تجنيس دياكيه خدم الجزيرة بعيداً عن المنتخب الوطني. تصوير: أسامة أبوغانم

رياضيون: التوطـين وليس التجنيس

عارض إداريون ولاعبون سابقون فكرة تجنيس لاعبين أجانب، ومنحهم قميص المنتخب الوطني للدفاع عن شعاره في المحافل الدولية على غرار ما تفعله اتحادات كرة القدم في دول عربية وأوروبية.

وكان رئيس اتحاد كرة القدم محمد خلفان الرميثي، صرح أخيراً بأنه «إذا توفرت أمامه فرصة قانونية لتجنيس لاعب متميز لخدمة المنتخب لن يبخل باغتنامها»، مشيراً الى أنها «الطريقة الناجعة في دعم صفوف المنتخبات الوطنية من خلال طرق كل الأبواب المشروعة من أجل تحسين المستوى العام والارتفاع به للأفضل».

غير أن المعارضين للفكرة، أكدوا عدم حاجة الكرة الإماراتية للاعبين مجنسين على الإطلاق، قياساً بالسلبيات المتوقع أن تصيب الأبيض إذا أقدم اتحاد اللعبة على هذه الخطوة مستقبلاً، من أهمها غياب الروح الوطنية عن اللاعبين المجنسين لأن ولاءهم سيكون مرهوناً بالعائد المالي الذي يحصل عليه «على حد تعبيرهم».

وبرهن معظمهم على وجهات نظرهم بنماذج سابقة لم تجنِ أي نجاح ملموس لمنتخبات كثيرة، وطالبوا بضرورة الاستفادة من اللاعبين أبناء المواطنات والوافدين والبدون ليحل التوطين بدلاً من التجنيس.

وشددوا على أن هناك قاعدة كبيرة من اللاعبين من هذه الفئة بحاجة إلى قرار يزج بهم في منظومة الكرة الإماراتية، لافتين إلى أن هذه الشريحة ستحدث نقلة كبيرة على مستوى المنتخبات الوطنية والأندية بشكل أفضل.

وسبق أن طبق نادي الجزيرة الفكرة بتجنيس اللاعب العاجي الأصل ابراهيم دياكيه الذي يلعب حالياً مع العنكبوت كلاعب مواطن، لكنه لا يستطيع ارتداء قميص الأبيض الإماراتي كونه مثل منتخب بلده الأصل في إحدى المناسبات الدولية.

هوية المنتخب الوطني

دعا لاعب المنتخب الوطني السابق خالد إسماعيل، إلى ضرورة الاستفادة من أبناء المواطنات والوافدين والبدون بدلاً من التفكير في مسألة التجنيس.

وقال «لم يحقق التجنيس الفائدة للمنتخب القطري الذي شرع في هذه الخطوة على صعيد الأندية والمنتخبات الوطنية بمختلف مراحلها السنية، بل للأسف أخذ العنابي بالتراجع».

وأضاف «هناك شريحة كبيرة موجودة داخل الدولة سواء من الوافدين أو البدون يجب أن نبدأ بتوطينهم كونهم قد عاشوا على أرض الدولة ويشعرون بقيمتها ويدركون عاداتها وتقاليدها وانخرطوا بالمجتمع المحلي وقدموا للدولة الكثير، وهم من وجهة نظري الشريحة الأفضل الواجب استثمارها لمصلحة الكرة الإماراتية بدلاً من التجنيس».

وتابع «أما التجنيس فيربط عطاء اللاعب الأجنبي بمدى المقابل المادي في المقام الأول، ووجود اللاعبين المجنسين داخل المنتخب الوطني يفقده الهوية الوطنية للفروق الشاسعة التي تفصلهم عن المواطنين، من حيث الاسم واللغة وحتى عند عزف النشيد الوطني وكلها أمور ستفقد الأبيض هويته».

وربط خالد إسماعيل بين التجنيس واللاعبين الأجانب في الأندية، وقال «كلاهما يضر المنتخب الوطني فالأندية على سبيل المثال أقدمت بشكل صارخ على التعاقد مع لاعبين أجانب في خط الهجوم، وأصبحنا نعاني في شغل هذا المركز كثيراً في المنتخب الوطني وانعكس سلباً على لاعبينا المواطنين، وبالتالي لابد أن تكون هناك ضوابط محددة لقضية اللاعبين الأجانب الذين اقتحموا الدوري الإماراتي بصورة سلبية لم تخدم الكرة الإماراتية على الإطلاق».

التجربة الفرنسية

واتفق لاعب المنتخب الوطني السابق عبدالرحمن محمد مع حديث زميله خالد إسماعيل، وقال «عندما نقيس التجربة الفرنسية التي نجحت في الاستفادة من التجنيس نجد أنها لجأت للاعب الذي تربى على أراضيها وحصل والداه على الجنسية الفرنسية، ولم نسمع مثلا أن فرنسا قد جنست لاعباً عمره 28 عاماً، ليمثل منتخبها وإنما هناك ضوابط وأنظمة استفادت منها المنتخبات السنية في فرنسا، وكذلك الأندية والمنتخب الأول».

وأضاف «هذا التشابه موجود داخل الدولة ولدينا الآلاف من الشباب من أبناء الوافدين والبدون، ولو فتحنا الباب أمامهم سيكون الأمر أفضل بكثير من التفكير في مسألة التجنيس».

وتابع «هناك العديد من الدول، من دون ضرب الأمثلة، جنست لاعبين ولم تجنِ شيئاً من التجربة، بل على العكس قد تراجعت بشكل مخيف لأن القرار لم يخضع للدراسة بالصورة المطلوبة».

وأكمل «لابد أن نمنح الأنديـة صلاحيات أوسع في مسألة استقطاب أبناء الوافدين والبدون ورعايتهم وتنمية مواهبهم، وبعد ذلك تقديمهم لاتحاد الكرة ليسهم في منح البارزين منهم الجنسية الإماراتية».

واختتم «أعرف عن قرب العديد من الشباب الصغار من المواهب الجيدة التي تحتاج لقرار من هذا النوع، وسنكون الفائزين في النهاية بتوسيع قاعدة الممارسين في الأندية وزيادة قاعدة الاختيار أمام الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية بدلاً من اقتصارها على فئة ضيقة من اللاعبين».

الأجنبي والمال

أكد مدير فريق الوصل بدر حارب، أن التجنيس ليس مفيداً للكرة الإماراتية، وقال «اللاعب المجنس دائما ماً يرتبط عطاؤه بالمال، وبالتالي سيفتقد المنتخب الوطني أهم المميزات من أبرزها الولاء والوطنية، ونحن نشاهد ذلك في كثير من المواقف كيف أن عطاء اللاعب مع المنتخب يختلف كثيراً عما يقدمه مع ناديه، لأنه يعلم جيدا أنه يحمل شعاره وعلم بلده».

وأضاف «من الأفضل أن نبدأ بالتجربة في البدون لأنهم قاعدة كبيرة موجـودة تحت أيدينا وقد نشؤوا وتربوا على عاداتنا ويدركون جيداً تقاليد الدولة، ولن تكون مسألة انصهارهم في الكرة الإماراتية صعبة، بل على العكس ستكون اللغة موجودة وثقافة المجتمع مكتسبة لديهم، وبالتالي ستكون المسألة أسهل بكثير من التجنيس».

واختتم «علينا التركيز بصورة أكبر على اللاعبين صغار السن وتحديداً في الفئة بين 10-15 سنة، لأن هذه العناصر ستفيد المنتخبات الوطـنية بمختلف مراحلها، وكذلك الأندية لسنوات طويلة وهذه هي الفائدة التي يجب أن نركز عليها، بدلاً من أن ندعو للتجنيس الذي لن يفيدنا لفترة قصيرة».

إسماعيل راشد: أهلاً بالتجنيس «المفيد»

أيد مدير المنتخب الوطني إسماعيل راشد فكرة تجنيس اللاعبين، الخاضعة لشروط وضوابط محددة قبل التنفيذ.

وقال «التجنيس أصبح موجوداً في العالم كله، وهناك دول كثيرة سبقتنا في هذه التجربة وقد نجحت فيها وأرى انه ليس من العيب أن نقدم عليه، طالما انه سيصنع الفارق وسيفيد المنتخب بصورة اكبر مما هو موجود لدينا». وأضاف «إذا كنا نفكر في التجنيس فيجب أن تكون هناك ضوابط وشروط صارمة تحكم هذه المسألة من الناحية العمرية أو السلوكية، فلابد أن نجنس اللاعب في سن صغيرة حتى نستفيد منه لسنوات طويلة، وكذلك لابد للاعب أن يكون على علم كامل بعاداتنا وتقاليدنا حتى لا يكون شاذاً بين رفاقه في المنتخب، وبالتالي تفتقد عملية تجنيسه جزءاً مهماً من الأهداف التي نسعى إليها في هذا الشأن».

وشدد إسماعيل راشد على ضرورة أن يكون اتحاد الكرة هو المسؤول في المقام الأول عن مسألة اختيار اللاعبين الذين يسعى إلى منحهم الجنسية».

واختتم «هذه المسألة لابد أن تكون بعيدة تماماً عن الأندية، لأن اتحاد الكرة يسعى للتجنيس من أجل أن يستفيد منه المنتخب وليس الأندية».

الأكثر مشاركة