كتبت غريتا تونبرغ في كتابها الجديد المؤلف من 500 صفحة إن «الكوكب يعاني الحمى». أرشيفية

100 خبير عالمي يحذرون من الكوارث الطبيعية

دائماً ما كانت الأفلام التي تدور أحداثها حول الكوارث الطبيعية تجعل مشاهديها يشعرون بنوع من الإثارة والهرب من الواقع، إلا أنه من المرجح أن يواجه الناس اليوم مثل هذه المصائب والأهوال بشكل متزايد، على عتبات منازلهم، حيث تتعدد الكوارث التي يواجهها البشر حول العالم حالياً من فيضانات عارمة في باكستان وأوروبا، وحرائق غابات مستعرة في أستراليا، وجائحة تؤدي إلى تدمير أوجه الحياة الطبيعية في كل مكان.

وفي هذا السياق، كتبت الناشطة البيئية المعنية بقضايا المناخ، غريتا تونبرغ، في كتابها الجديد المؤلف من 500 صفحة، والذي يحمل اسم «كتاب المناخ»، إن «الكوكب يعاني الحمى». وتتجنب الناشطة السويدية، البالغة من العمر 19 عاماً، القلق، بإسهام نحو 100 خبير عالمي، وهو أمر عادة ما يفضل منتقدوها أن يتهموها به، لرسم صورة متزنة وشاملة لأزمة المناخ التي تواجهنا جميعاً.

وحول أحد أهم رسائل «كتاب المناخ»، وهو عبارة عن مجموعة إسهامات من شخصيات مثل خبير الاقتصاد كيت راورث، والكاتبة والناشطة ناعومي كلاين، والمؤلفة مارغريت أتوود، قالت تونبرغ لمجلة «إل» إن «إحدى أهم الرسائل هي: لا تصغِ إليَّ، أصغِ إلى العلماء، أصغِ إلى الخبراء، أصغِ إلى الأكثر تأثيراً...».

ولكيلا تكرر كلماتها عندما وجهت انتقادات لقادة العالم في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في عام 2018، تسعى تونبرغ جاهدة إلى «قولها كما هي» للقراء الذين سيتعين عليهم بذل بعض المجهود لفهم علم الكتاب، وتأثيره الأوسع بشكل كامل.

ويتوافر «كتاب المناخ» حالياً من خلال نسخة إلكترونية على الإنترنت، وأخرى ورقية، ويحمل حملاً ثقيلاً بفضل كمّ المعلومات الهائل الذي يحتويه والنطاق والتضمين، حيث يعمل بشكل حاسم على شرح العمليات الجارية من حولنا، وتربط تونبرغ بشكل منهجي بين تدمير البشرية للطبيعة، ورد الفعل العكسي الكارثي في ​​كثير من الأحيان.

إرباك

ومن الممكن أن يتسبب السيل العارم من المواد الواقعية في البداية في حالة من الإرباك بالنسبة للقارئ، إلا أنه بمجرد أن يلتزمها المرء فإنها ستؤتي ثمارها في أقرب وقت. وفي النهاية، فإن الكتاب يدور حول «أعظم قصة في العالم»، والتي تجب روايتها في كل مكان، ألا وهي «أننا لدينا فرصة عظيمة لا يمكن تصورها، لأن تكون هناك لحظة حاسمة في تاريخ البشرية. لقد حان الوقت لرواية هذه القصة وربما تغيير نهايتها»، بحسب تونبرغ.

ولكن في حين أن «كتاب المناخ» هو عبارة عن حقيقة محضة، يحتوي على كل ما يحتاجه فيلم الإثارة الجيد: فهو يضم «قصة»، بمجرد أن يفهمها المرء تجذبه على الفور؛ و«الأشرار» مثل شركات النفط الضخمة، و«المستبدون» و«الأبطال» و«محاربو الأبطال» - وهم نحن - بالإضافة إلى المساعدين الشجعان في الكفاح من أجل نهاية سعيدة غير مؤكدة، بحسب ما سيجد القارئ في قصص الخيال والإثارة الممزوجة بالطابع العلمي، للمؤلف الأميركي دان براون.

تونبرغ نفسها لديها قصة فريدة وراء ذلك. في أواخر صيف عام 2018، جلست الشابة التي كانت تبلغ من العمر وقتها 15 عاماً، بمفردها أمام مبنى البرلمان في استوكهولم، للمطالبة بالمزيد من إجراءات حماية المناخ من جانب السياسيين السويديين. وبعد مرور عام، كانت الشابة السويدية قد أسست حركة عالمية للدفاع عن قضايا المناخ، حيث كانت كثيراً ما تحتك بشخصيات بارزة من أمثال الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، والمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، والنجم الأميركي ليوناردو دي كابريو.

وصارت تونبرغ ضمير الإنسانية العالق بين الوفرة وعار البصمة الكربونية، بين تراخي الغرب والكفاح اليومي ضد تغير المناخ في الأجزاء الفقيرة من العالم.

وعندما بدأ زخم غريتا في التراجع خلال عامي 2019 و2020، كان من الممكن لتونبرغ أن تلجأ إلى نشر الكتاب، الذي على الرغم من أنه يحمل اسمها على غلافه، فهو عمل مشترك شارك فيه عشرات الخبراء الذين يقدمون تقارير من مجالات تخصصهم.

وبعد أكثر من أربعة أعوام وهي في طليعة قضايا تغير المناخ، اعتادت تونبرغ الوقوف في وجه الرياح المعاكسة. قد تكون تونبرغ هي الشخصية التي تدعم القضية، وقد لا يكون «كتاب المناخ» هو مجرد كتاب للقراءة الإلزامية في المدارس، ولكن للقراءة في كل غرفة معيشة وخارجها.

 صارت تونبرغ ضمير الإنسانية العالق بين الوفرة وعار البصمة الكربونية، بين تراخي الغرب والكفاح اليومي ضد تغير المناخ في الأجزاء الفقيرة من العالم.

الأكثر مشاركة