تصاعد إنفاق المواقع الإلكترونية على الإعلانات التلفزيونية في عصر الإنترنت
على الرغم من النمو المستمر في سوق الإعلانات على الإنترنت وتعدد وسائلها، ومواصلة شركات الإنترنت الكبرى عملها على جذب المعلنين، يبدو أن إعلانات التلفزيون لاتزال تحتفظ بمزايا خاصة يصعب منافستها، حتى إن بعضاً من مواقع الإنترنت الراغبة في الانتشار تُوجه نصيباً غير قليل من إنفاقها الإعلاني إلى التلفزيون.
ومن أمثلة ذلك، إطلاق موقع «تريب أدفايزور» المعني بمعلومات وتقييمات الفنادق وغيرها من الجوانب المتصلة بالسفر، حملة إعلانات في التلفزيون كلفته 30 مليون دولار، وهي الأولى للشركة التي انطلقت قبل 13 عاماً، وطوال تلك الفترة اعتمدت على إعلانات الإنترنت وحدها، مثل نتائج البحث المميزة، ثم الإعلان في مواقع الإعلام الاجتماعي.
وتقر «تريب أدفايزور» بدور إعلانات الإنترنت في تأسيس «مستوى لائق» للشركة، بحسب وصفها، إلا أنها ترغب في الانطلاق لمرحلة أبعد، وتعتقد أن الإعلانات التلفزيونية سبيلها لتحقيق ذلك.
وقالت نائبة رئيس الشركة لاستراتيجية العلامة التجارية، آن بولونا، إن «إعلانات التلفزيون وحدها تمتلك القدرة على نشر العلامة التجارية، وبناء علامة بصورة سريعة»، مضيفة: «لايزال التلفزيون الوسيلة الأفضل لإشراك الجمهور ورواية القصة»، وفقاً لما نقل عنها تقرير نشرته صحيفة «ذا وول ستريت جورنال» الأميركية.
ولا يُعد «تريب أدفايزور» مثالاً وحيداً على اتجاه شركات الإنترنت للإعلان في التلفزيون، فشركة «بوب شوغر»، التي تمتلك موقعاً على الإنترنت لبيع الملابس والأحذية، تخصص نحو 15 مليون دولار للإعلانات التلفزيونية، ومع اعترافها بدور الإعلان الرقمي في جلب زوار إلى موقعها، أظهرت الأبحاث أن علامتها التجارية لاتزال مجهولة تقريباً للمستهلكين.
وبسبب هذا التوجه خصصت العلامات التجارية الأميركية على الإنترنت 959.5 مليون دولار للإعلانات التلفزيونية خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، بزيادة 2.6% على العام الماضي، وفقاً لشركة تتبع الإعلانات «كانتار ميديا».
ويُقدم إقبال شركات الإنترنت على الإعلان في التلفزيون تبريراً للتصاعد المستمر في إعلانات التلفزيون، حتى مع تحول المسوقين نحو الإنترنت بدلاً من الوسائط الإعلامية التقليدية كالصحف والمجلات، ويُتوقع أن يرتفع الإنفاق الإعلاني على التلفزيون خلال العام الجاري في أميركا بنسبة 2.8%، ليصل إلى 66.3 مليار دولار، وفقاً لشركة «إي ماركتير»، وهو ما يعادل 38% من الإنفاق الإعلاني العام على مختلف وسائل الإعلام.
وتجتذب إعلانات التلفزيون لاعبين جدداً من شركات الإنترنت، من بينها «زيلو»، وهي قاعدة بيانات للعقارات في الولايات المتحدة تنسق بين البائعين والمشترين، وقرر الموقع في أبريل الماضي الإعلان عن نشاطه عبر التلفزيون للمرة الأولى منذ تأسيسه عام 2005، نظراً لأبحاث أشارت إلى أن 88% من المستهلكين لم يسمعوا سابقاً باسم الشركة.
وأشارت شركة «زيلو» إلى أن أكثر إنفاقها الإعلاني خلال العام الجاري، الذي راوح بين 30 و40 مليون دولار، ذهب إلى التلفزيون، واعتبرت الرئيسة التنفيذية للتسويق في الشركة، أمي بوهتينسكي، أنه كان للإعلانات التلفزيونية حتى الآن «تأثير ملحوظ» في حركة زيارة الموقع، والتعريف بالعلامة التجارية، والعائدات.
وفعلياً، أنفقت شركات الإنترنت مليارات الدولارات على الإعلان في التلفزيون مع الطفرة الأولى للإنترنت في أواخر التسعينات من القرن الماضي، وبدا حينها الاتجاه مبرراً نظراً لمحدودية أشكال الإعلانات على مواقع الإنترنت، الأمر الذي اختلف حالياً مع تنوع فرص إبراز الإعلان ضمن نتائج البحث، وعبر مواقع الشبكات الاجتماعية، التي يستخدمها ملايين الأشخاص، إلى جانب مواقع عرض الفيديو التي يقترب عدد مشاهدي بعضها من مشاهدي التلفزيون التقليدي، ومن جانبها، تبذل مواقع الفيديو جهدها لجذب المسوقين لإنفاق ميزانيات الإعلانات من خلالها.
ويأمل المسؤولون عن شركات الإنترنت أن تساعدهم مواقع عرض مقاطع الفيديو على الانتشار الجماهيري، وتحقق لهم الارتباط العاطفي مع المستهلكين، لكن البعض يعتقد بالارتفاع المبالغ في أسعار إعلانات الفيديو، إلى جانب الحاجة إلى تحسين آليات قياس وتقييم انتشار الإعلانات.
وعلى سبيل المثال، يرى موقع «إي هارموني» للتعارف على الإنترنت أن إعلاناته عبر التلفزيون، التي بدأها عام 2003، حققت له أفضل النتائج في ما يتعلق بجذب الأشخاص لزيارة الموقع والتسجيل فيه، ويُخصص الموقع 75% من ميزانيته الإعلانية السنوية البالغة 90 مليون دولار للإعلان في التلفزيون، وكان الموقع جرب على مدى 13 عاماً أدوات مختلفة للإعلان على الإنترنت، منها مواقع الإعلام الاجتماعي.
وقال نائب الرئيس لتجربة المتعاملين في «إي هارموني»، غرانت لانغستون، إن «إعلانات الإنترنت لم تحقق نتائج جيدة، على الرغم من أن الإعلان في (فيس بوك) مثل تجربة أفضل للموقع».
وتُثمن شركات أخرى دور الإعلانات الرقمية في جلب الزوار إلى الموقع، فترى شركة «إدموندس دوت كوم»، المتخصصة ببيع السيارات على الإنترنت، أن إعلاناتها على الإنترنت ساعدتها على جذب متوسط 18 مليون زائر جديد إلى الموقع شهرياً، ومع ذلك ستدشن الشركة الشهر المقبل حملة إعلانات تلفزيونية بقيمة 10 ملايين دولار، وهي الأولى لها منذ تأسست عام 1995.
الأمر ذاته تكرر في تجربة شركة «كيلي بلو بوك»، التي تملك موقعاً يحمل الاسم نفسه لبيع السيارات على الإنترنت، فبدأت هي الأخرى إعلاناتها التلفزيونية العام الماضي، وضاعفت إنفاقها على إعلانات التلفزيون هذا العام، بعدما تصاعد معدل زيارات موقعها، وتضاعف الوعي بعلامتها التجارية.
ومع المنافسة بين إعلانات التلفزيون والإنترنت، يعتقد أكثر المسوقين بأن الجمع بين أساليب إعلانية عدة يحقق نتائج أفضل.
ونقل تقرير «ذا وول ستريت جورنال» عن نائبة الرئيس للتسويق في موقع «هومز دوت كوم» للعقارات، ويندي فروهيلش، قولها: «لا يمكنك وضع البيض كله في سلة واحدة».
وكانت شركة « دومنيون إنتربرسيز»، التي تدير الموقع، أطلقت في شهر أغسطس الماضي أول حملة إعلانات تلفزيونية عن الموقع، بعدما استخدمت الإعلانات في نتائج البحث على الإنترنت ومواقع الإعلام الاجتماعي، وتبين أن المستهلكين لا يعرفون شيئاً عن «هومز دوت كوم».