المشرَّدون في إسبانيا يتعرَّضون لمعاملة غير إنسانية

وفقاً لمؤسسة «رايس»، التي تحارب التهميش والاستبعاد الاجتماعي، فإن ثلث من ينامون في الشوارع الإسبانية إما أن يتعرضوا للإهانة والإساءة، أو الإيذاء الجسدي، وهو اتجاه آخذ في الازدياد. وفي سبتمبر المقبل سيصوت مجلس الشيوخ الإسباني على اقتراح قدمه حزب «باديموس» اليساري، من أجل تشديد العقوبة في القانون الجنائي على مثل هذه الاعتداءات، على قدم المساواة مع جرائم الكراهية الأخرى. وصاغت أستاذة الفلسفة والأخلاقيات الإسبانية، أديلا كورتينا، كلمة «رهاب البشر»، وهي الخوف من الفقراء، لتوصيف كيفية استهداف وتهميش المشردين.

ووفقاً للمعهد الوطني للإحصاءات الإسباني، يوجد في إسبانيا ما لا يقل عن 23 ألف شخص مشرد. بينما تضع مؤسسة «رايس» رقماً هو الأقرب للواقع وتحدده بـ31 ألف مشرد، حيث أخذت بعين الاعتبار أولئك الذين لا يتلقون المساعدة، إذ إنهم جميعاً يعتبرون هدفاً لكراهية غير ملموسة لكنها حقيقية. وتقول المتحدثة باسم «رايس»، جيما كاستيلا، إن «النوم والعيش في الشارع ينطويان على عنصر من العنف الهيكلي، المتفاقم بسبب الهجمات المباشرة».

ونشرت هذه المنظمة، غير الحكومية، تقريراً مرعباً عن المشردين في عام 2016، أوضح أن ما يقرب من نصف من كانوا يفترشون الأرض تعرضوا لحادث أو جريمة ذات صلة برهاب البشر، بنسبة 80٪ في أكثر من مناسبة، و20٪ مصحوبة بالعنف الجسدي. كان ألبرتو (47 عاماً) ينام في مدخل بلازا مايور (وهي ساحة من أهم الساحات في مدريد)، قميصه مزخرف بالعلم الإسباني، ولديه حقيبة صغيرة، يغطيها بأوراق متسخة. يقول «عشية عيد الميلاد، كنت أنام بالقرب من جهاز صراف آلي في سالامانكا، وجاءت مجموعة من الناس، وركلني أحدهم»، ويضيف «غالباً يحدث ذلك معك عندما يأتي مكانك أحد السكارى، أو من يتعاطون المخدرات»، ويتابع أن «الوضع آمن جداً في بلازا مايور، فقد اعتاد الناس رؤيتنا وهناك كاميرات أمنية، وأفضل أن أكون هنا ويراني الناس، لأن الأشخاص المشردين هم جزء من الواقع، أريدهم أن يروني».

أما خيسوس (65 عاماً)، الذي يعيش في الممر الذي يربط بلازا مايور بشارع هومونيما، فيقول: «في أحد الأيام كنت أسير في شارع باركيو، لالتقاء العاملين الاجتماعيين، وسألني رجل عن الوقت في ساعتي، وعندما أجبته بدأ فجأة بضربي، طلبت منه أن يتركني وشأني، لكنه ضربني مرتين بشدة». ويعيش خيسوس في طريق يؤدي إلى موقف سيارات ومطعم، ويفترش معه الأرض أربعة آخرون. ويقول «في بعض الأحيان يكون الأشخاص الذين يسيرون على أقدامهم باتجاه المطعم عدوانيين، ويصيحون بنا ويهينوننا، وفي أحيان أخرى ينعتوننا بالمقرفين، ولماذا لا نغسل أنفسنا».

في كتابها عن رهاب البشر، تقول كورتينا: «إنهم يكرهون الفقراء، وأولئك الذين لا حول لهم ولا قوة، فهؤلاء الناس يخلقون المشكلات، بدلاً من مساعدتنا على تحسين حياتنا».

ووفقاً لما ذكرته كورتينا، فإن المشردين ضعفاء للغاية، لأنهم يفتقرون إلى مكان خاص بهم، وبالتالي من الأهمية بمكان إطلاق حملات للتصدي للعنف البدني. وتعتبر وزارة الداخلية بالفعل «رهاب البشر» جريمة كراهية. ويقول متحدث باسم «رايس»: «في كثير من الأحيان لا يبلغون عن الهجوم، لأن المعتدي يمكن أن يعود ويقتلهم، وهناك العديد من الحوادث التي سجلتها وزارة الداخلية، وكثيراً ما ترفض حانة أو مطعم تقديم خدمة لشخص مشرد، أو يتم منعه من استخدام المراحيض، وهذه أيضاً تعتبر كراهية إذا كان هذا الرفض فقط لأنهم فقراء».

ويعتقد حزب «باديموس» أن الوضع يمكن أن يتحسن؛ إذا تم الاعتراف برهاب البشر كمبرر للإدانة في القانون الجنائي، على قدم المساواة مع العنصرية والخوف من الإسلام. وفي العام الماضي اقترح هذا الحزب في مجلس الشيوخ إدراج رهاب البشر ضمن القانون الجنائي، ووجد الدعم من جميع الأحزاب السياسية، باستثناء منتدى أستورياس. ويقترح الآن تحالف حزبي «أنكومو» و«بوديموس»، الذي يقوده خوان كوموريرا، أن الوقت حان، لكي يصبح هذا المقترح قانوناً.

وفي عام 2005، أحرق شابان امرأة بلا مأوى، ولم يتم اتخاذ تدابير مشددة بشأنهما. ويقول كوموريرا «إذا تمت الموافقة على القانون من قبل جميع الأطراف، فسيجيزه مجلس النواب، ويمكن أن يكون نافذ المفعول قبل نهاية العام، ويتم تطبيقه على حالات مثل تلك التي شهدناها للتو في بنيدورم». ويبدو أن المتحدثين باسم الحزب الشعبي والاشتراكيين، الذين صوتوا لمصلحة الاقتراح السابق، يدعمون المبادرة، رغم أنهم لم يدرسوا التفاصيل بعد. وفي غضون ذلك، أوضح متحدث باسم حزب «سيودادانوس» أنه إذا كان الإصلاح يعاقب على التمييز، فسوف يدعمونه أيضاً عندما يصل إلى مجلس النواب.

• المشردون، لا يبلغون في كثير من الأحيان، عن الهجوم عليهم لأن المعتدي يمكن أن يعود ويقتلهم، وهناك العديد من الحوادث التي سجلتها وزارة الداخلية.

• 23 ألف شخص مشرَّد في إسبانيا وفقاً للمعهد الوطني للإحصاءات.

الأكثر مشاركة