مجلة «لانسيت» درست الوضع في 91 دولة

تغيّر المناخ يهدّد بانتشار الفيروسات عبر عالم غير مستعد

الخبراء يدعون إلى استغلال تجربة الوباء الحالي لتحسين الأنظمة الصحية. أ.ف.ب

خلق التغير المناخي ظروفاً مثالية لانتقال الأمراض المعدية، في وقت تبدو فيه أنظمة الرعاية الصحية، في العالم، ليست جاهزة للصدمة التي ستحدثها، وفقاً لدراسة جديدة. وقالت مجلة «لانسيت»، إنه بعد أن فشلت الدول، إلى حد كبير، في اختبار الإجهاد لفيروس «كوفيد-19»، فإن عقوداً من التقدم في السيطرة على الأمراض القديمة؛ مثل الملاريا، وحمى الضنك، والكوليرا، مهددة، ما لم يلتزم القادة بخطط مناخية أكثر طموحاً. والتقرير السنوي السادس للمجلة الطبية، المسمى «التتبع التنازلي»، يتتبع 44 مؤشراً للتأثيرات الصحية التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بتغير المناخ، ويسلط الضوء على تفاقم التفاوتات الاجتماعية.

وبالاعتماد على أبحاث من 38 مؤسسة أكاديمية، ووكالات تابعة للأمم المتحدة، وجدت الدراسة، التي أجرتها المجلة الطبية البريطانية أن احتمالية تفشي الفيروسات تتزايد بسرعة أكبر في البلدان المتقدمة. ويتزايد خطر الإصابة بالملاريا في المناطق الأكثر برودة، بينما أصبحت السواحل حول شمال أوروبا والولايات المتحدة أكثر عرضة للبكتيريا، التي تسبب التهاب المعدة والأمعاء وتعفن الدم. وفي الوقت نفسه، يعيش نحو 600 مليون شخص على ارتفاع أقل من خمسة أمتار، فوق مستوى سطح البحر، ما يعرضهم لخطر زيادة الفيضانات والعواصف الشديدة. وبحسب التقرير، قد يُجبر الكثيرون على مغادرة منازلهم بشكل دائم.

وقالت مديرة الأبحاث والمؤلفة الرئيسة للتقرير، ماريا رومانيلو: «هذه تحذيرات قاتمة أنه في كل يوم نؤخر فيه استجابتنا لتغير المناخ، يصبح الوضع أكثر خطورة»، موضحة «حان الوقت لإدراك أنه لا يوجد أحد في مأمن من آثار تغير المناخ». وقال التقرير إن أقل من نصف الدول الـ91، التي تم تتبعها في الدراسة، لديها خطة وطنية للصحة وتغير المناخ، ما يجعل قطاعاتها الطبية عرضة للصدمات الناجمة عن تغير المناخ. ومن بين 45 دولة لديها استراتيجية، خصصت ثماني دول، فقط، الأموال لمعالجة القضايا التي أثيرت في تقييماتها.

وتسبب الفيروس التاجي في وفاة نحو خمسة ملايين شخص، حول العالم، ودفع الاقتصادات إلى حافة الهاوية. وفي الوقت الذي تخفف فيه البلدان عمليات الإغلاق، في محاولة لإعادة تشغيل اقتصاداتها، تكافح دول أخرى من أجل السيطرة على عودة انتشار العدوى، والتي تفاقمت بسبب التوزيع غير المتكافئ للقاحات بين البلدان المتقدمة والدول ذات الدخل المنخفض.

ووجدت الدراسة أوجه عدم مساواة مماثلة في الاستجابة العالمية لتغير المناخ، إذ تتخلف البلدان النامية الأقل مسؤولية عن ارتفاع الانبعاثات، في الجهود المبذولة لإزالة الكربون. وحذر التقرير من أن هذه الدول ستتضرر بشدة من الاحتباس الحراري، إذ تهدد موجات الجفاف الأمن الغذائي والمائي، وهي القضية التي أثرت في ملياري شخص في عام 2019.

وكان أكبر عائق أمام تقديم الموارد هو التمويل غير الكافي، وفقاً لـ69٪ من البلدان التي شملها الاستطلاع. ولكن مع قيام الدول بضخ تريليونات الدولارات لإعادة تشغيل اقتصاداتها في خضم الوباء، حث التقرير صانعي السياسة على «تجاوز الخطاب واتخاذ الإجراءات»، في مؤتمر للأمم المتحدة، في غلاسكو يبدأ نهاية الشهر الجاري، يحضره قادة العالم. وسيضع المديرون التنفيذيون ونشطاء المناخ خططاً لخفض انبعاثات الكربون.

وحذرت الدراسة، أيضاً، من التعافي الاقتصادي الذي يحركه الوقود الأحفوري، والذي يمول إنتاج النفط والغاز والفحم، لكنه يوفر دعماً محدوداً للطاقة النظيفة. وقال التقرير إنه بدلاً من ذلك، يتعين على الدول خلق وظائف صديقة للبيئة، والعمل على حماية الصحة.

من جهته، قال المدير التنفيذي في مجلة «لانسيت»، أنتوني كوستيلو: «نحن نرى بالفعل أن تغير المناخ يضر بصحة الإنسان في جميع أنحاء العالم»، متابعاً «يمكن أن يكون التعافي من الوباء الحالي انتعاشاً أخضر، يضعنا على طريق تحسين صحة الإنسان وتقليل عدم المساواة، أو قد يكون تعافياً كالمعتاد يعرضنا جميعاً للخطر».

600 مليون شخص حول العالم معرّضون لخطر الفيضانات.

• وجدت الدراسة أوجه عدم مساواة في الاستجابة العالمية لتغيّر المناخ، وتخلّف البلدان النامية.

تويتر