صراع العصابات يزيد عمليات الخطف في المكسيك
تمسح بريندا أورتيز (34عاما)، دموعها وهي تمسك يد ابنها البالغ من العمر سبع سنوات، ولديها سؤال واحد وبسيط «أين هم؟».
قبل عامين ونصف العام، عاد شقيقها واثنان من أصدقائه من سهرة خارج المنزل عندما أوقفت الشرطة المحلية سيارتهم، وبعد ذلك لم يشاهدهم أحد أبدا.
وتعد أورتيز واحدة من أكثر من 300 شخص من 10 ولايات في المكسيك زحفوا عبر العاصمة في عيد الأم، مطالبين بوضع نهاية لمشكلة اختفاء أحبائهم، ودعوا السلطات الى العثور عليهم، وكان معظم الذين شاركوا في التظاهرة من الأمهات، والعديد منهن أمضين سنوات عدة في البحث عن أطفالهن، وكن يمشين ببطء في حين حمل بعضهن الزهور، والجميع كن يحملن اللافتات، إضافة الى صور المفقودين، وكان يمشي معهن عدد من أشقائهن وشقيقاتهن وخالاتهن وعماتهن وحفيداتهن، وكانت جميعهن يطرحن سؤالا واحدا يقول: أين غابوا؟ لكن هذا السؤال كان يقابل بصمت مطبق من قبل الحكومة.
وقدمت أورتيز رسالة إلى الحكومة عن فقدان شخص، خلال بضعة أيام من فقدان شقيقها، وهي تقول إنها لم تلق أي رد.
وتضيف «انهم يعطوننا أنباء سارة كي يجعلونا نشعر بالسعادة، لكنه كان املا كاذبا»، وتؤكد أورتيز ان الحكومة غالبا ما تتذرع بأن اسباب الخطف هي الجريمة المنظمة. وتضيف «يقولون إن عائلتي لها علاقات مع عصابات تهريب المخدرات المحلية، لذلك فإن شقيقي اختفى». وتقول غاضبة «إنها إهانة، إذ إن عائلتي لم يكن لها، يوما، أي علاقة مع هذه العصابات».
وتسير خلف أورتيز امرأة تدعى مارسيلا راميريز، وهي ترتدي قميصاً (تي شيرت)، عليه صورة ابنة أختها سيسليا، التي تبلغ من العمر 22 عاما، والتي اختفت قبل نحو عام من الآن، وهي تقول «لقد ذهبت الى متجر مجاور، لكنها لم تعد حتى الان». وكما هي الحال لدى أورتيز، فإن العائلة لم تر أي تقدم في قضيتها. لكن راميريز متأكدة أن السلطات تعرف مَنْ خطف الفتاة، وهي تعتقد أن الحكومة المحلية تدرك أن جماعات إجرامية تعمل في المنطقة، وهم يعملون بحصانة مطلقة، وتقول «حاولت الشرطة ان تلطخ اسمها، إذ قالت إنها هربت مع رجل اخر، هي متزوجة ولديها طفلان، وهي لم تأخذ أي شيء معها، وإنما اختفت فحسب». وتدرك راميريز ما الذي حدث لابنة اختها سيسليا، وتؤكد «بصراحة لقد أخذوها لبيعها لعصابات تعمل في الجنس».
قلة من الناس يدركون الذي حدث بالضبط لهؤلاء المفقودين في المكسيك، لكن الشائعات كثيرة في هذا المجال. وتعمل ساندرا التي لم توافق على التصريح باسمها كاملا، في منظمة لحقوق الانسان بولاية كواهيلا الواقعة شمال شرق المكسيك، وتقول «نحن لا نفهم في الواقع ما الذي يجري»، وهي توضح أن معظم المفقودين تراوح أعمارهم بين 15 و35 عاما، وتضيف «في البداية كان يختفي الرجال، لكن في ما بعد بدأت تختفي النساء أيضا». وكالآخرين تعتقد أن هؤلاء المفقودين يخطفون، ومن ثم يتم إجبارهم لدى عصابات المخدرات.
وهي تشير الى أن معظم الرجال المفقودين في ريعان الشباب، وفي سن تسمح لهم بالعمل ساعات طويلة، أما النساء فتقول إنهن «يمثلن مكافآت للرجال العاملين في الجريمة المنظمة، وهذا ما يقوله الناس هنا».
وتعرضت بلدة ساندرا لأعمال عنف قوية، حيث أصبح المواطنون عالقين في خضم الخلافات بين العصابات المتصارعة.
وهي تشرح أن القيود المشددة التي وضعها الرئيس المكسيكي فيليب كالديرون على الجريمة المنظمة، عملت على زيادة اختفاء الأشخاص بالقوة، وخلال العامين الماضيين قامت منظمتها بتسجيل اختفاء 280 شخصا، في بلدتها التي يبلغ تعداد سكانها 950 ألف شخص، وهي تعتقد ان عدد المخطوفين من المرجح أن يتزايد كثيرا، لكنّ الكثيرين يخشون إبلاغ الشرطة عن مفقوديهم، ولم تقدم الشرطة المكسيكية احصاءات رسمية عن المفقودين، بسبب الحرب على المخدرات، الا أن اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في المكسيك سجلت نحو 16 ألف مفقود، منذ مجيء كالديرون الى السلطة عام .2006
ويقول العديد من الذين يبحثون عن أقربائهم، إن السلطات متورطة في اختفاء هؤلاء الأشخاص، لكن شخصا قال إن اسمه فيكتور يوضح أن العاملين مع المنظمات الإجرامية غالبا ما يتظاهرون بأنهم رجال شرطة، ويرتدون ملابس رجال الشرطة. ويقول إنه في المكسيك لا يمكنك أبدا ان تكون واثقا بأي شخص من مجرد المظهر الذي يبدو عليه.