يعني إعلان إخفاقها ونهايتها؛ إذ تُؤشر اتجاهات عدة إلى فرص نجاحها في المستقبل.
وجرب «أبل باي» 13% فقط من الأشخاص الذين يمتلكون هواتف «آي فون» تدعم الخدمة، وفقاً لاستطلاع يونيو 2015، الذي أجرته شركة «إنفو سكوت» لأبحاث المستهلك، وموقع «بيمنتس» PYMNTS.com المتخصص في قطاع المدفوعات، كما توصل الاستطلاع نفسه إلى استخدام ثلث أصحاب هاتف «آي فون 6»، ممن تردووا على متاجر تدعم «أبل باي»، للخدمة، مُقارنة مع نصف عدد المستهلكين قبل ثلاثة أشهر.
نمو بطيء
وتُشكل التعاملات المالية عبر «أبل باي» 1% فقط من معاملات المتاجر العادية في الولايات المتحدة، وهو قدر وصفه مؤسس «ماركت بلاتفورم ديناميكس» لاستشارات المدفوعات، ديفيد إيفانز، بـ«المجهري». وفي الواقع لا يُخالف النمو البطيء لاستخدام «أبل باي» التي تتوافر حالياً في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فقط توقعات المتخصصين في قطاعي المدفوعات وتجارة التجزئة.
وعلى الرغم من إعلان العديد من سلاسل التجزئة الرئيسة مثل «بست باي» و«ماكدونالدز» قبول «أبل باي»، فإن أجهزة نقاط البيع اللازمة لاستخدام «أبل باي» تتوافر لدى نسبة 27% فقط من منافذ التجزئة الأميركية، بحسب دراسة نشرتها في سبتمبر الماضي شركة «ستراوهكر غروب» Strawhecker Group لاستشارات المدفوعات، ما يجعل من الصعب على المستهلكين الذين يُمكنهم استخدام «أبل باي» اعتيادها.
شكوك المستهلكين
ويُسهِم في النمو البطيء لاستخدام «أبل باي» شكوك المستخدمين في حاجتهم إلى الهواتف الذكية لدفع المال في وقتٍ تؤدي فيه البطاقات الائتمانية هذه المهمة، كما لا يعرف بعض المستهلكين وحتى العاملون في المتاجر كيفية استخدام «أبل باي»، ويرى بعض المستهلكين الخدمة أقل أمناً من البطاقات، كما أن «أبل باي» تعمل أساساً على هاتف «آي فون 6» والطرازات الأحدث أو ساعة «أبل ووتش» وهواتف «آي فون» المتوافقة معها، ما يجعلها بعيدة عن متناول الكثير من مستخدمي منتجات «أبل».
إلا أنه لايزال من السابق لأوانه الحديث عن نهاية «أبل باي»؛ ففي غضون عام واحد نجحت «أبل» في إحراز تقدم يفوق ما حققه أيٌّ من منافسيها في خدمات الدفع عبر المحمول حتى الآن. وتُمثل نسبة 1% من تعاملات التجزئة مبيعات بقيمة نحو 5.2 مليارات دولار، تمت من خلال «أبل باي»، ما يُعادل ثلاثة أرباع جميع المدفوعات عبر الهواتف المحمولة في المتاجر، بحسب مُؤسس شركة «كرون كونسلتينغ» للاستشارات في مجال المدفوعات، ريتشارد كرون، الذي يرى أنه استناداً إلى هذه الرؤية، فإن الخدمة حققت نجاحاً مبهراً. ومن المُفارقات أن البطاقات الائتمانية الجديدة المزودة بالرقائق الإلكترونية لتوفير قدر أكبر من الأمان تُسهِم في دعم «أبل باي»، وغيرها من خدمات دفع الأموال عبر «المحمول»؛ فمن ناحية تتوافر معظم أجهزة التحقق الجديدة على تقنية «الاتصال قريب المدى» اللازمة لهذه الخدمات.
ومن ناحية أخرى، فإنه عادةً يستغرق استخدام البطاقات الجديدة وقتاً أطول يفوق البطاقات القديمة المزودة بالشريط المغناطيسي؛ بسبب حاجة المستهلكين لإدخالها والانتظار لحين قبولها، الأمر الذي يُمثل فرصة لشركة «أبل» لتسويق خدمة «أبل باي» كطريقة أسرع لدفع المال، حسب ما قال نائب الرئيس المسؤول عن التصميم والابتكار في شركة «وورلد باي» لخدمات الدفع، جو كلينوشتر.
عوامل داعمة
وكانت المصارف الأميركية حددت تاريخ الأول من أكتوبر الجاري موعداً نهائياً يُلزم المتاجر بقبول البطاقات الائتمانية المزودة بالشرائح الإلكترونية، ودون ذلك ستُواجه مسؤولية الاحتيال في البطاقات. ويتوقع الرئيس السابق لخدمة الدفع «غوغل والت»، أسامة بدير، أن تُوفر ثلث المواقع تقنية «الاتصال قريب المدى» بحلول نهاية العام المُقبل. ويشغل بدير حالياً منصب الرئيس التنفيذي لشركة «بوينت» Poynt الناشئة لأجهزة التحقق. ويعتقد أن توفير هذه التقنية سيُشكل نقطة تحول، سيبدأ بعدها المستهلكون طلب قبول خدمات الدفع عبر «المحمول» في معظم المتاجر التي يترددون عليها. وفي الوقت نفسه، تحمل الخدمات التجارية الجديدة وتطبيقات توصيل الطلبات، توقعات لدعم الدفع عبر الهاتف، وقد تُساعد التجارة الإلكترونية في تعزيز تقدم «أبل باي»، حسب ما يرى كيث رابويس، المسؤول التنفيذي السابق في «باي بال» و«سكوير» والمستثمر الحالي في عدد من الشركات الناشئة المُتخصصة في مجال المدفوعات.
وفي ظل اعتياد المتسوقين يومياً خدمات الطلب الجديدة، والاستعانة بتطبيق مثل «أوبر» لطلب السيارات، ربما يتوقعون خدمة للدفع تتسم بالقدر نفسه من السلاسة. وبذلك قد يُؤثر تركيز «أبل» في توفير خدمتها بسلاسل كبيرة مثل مطاعم الوجبات السريعة ومتاجر البقالة إيجابياً في انتشارها؛ فبمجرد أن يألف الأشخاص يومياً استخدام «أبل باي»، سيلجأون إليها في متاجر أخرى، لاسيما مع توفير الأجهزة اللازمة، أو سيُفضلون التسوق في المتاجر التي تُتيحها.
سلاح سري
ولم تغفل «أبل» الشركات الصغيرة التي تظهر على ساحة الأعمال بأعدادٍ كبيرة. وقال تيم كوك خلال مؤتمر الإعلان عن أرباح «أبل» للربع الثالث من السنة المالية في يوليو الماضي، إن خدمة «أبل باي» تُضيف 80 ألفاً من الشركات الصغيرة والمتوسطة شهرياً. وربما يتسارع هذا المعدل في ظل توافر أجهزة نقاط الدفع المزودة بتقنية «الاتصال قريب المدى» بأسعار رخيصة مثل قارئ «سكوير» اللاسلكي بسعر 49 دولاراً.
وفضلاً عن ذلك، بدأت «أبل» توظيف ما يبدو سلاحها السري بإضافة بطاقات الولاء العامة والخاصة بمتاجر مُحددة، ما يُعطي بعض المستهلكين سبباً للارتباط بخدمة «أبل باي» واعتبارها ضرورية. ومع ذلك، فإن جميع هذه الخطوات والمزايا لا تعني انطلاق «أبل باي» وخدمات الدفع الأخرى عبر المحمول قريباً، إذ قال مدير ذكاء الأعمال في «ستراوهكر غروب»، جاريد دريلينغ: «في ما يتعلق بمدفوعات المحمول في المتاجر، فنحن في الدورة الأولى من السباق». وتوقع تقرير حديث من شركة «جونبير ريسيرش» للأبحاث استخدام نحو 200 مليون شخص لمحافظ الأموال عبر «المحمول» بحلول نهاية العام المُقبل، ما يعني ضعف عدد المستخدمين في نهاية العام الماضي. كما أن «أبل» تواصل بيع المزيد من هواتف «آي فون» الحديثة التي تدعم هذه الخدمة، وتُشير هذه الاتجاهات جميعاً أنه بمقدور «أبل باي» في نهاية المطاف تصديق رؤية تيم كوك.