ترامب يستهدف إعادة أميركا إلى القمر قبل انتهاء ولايته في 2028
بعد نحو ساعة واحدة فقط من أداء جاريد إسحاقمان اليمين الدستورية مديراً جديداً لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، أصدر الرئيس دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يحدد ملامح سياسة فضائية جديدة، تضمنت في جزء منها توجيهات مباشرة لرئيس الوكالة الجديد ومسؤولياته المستقبلية.
وعلى الرغم من أن جانباً من هذا الأمر التنفيذي يركّز على قضايا الأمن القومي والأنشطة التجارية في الفضاء، فإن الجزء الأبرز فيه تناول برنامج «أرتميس» الهادف إلى إعادة الولايات المتحدة إلى سطح القمر، حيث نصّ القرار على إنزال روّاد فضاء أميركيين على القمر بحلول عام 2028، وهو العام الأخير من ولاية ترامب الرئاسية، إلى جانب إنشاء محطة قمرية تعمل بالطاقة النووية بحلول عام 2030.
وحضر إسحاقمان مراسم توقيع الأمر التنفيذي، وأوضح في مقابلة أُجريت معه بعد ذلك بوقت قصير، أنه يطمح إلى تسريع الجدول الزمني وإعادة الأميركيين إلى القمر قبل عام 2028. ورغم ما يتمتع به المدير الجديد لـ«ناسا» من حماسة وكفاءة، يبقى التساؤل مطروحاً حول قدرته الفعلية على تحقيق هذا الهدف الطموح في الإطار الزمني المحدد.
ومنح الأمر التنفيذي وكالة «ناسا» مهلة 90 يوماً لإعداد خطة شاملة تهدف إلى «تحقيق أهداف السياسة الواردة في هذا الأمر، بما يتعلق بريادة العالم في استكشاف الفضاء، وتوسيع نطاق الوصول البشري والوجود الأميركي فيه»، وستكون هذه الخطة العامل الحاسم في الإجابة عن السؤال المتعلق بإمكانية نجاح المشروع.
«أرتميس 2»
ومن المقرر أن تنطلق مهمة «أرتميس 2» في فبراير المقبل، حيث سيقوم أربعة روّاد فضاء برحلة مأهولة حول القمر، وستعد هذه المهمة اختباراً حاسماً لمستقبل برنامج العودة إلى القمر، حيث إن نجاحها سيجعل الجدول الزمني الذي حدده ترامب أكثر واقعية، بينما سيكون الفشل بمثابة ضربة قوية للطموحات الأميركية، لاسيما وأن الفشل ليس خياراً إذا كانت «ناسا» جادة في العودة إلى القمر قبل نهاية ولاية ترامب.
ومن المتوقع أن تكون مهمة «أرتميس 2» الحدث الفضائي الأبرز في عام 2026، مع تغطية إعلامية واسعة النطاق، لا ينافسها في الأهمية سوى انتخابات التجديد النصفي الأميركية، وسيشارك في هذه المهمة أربعة رواد فضاء، ثلاثة أميركيين ورائد فضاء كندي واحد، حيث سيحلقون بسرعات أعلى ويقطعون مسافات أبعد مما وصل إليه أي إنسان منذ مهمة «أبولو 17» عام 1972، وسيشاهدون مشاهد لم يرها البشر منذ أكثر من جيلين.
وستمثل هذه المهمة خطوة مفصلية تجعل العودة إلى القمر واقعاً ملموساً، بعد أن ظلت لسنوات مجرد فكرة مستقبلية، وستنقل وقائعها جميع وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، من القنوات الفضائية إلى «البودكاست» ومنصات البث المباشر في مختلف أنحاء العالم.
أما المهمة التالية التي ستقع على عاتق «ناسا» بقيادة إسحاقمان، فهي إنزال رواد فضاء أميركيين على سطح القمر قبل نهاية عام 2028، ولن يقتصر أثر هذا الإنجاز على التفوق على الصين في سباق الوصول إلى القمر فحسب، بل سيمنح الرئيس ترامب خاتمة قوية ومشرفة لفترته الرئاسية.
«أرتميس 3»
ولتنجح مهمة «أرتميس 3» المخصصة للهبوط على سطح القمر، ستحتاج «ناسا» إلى نظام هبوط بشري متطور، وتعمل شركتا «سبيس إكس» و«بلو أوريجين» على تطوير نماذج مبسطة لأنظمة هبوط خاصة بهما، على أن يتم اختبارها أولاً في مهام غير مأهولة إلى سطح القمر قبل اعتمادها لنقل البشر، وقد أطلق إسحاقمان بذلك سباقاً تنافسياً بين الشركتين، حيث سيحظى الفائز بشرف إعادة البشر إلى القمر لأول مرة منذ نحو 55 عاماً.
وإذا نجحت مهمة «أرتميس 3» في التفوق على الصين والوصول إلى القمر قبلها، فإن ذلك سيمنح الولايات المتحدة وحلفاءها دفعة نفسية كبيرة، في حين أن الفشل، رغم كونه محبطاً ومهيناً، لن يعني بالضرورة نهاية الطموح الفضائي الأميركي.
وبحلول عام 2030، يتوقع أن تبدأ ملامح القاعدة القمرية التي تعمل بالطاقة النووية في الظهور، لتصبح مركزاً للبحث العلمي، والأنشطة التجارية، والتعاون والدبلوماسية الدولية، وتمتلك شركة «سبيس إكس» بالفعل خططاً لإنشاء مراكز بيانات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في الفضاء، ومن المرجح أن تسعى شركات أخرى إلى تطوير مشروعات مبتكرة تهدف إلى تحقيق أرباح من القاعدة القمرية.
الهدف الأول
وقد حسم الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب الجدل القائم بين أولوية التوجه إلى المريخ أو العودة إلى القمر، إذ أوضح بشكل قاطع أن القمر يمثل الهدف الأول في المرحلة الحالية، ورغم الإشارة إلى الاستعداد لمهمة مأهولة إلى المريخ في المستقبل، فإن الوثيقة تؤكد أن السير على الكوكب الأحمر لن يتحقق قبل اكتمال إنشاء القاعدة في القمر بشكل كامل.
يُذكر أن رؤساء أميركيين سابقين حاولوا مرتين إعادة رواد الفضاء إلى القمر، لكن خططهم اصطدمت دائماً بعقبات سياسية وبيروقراطية وبحالة من اللامبالاة العامة، غير أن الظروف هذه المرة تبدو مختلفة، حيث تتوافر عوامل دعم عديدة لإنجاح المشروع.
فالرئيس ترامب والكونغرس يدعمان بوضوح العودة إلى القمر، كما يشهد القطاع الفضائي التجاري ازدهاراً ملحوظاً، إلى جانب وجود تحالف دولي مستعد للمشاركة في البرنامج، وتملك «ناسا»، بقيادة جاريد إسحاقمان، قائداً شاباً يتمتع بالكاريزما والقدرة على الإصلاح، ما يجعله مؤهلاً لتحويل هذا الحلم الفضائي إلى حقيقة ملموسة، في وقت تمثل فيه الصين المنافس المناسب لإبقاء الزخم والاهتمام العالمي قائمين. عن «ذا هيل»
. الأمر التنفيذي نصّ على إنشاء محطة قمرية تعمل بالطاقة النووية بحلول عام 2030.
. رؤساء أميركيون سابقون حاولوا إعادة روّاد الفضاء إلى القمر، لكن خططهم اصطدمت دائماً بعقبات سياسية وبيروقراطية.