احتشاد ناصري ضدّ زيارة «ملك مصر الأخير» للقاهرة

انتهت، أخيراً، زيارة «ملك مصر السابق»، أحمد فؤاد الثاني، إلى القاهرة، بعد جولة شملت أماكن بارزة في العاصمة المصرية، مثل نادي الجزيرة، وشارع المعز، ومتحف الحضارة. واستقبلت أطراف الزيارة بترحاب، بينما أثارت الزيارة حفيظة قوى وشخصيات ناصرية، عبرت عن تخوفاتها من حمل الزيارة دلالات سياسية.

ويشار من قبل كثيرين إلى أحمد فؤاد الثاني، نجل الملك فاروق، الذي خلعته ثورة يوليو 1952، بلقب «ملك مصر الأخير»، حيث تولى العرش اسمياً ورسمياً في الفترة من 26 يوليو 1952 إلى 16 يونيو 1953، بعد أن تنازل له والده فاروق عن الحكم، تحت ضغط قادة يوليو، وشكلت لجنة وصاية لكون أحمد فؤاد لايزال رضيعاً برئاسة محمد عبدالمنعم، ورشاد مهنا، وبهي الدين باشا، بحسب مؤرخين، بينما يفضل البعض وصفه بـ«ولي عهد فاروق»، كونه لم يحكم فعلياً.

وكان الملك السابق أحمد فؤاد الثاني، بحسب بيان الناطق الرسمي باسمه المؤرخ ماجد جورج، قد تلقى دعوات من كيانات عدة في مصر لزيارتها إثر وصوله إلى القاهرة، من بينها نادي الجزيرة بالزمالك، الذي يحمل فؤاد الثاني عضويته الشرفية، والذي فوجئ أعضاؤه بتجول الملك السابق وسطهم، بصحبة رئيس النادي شريف سيف النصر، لتقام له «عزومة غداء»، بحسب تعبير جورج، وتقدم له هدايا تذكارية على هامش الدعوة، ومن ثم القيام بجولة احتفائية لملعب الغولف ومنطقة الخيالة، حيث أقيمت عروض خاصة تكريمية للملك السابق.

كما قام الملك السابق، بحسب جورج، بزيارة شارع المعز، ومتحف الأمير محمد علي، ومنطقة المنيل، والمتحف القومي للحضارة، حيث أبدى فؤاد الثاني في ختامها إعجابه بـ«التغير المعماري الذي شهدته القاهرة، خصوصاً في مجال إزالة العشوائيات»، بحسب ما نقله الناطق الرسمي.

وبينما احتفت وسائل إعلام مصرية بحفاوة الاستقبالات في المزارات، وأبرزت صوراً ولقطات تذكارية لمواطنين مصريين مع فؤاد الثاني، تعرضت الزيارة لحملة هجوم واسعة من رموز ناصرية، اعتبرتها مساساً بمواريث ثورة 23 يوليو 1952.

فقد هاجم الإعلامي، مصطفى بكري، في برنامجه «على مسؤوليتي» في قناة «صدى البلد»، الزيارة، وقال: «أحياناً نحتاج لأن ننشط الذاكرة الوطنية، لأن البعض يريد أن يزوّر التاريخ، وينكر الحقائق التاريخية الثابتة، التي لا محل للجدل فيها. البعض أصبح لديه حنين لعهد ما قبل 1952 في مصر، أقول هذا بمناسبة الضجة المثارة حول زيارة ولي عهد الملك فاروق السابق، والذي يطلق عليه البعض لقب آخر ملوك مصر، والحقيقة أن أحمد فؤاد خرج من مصر وهو طفل رضيع بعد قيام الثورة الظافرة في 1952 بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وهو لم يحكم مصر في يوم من الأيام، وبعيداً عن الحفاوة غير المبررة والترحيب المبالغ فيه بزيارة الأخ أحمد فؤاد، دعونا نتكلم عن أوضاع مصر وقتها، أم هل نسيتم؟».

وتابع بكري «لقد نسي البعض ما كان يتم، ويحاولون أن يصوروا الوضع وقتها وكأنه الجنة الموعودة، ولا أدري من هو المتعهد الذي ينظم مثل هذه الزيارات، والتي جعلها تبدو وكأنها زيارات رسمية. مصر كانت وقتها محتلة من المستعمر البريطاني، الذي كان يتحكم في كل شيء، ولم يكن الملك فاروق سوى ألعوبة في يده، بشهادة كبار رجال هذا العهد، وكان المستعمر يمارس القمع والقهر ضد شعبنا».

وهاجم الزيارة أيضاً الكاتب الناصري، أحمد الجمال، في مقال تردد أن «الأهرام» اعتذرت عن نشره، لكن ظهرت فقرات منه في مواقع وصحف وصفحات ناصرية. وقال الجمال في المقال المنسوب إليه، إنه «أمر إنساني وحضاري أن يأتي لمصر أحمد فؤاد فاروق فؤاد إسماعيل إبراهيم محمد إبراهيم علي آغا، الذي شاءت الأقدار أن يخلع أبوه من الحكم، وهو لايزال في اللفة». ويستدرك الجمال «أما ما لا تفسير له سوى أنه نوع من المساخر الهزلية، فهو الهليلة (التهليل) الفاقعة التي صاحبت إطلالة الأخ أحمد».

وهاجم الكاتب الصحافي الناصري، أحمد رفعت، في مقال له بصحيفة «فيتو» الزيارة، واعتبر الكتابة عنها «حملة تبييض سياسي لحقبة ما قبل 1952، وحملة مخططة استُخدمت فيها كل أدوات الإعلام والدعاية الحديثة، من الدراما إلى تزييف التاريخ».

وحفلت صفحات الناصريين على «فيس بوك» بانتقادات متفاوتة للزيارة، مثل صفحة الدكتور مصطفى سلطان (ناصري وأفتخر)، وصفحة عضو المكتب السياسي للحزب الناصري رمضان بغدادي، التي نشرت كتابات رافضة للزيارة، وغيرهما.

نادي الجزيرة يفاخر بزيارة الملك أحمد فؤاد الثاني

تشرّفنا في نادي الجزيرة الرياضي بزيارة الملك أحمد فؤاد الثاني، والأمير محمد علي، والأميرة نوال، والأميرة فوزية. كانت الدعوة موجهة لكل أفراد الأسرة الكريمة المقيمين بمصر، للوجود والاحتفال بتلك الزيارة التاريخية.

شملت الزيارة جولة في كل أنحاء النادي من السنتركورت، إلى حمام السباحة، إلى الغولف، إلى الليدو والبرجولا.

وكان من دواعي سرور الأعضاء أن أتيحت لهم الفرصة لالتقاط الصور التذكارية مع الملك أحمد فؤاد الثاني، أثناء تناوله بعض الأكلات المصرية، مثل الملوخية، وأم علي، وبسبوسة بالقشطة، وكنافة بالقشطة، التي يحبها كثيراً.

بيان بشأن أثاث الملك فاروق

بالإشارة إلى ما أثير، أخيراً، عن بيع أثاث غرفة نوم الملك فاروق الأول في مزاد علني في الولايات المتحدة، يودّ الملك فؤاد الثاني وأسرته أن يؤكدوا أن كل ما تمت مصادرته من أملاك الأسرة لصالح الشعب المصري، قد أصبح جزءاً من الإرث الثقافي والتاريخي للوطن، في عهدة الحكومات المصرية المتعاقبة، بصفتها الراعية لمصلحة الشعب، والأمينة على ممتلكاته، التي يفترض أن تُعرض في متاحف الدولة كأملاك عامة، لا يجوز أبداً أن يختص بها أحد، ولا أن تُترك معرّضة للإهمال أو للسرقة.

الأكثر مشاركة