في ظل الخلافات بين الدول قد يكون من الصعب على منظمة الصحة العالمية مستقبلاً مواجهة الجوائح. غيتي

مستقبل مبهم لاتفاقات مكافحة الجوائح المقبلة

كشفت جائحة «كوفيد-19» عن نقاط ضعف الدول، ومنظمة الصحة العالمية، والمجتمع الدولي، على صعد عدة، من تبادل المعلومات وسوء إعداد الأنظمة الصحية إلى ضعف التنسيق الدولي، وعدم المساواة في الحصول على اللقاحات والعلاجات.

وفي مواجهة ملايين الوفيات الناجمة عن المرض والفوضى الاقتصادية والاجتماعية، بدأت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، مفاوضات بشأن اتفاق ملزم من شأنه أن يسمح بتجنّب الكارثة الصحية المقبلة.

ورغم الانتقادات و«المعلومات الكاذبة»، فإن هذه المناقشات تسير على نحو جيد، وفق ما أكد مسؤولو منظمة الصحة العالمية المكلفون بالملف.

وأُرسلت مسوّدة أولية إلى البلدان مطلع فبراير لتكون بمثابة أساس للمفاوضات التي تجري بانتظام في جنيف.

ومشروع الاتفاق هذا واسع للغاية حالياً، وقد أقرّت الرئيسة المشاركة لمكتب هيئة التفاوض الدولية، بريشس ماتسوسو، قبل أيام بأن بعض الموضوعات قد يكون من الصعب التفاوض عليها، مثل قضية الملكية الفكرية.

وأضافت في مؤتمر صحافي: «لكنّ الأمر الأكثر أهمية هو أن الدول الأعضاء اعترفت بأنه من المهم تطوير وثيقة ملزمة قانوناً».

بالتوازي، أطلقت البلدان مراجعة للقواعد الصحية الدولية، خارطة طريق منظمة الصحة العالمية لمنع الانتشار الدولي للأمراض، لمواجهة المشكلات التي أحدثتها جائحة «كوفيد-19».

وقال الدكتورة آشلي بلومفيلد، المشارك في رئاسة مجموعة العمل المكلّفة الملف، إن «المفاوضات الأخيرة حول هذا الموضوع جرت كما الاجتماعين السابقين، بحوار بنّاء للغاية. هذه الاجتماعات تبشّر خيراً لهذه العملية».

لكنّ الجدول الزمني ضيق، وتأمل منظمة الصحة العالمية أن يتم الانتهاء من هذين المشروعين في مايو 2024، وهو هدف طموح نظراً إلى تعقيدات القضايا، خصوصاً أن البعض، ومن بينهم مالك «تويتر»، إيلون ماسك، يكثفون انتقاداتهم لمنظمة الصحة العالمية، معتبرين أن مشروعاتها تهدد بتقويض سيادة الدول.

لكن هذه الانتقادات نفاها بلومفيلد، قائلاً: «إن ذلك يحيّرني كثيراً، وأعتقد أنه علينا أن نضع حدّاً لهذه المعلومات الكاذبة باستمرار، لأنه من المستحيل أن تدوس هذه العمليات، أو حتى منظمة الصحة العالمية، على سيادة البلدان».

وأشارت ماتسوسو إلى أن عملية إبرام الاتفاقات من شأنها ضمان أن الأمر متروك للدول لتحديد «ما يجب تضمينه في هذه الوثيقة القانونية».

وأضافت: «إنه أمر فريد من نوعه، لأن الدول الأعضاء لن تنظر فقط إلى نصّ وتبدأ المفاوضات، في حين أن المحامين عادة (يقدّمون وثيقة) يتم التفاوض عليها بعد ذلك من قبل الدول».

بدوره، قال كبير المستشارين القانونيين في منظمة الصحة العالمية، ستيف سولومون، إن «الدول ستحتفظ بسلطتها بعد عام 2024. وإذا تمّ التصديق على المعاهدة في مايو 2024 في منظمة الصحة العالمية، فستتمكن كل دولة من أن تقرر بحرية ما إذا كانت تقبل ما تم اعتماده أم لا».

وتابع: «بالنسبة إلى القواعد الصحية الدولية المعدّلة، إذا تم تبنّيها في مايو 2024، فلن تسري إلا بعد عام، وحصراً في الدول التي لم تتوقف عن تنفيذها».

كما سعى المسؤولون إلى تقديم تطمينات عبر القول إنهم لم يكونوا موافقين تماماً على فرض عقوبات لعدم الامتثال لقواعد منظمة الصحة العالمية. وقال بلومفيلد: «يجب أن نبحث عن طرق لتحفيز الدول ودعمها لتنفيذ القواعد الصحية الدولية كاملة، والوفاء بالتزاماتها، بدلاً من فرض عقوبات».

ورغم ذلك، أشارت ماتسوسو إلى أهمية وجود «آليات» تمكّن من مساءلة البلدان، مع الحفاظ على سيادتها، كما تفعل الأمم المتحدة، من خلال المراجعة المنتظمة لوضع حقوق الإنسان في كل بلد.

وعلى هذا الصعيد، أطلقت منظمة الصحة العالمية مشروعاً تجريبياً قبل عامين مع بلدان مهتمة بهذه الفكرة، كما أوضح الدكتور جواد المحجور، المسؤول في منظمة الصحة العالمية.

الأكثر مشاركة