تقنية تستخدم «الموجات» للشعور بالأجسام الافتراضية
تسعى شركة «ألترا هابتكس» البريطانية الناشئة إلى تحسين تقنيات التحكم عن طريق الإيماءات وحركات اليد، بحيث تُتيح للمستخدمين تجربةً أكثر تفاعلية، والشعور بلمس أجسام وأسطح افتراضية بأيديهم، وتعتمد في ذلك على استخدام الموجات فوق الصوتية التي لا تستطيع الأذن البشرية التعرف إليها.
وأشار أحد مؤسسي الشركة، توم كارتر، إلى أن التقنية الجديدة يُمكنها تحسين واجهات الاستخدام المعتمدة على الإيماءات، مثل تلك التي يُوفرها مستشعر «كينكت»، الذي تقدمه شركة «مايكروسوفت» مع منصة الألعاب التابعة لها «إكس بوكس»، وأيضاً جهاز «ليب موشن»، ويجري ذلك عبر عكس موجات ضغط الهواء بطريقة تُنشئ أحاسيس مختلفة لكل إصبع في اليد.
وأضاف كارتر: «في الواقع تشعر بالتفاعل مع شيء، وتتلقى رد فعل فورياً عن طريق اللمس».
| الموجات فوق الصوتية وتطبيقاتها
تستطيع الأذن البشرية سماع الأصوات التي تراوح تردداتها بين 20 هيرتز و20 كيلوهيرتز بوضوح، بينما لا تستطيع سماع الأصوات التي تقل عن 20 هيرتز أو تزيد على 20 كيلوهيرتز، لهذا السبب يقوم مصممو السمعيات بوضع ما يسمى مرشح إلكتروني لتمرير الترددات السمعية فقط، كالحال في بطاقات الصوت الخاصة بالحواسيب مثلاً. ويمكن تصميم مولدات فوق صوتية وأجهزة تحسس فوق صوتية لاستخدامها في الكثير من التطبيقات الصناعية والطبية مثل المجالات الحربية، التي تستخدم فيها هذه الأجهزة للكشف عن الألغام الأرضية، والمجالات الصناعية التي تستخدم لتعقيم الماء واللبن، إضافة إلى المجالات الطبية التي يمكن بوساطتها الكشف عن الأورام السرطانية وتشخيص تضخم غدة البروستاتا عند الرجال ومدى تأثيرها، والكشف عن حالة وجنس الجنين باستخدام جهاز السونار، فضلاً عن تفتيت حصوات الكلى والحالب من دون إجراء عمليات جراحية. |
وفي حال أمكن تطبيق فكرة «ألترا هابتكس» وتحسنت نتائجها، فتتضمن تطبيقاتها إتاحة التفاعل مع أجسام متحركة ضمن ألعاب الواقع الافتراضي، وكذلك تحسين إمكانات الحركة، واستكشاف الأماكن لمن يُعانون صعوبات في حاسة الإبصار من خلال زيادة إحساسهم بالحروف البارزة المستخدمة في طريقة «برايل» عن طريق لمس أصابعهم للهواء.
وتستند تقنية «ألترا هابتكس» على بحث شارك فيه كارتر، طالب الدراسات العليا في علوم الحاسب في جامعة «بريستول» البريطانية، مع آخرين في الجامعة، منهم المؤسس المشارك والأستاذ المتخصص في التفاعل بين الإنسان والحاسب، سريام سوبرمانيان، إلى جانب باحثين في جامعة «غلاسكو» في أسكتلندا.
وحتى الآن لاتزال التقنية في طور التجريب، ويأمل كارتر أن يتوافر أول المنتجات التي تستخدمها في غضون العامين المُقبلين. ويعرض فريق البحث ورقة علمية تشرح التقنية الجديدة خلال مؤتمر «إيه سي إم سي إتش آي» الذي يتناول العوامل البشرية في أنظمة الحوسبة، والذي عقد الأسبوع الماضي في مدينة تورنتو الكندية.
ويشرح البحث المُقدم كيف يُمكن للأشخاص الشعور بردود فعل لمسية للموجات فوق الصوتية على أجزاء مختلفة من أيديهم، وكحركة مستمرة عبر اليد. وضمن الاختبار وضع المشاركون راحات أيديهم بمواجهة منضدة تتضمن 64 مجموعة من محولات الموجات فوق الصوتية في شبكة من ثمانية صفوف، ويتصل كل مُحول منها بدائرة إلكترونية، تتصل بدورها بحاسب، وأطلق كل مُحول موجات ضغط الهواء لترتد على أيدي المشتركين ما يعطيهم شعوراً بلمس الهواء. وفي إحدى التجارب ركزت مجموعة الموجات فوق الصوتية الاستجابة على 25 جزءاً مختلفاً في اليد؛ بهدف اكتشاف مدى تمكن المشاركين من تحديد المناطق التي شعروا فيها بالموجات فوق الصوتية بدقة.
وفي التجربة الثانية جرى إطلاق الموجات بطريقة قُصد منها أن يشعر بها المشاركون كخط من الحركة المستمرة في اتجاه محدد عبر اليد.
وأشار كارتر إلى أن التقنية في نهاية المطاف ستُستخدم في تكوين الأشكال وليس مجرد رسم الخطوط.
ومن خلال الاختبار، توصل الباحثون إلى أن بعض أجزاء اليد تفوق غيرها في الاستجابة للموجات فوق الصوتية، مثل المنطقة الممتدة عبر راحة اليد من إصبع الإبهام إلى الخنصر، وليس الاتجاه الرأسي الواصل إلى منتصف راحة اليد.
كما كشفت النتائج أن إحساس المشاركين بالحركة كان أفضل حين انبعثت موجات متعددة لفترات زمنية أطول في نقاط مختلفة.
وإضافة إلى ذلك، توصل البحث إلى أن أصغر شكل افتراضي أمكن للمشاركين الشعور به من خلال الموجات فوق الصوتية بلغت مساحته سنتيمترين مربعين تقريباً.
ولفت كارتر إلى الحاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات، وتُركز شركة «ألترا هابتكس» على صقل تقنيتها وتأهيلها للعمل على نطاق أصغر ودمجها ضمن نماذج أولية يمكن للمستهلكين المحتملين تجربتها.
من جانبه، اعتبر الأستاذ المساعد المتخصص في التفاعل بين الإنسان والحاسوب في جامعة «كارنيغي ميلون» الأميركية، كريس هاريسون، أن استخدام التقنية الجديدة في الألعاب من شأنه أن يضيف إمكانية شعور اللاعبين بريح خفيفة أو إصابتهم برصاص افتراضي، ومع ذلك فقد شكك في إمكانية عملها عبر غرفة بأكملها لاهتزاز الهواء أصلاً، وقال: «إنها غريبة بالتأكيد، لكن تمتلك الكثير من الإمكانات».