«جبل النبي داوود».. تاريخ مقدسي يلتهمه «نفق صهيون»

انطلاقاً من الجهة الجنوبية للبلدة القديمة داخل مدينة القدس الشريف، مروراً بباب الخليل أحد أبرز أبواب أسوار القدس العتيقة، ووادي مأمن الله، ووادي الربابة جنوب المسجد الأقصى المبارك، وصولاً إلى «وادي قدرون» بالقرب من باب المغاربة، أحد أهم أبواب الحرم القدسي، تمتد سفوح جبل «النبي داوود» الذي يرتفع عن سطح البحر (777) متراً، كأحد المعالم التاريخية لأولى القبلتين.

كل ما ذكر لن يبقى حاضراً خلال الفترة المقبلة، حتى الاسم التاريخي للجبل أصبح في مهب الريح بسبب المخططات التهويدية، فقد كشف الاحتلال عن تخصيص وزارة شؤون القدس والتراث والاستيطان الإسرائيلية، وشركة «تنمية القدس» (PMI)، أكثر من مليونَي شيكل، لفتح «نفق جبل صهيون» أسفل جبل النبي داوود، إلى الجنوب الغربي من المدينة المقدسة، وتحويله إلى موقع تراثي سياحي، لسرد الرواية التهويدية داخل أزقة البلدة القديمة.

وكشفت وزارة شؤون القدس والتراث والاستيطان عن أجزاء جديدة من قناة اتصال سرية كان الاحتلال يستخدمها للربط بين غرب القدس و«جبل النبي داوود»، استكمالاً للجزء الذي تم الكشف عنه قبل نحو عام ونصف العام، في يوم يسمى بـ«القدس 2021».

تجديد التهويد

منذ عام 1967، يسعى الاحتلال لتهويد جبل النبي داوود، وطمس معالمه الإسلامية والمسيحية، كونه يحتضن العديد من المواقع الأثرية والتاريخية والدينية المهمة، أبرزها كنيستا «رقاد العذراء»، و«صياح الديك»، بالإضافة إلى مسجد النبي داوود، والمقبرة الإسلامية التاريخية.

ويقول رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي: «إن هذا النفق ليس حديثاً، فقد جرى الاستيلاء على جبل النبي داوود من قبل لواء هاريل في وحدة البلماح الإسرائيلية، في تاريخ 18 يونيو 1948، الذي مهّد لاحتلال باب المغاربة بالكامل في عام 1967.

ويضيف «إن ما يجري الآن في جبل النبي داوود، هو العمل على تنظيم النفق السري القديم، وفتحه وتهيئته كي يصبح مزاراً للمستوطنين في القدس».

ويبين الهدمي أن الاحتلال استخدم هذا النفق سراً في الفترة الواقعة ما بين نكبة عام 1948، ونكسة عام 1967، لنقل السلاح والأموال وخطف الفلسطينيين، وكعملية تواصل بين شقّي المدينة المقدسة الغربي والشرقي.

ويقول رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد: «إن نفق جبل صهيون سيستخدم حالياً، ليعبّر الاحتلال من خلاله عن بطولاته في فترة احتلال مدينة القدس، وشطرها إلى شطرين غربي وشرقي، فوزارة شؤون القدس الإسرائيلية تسعى في الوقت الحالي إلى تحويل النفق إلى موقع سياحي، لتمجيد عناصر عصابات وحدة (البلماح)، عبر تقنيات الصورة ثلاثية الأبعاد، وأفلام وصور ووسائل عرض حديثة، للسياح وطلاب المدارس».

تزوير التاريخ

جمعية «إلعاد» الاستيطانية، التي تعمل في إطار عمل تطوعي ضمن المشروع التهويدي الجديد، أسهمت في ترميم وتنظيف هذا النفق والقناة المائية القديمة، التي استخدمت قبل 74 عاماً من قبل الاحتلال، لفتحها مجدداً أمام المستوطنين وجمعياتهم، واليهود من دول العالم.

ويشير الباحث في شؤون القدس، فخري أبودياب، إلى أن الاحتلال يستهدف جبل النبي داوود بالمشروعات التهويدية، خصوصاً المناطق الممتدة من باب المغاربة حتى وادي الربابة، وذلك لقربها من المسجد الأقصى المبارك، كونها تقع على بعد 350 متراً جنوب غرب الحرم القدسي، وبالقرب من باب النبي داوود أحد أهم أبواب أسوار البلدة القديمة.

ويقول أبودياب لـ«الإمارات اليوم»، في حديث خاص: «إن النفق الجديد سيمر أسفل أماكن تاريخية ومقدسة لدى المسلمين والمسيحيين، والتي سلب الاحتلال الكثير منها، أبرزها مسجد ومقام النبي داوود، الذي تحوّل إلى كنيس يهودي، لتستغل إسرائيل ذلك لترويج رواياتها التلمودية».

ويشير إلى أن النفق سيستخدم لتسهيل وصول المستوطنين واليهود إلى المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة، كونه يعبر المسجد، ويصل إلى حائط البراق داخل باب المغاربة، مبيناً أن المستوطنين سيسيرون تحت الأرض، ويشاهدون المعالم العربية الإسلامية والمسيحية، مع أدلّاء ومرشدين يهود، والذين سيروون لهم تاريخاً تهويدياً مزيفاً حول مدينة القدس.

توسعة تهويدية

المنطقة من الجبل الواقعة في منطقة النبي داوود، وحي وادي الربابة، المجاور للحرم القدسي، ستشهد تنفيذ عشرات المشروعات التهويدية والاستيطانية، أبرزها «التلفريك» و«جسر المشاة»، كجزء من مشروع سياحي استيطاني ضخم، وذلك بحسب أبودياب.

ويلفت إلى أن النفق الجديد سيتصل بشكل مباشر مع المشروعات التهويدية جنوب الأقصى ووادي الربابة، لتكتمل حلقات تهويد القدس، وتشويه مشاهد معالمها التاريخية، فوق الأرض وتحتها.

ويقول الباحث في شؤون القدس: «إن الاحتلال يعمل حالياً على توسعة النفق، ليصل طوله إلى (1200) متر، وبعرض يمتد إلى سبعة أمتار، الأمر الذي يضاعف من وصول المستوطنين إلى حائط البراق وباب المغاربة والبلدة القديمة.

ويضيف أبودياب: «جراء ذلك، ستشهد مناطق عديدة في محيط البلدة القديمة بالقدس، وداخلها، وتحديداً المنطقة الجنوبية الغربية، إنشاء العديد من المشروعات التهويدية، ضمن مخطط وزارة شؤون القدس والتراث والاستيطان في ترميم وتوسعة واستكمال هذا النفق والقناة القديمة».

منذ عام 1967، يسعى الاحتلال لتهويد جبل النبي داوود، وطمس معالمه الإسلامية والمسيحية، كونه يحتضن العديد من المواقع الأثرية والتاريخية والدينية المهمة، أبرزها، كنيستا «رقاد العذراء»، و«صياح الديك»، بالإضافة إلى مسجد النبي داوود، والمقبرة الإسلامية التاريخية.

الأكثر مشاركة