الإعلامي الذي نريد

لا يمكن لأي منا أن ينكر أو يتجاهل ما قطعه الإعلام العربي من خطوات كبيرة على طريق التقدم، وما حققه من إنجازات جعلته يخرج الى حد كبير من ثوبه التقليدي الذي ظل عليه وقتاً طويلاً، وخلقت حالة من المقت والضجر لدى المتلقي العربي من مشاهد أو قارئ او مستمع، وأصبح ببساطة يمكننا القول إن ما يسببه لنا الاعلام الرسمي من غضب واستياء وإحباط يمكن ان نعوضه بشيء من الارتياح النسبي من خلال الإعلام الخاص وغير الرسمي الذي يتمتع بهامش أكبر ولو قليلاً من حرية الحركة والعمل والنزاهة، سواء كان هذا في الصحف أو في محطات التلفزيون أو الإذاعة. لكن رغم كل ما وصلت إليه حالة الاعلام العربي من نضج إلا انه مازال من الظلم ومن غير المعقول مقارنتها بالاعلام في الدول الغربية، حيث يتمتع بهامش مفتوح وشبه مطلق من حرية الحركة والعمل والامكانات المادية والمهنية من كفاءات، ما يخلق أجواء رائعة من المنافسة الصحية التي تنعكس بالفائدة الكبرى على الجمهور المتلقي أولاً وعلى المصلحة الوطنية العامة للبلاد، وتتمثل في حالة تحقيق المزيد من التقدم والنضج، إذأ يقول رامزي وهو من مواليدأأ جنوب ويلز، إنه بعد 20 عاماً من العمل الإعلامي في التغطية الحية والمثابرة كمراسل للمحطة لمع اسمه في تغطية أحداث «الربيع العربي»، من خلال الكشف عن مقابر جماعية في طرابلس لمجازر ارتكبها أعوان معمر القذافي من العاصمة الليبية، ثم تغطيته لوقائع «موقعة الجمل» قبل الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في مصر. ويضيف رامزي الذي غطى قبل ذلكأ تسع حروب ونزاعات نال عنها العديد من الجوائز الإعلاميةأ «العمل الإعلامي لا يعرف الراحة والإجازات، فأنت في عمل طوال الوقت، لأنك في مهنة البحث عن المتاعب، لا تعرف متى تسافر لتغطية أزمة سياسية ساخنة هنا أو هناك».

ومن ضمن ضرباته الصحافية النادرة تسجيل وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبوعمار)، وكذلك الأسابيع الأخيرة من الحروب الأهلية في ليبيريا، وتغطياته للحرب في دارفور والحرب في افغانستان والعراق، وكان شاهد عيان على مقتل رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بي نظير بوتو. وأخيراً وفي سورية فقد تمكن من دخولها خفية عن طريق لبنان وقال، «لم أذق طعم الأمان قط خلال الأيام الأربعة التي قضيتها في حمص، هذه المدينة ذات الـ850 ألف نسمة، حيث نيران القناصة والقتال الضاري بين القوات الحكومية ومعارضيها». وهكذا يتضح لنا مدى عمق إيمان هذا المراسل بأن الصحافة هي مهنة البحث عن المتاعب التي تحرم كل من يعمل فيها الراحة في سبيل النجاح وتحقيق الانجاز المهني الذي ينعكس بالفائدة المباشرة على الشخص، ثم على المؤسسة التي يعمل فيها.

بقي أن نقول إن هناك إمكانات وكفاءات فردية لدينا في العالم العربي، لكنها تحتاج الى أجواء الحرية والعمل والامكانات والرعاية لتحقيق النجاح الإعلامي مثل رامزي وغيره.

الأكثر مشاركة