بوريس جونسون يتودّد إلى الرئيس الأميركي الجديد

يفكر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في كيفية كسب صداقة الرئيس الأميركي الجديد، الذي وصفه ذات مرة بأنه «استنساخ جسدي وعاطفي» لدونالد ترامب. وقد كُتب الكثير عن التحدي الذي يواجه جونسون. ولايزال هجومه السيئ يتواصل على إرث باراك أوباما، خلال استفتاء عام 2016، حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، عالقاً في ذاكرة المقربين من الرئيس السابق. إن نفور بايدن من مشروع «بريكست»، واضح، وكذلك ازدراءه للقادة الذين يضغطون على الأزرار الشعبوية للفوز بالسلطة.

وبحكمة، كانت استراتيجية جونسون المبكرة هي التأكيد على أسس المصلحة المشتركة، بما في ذلك وجهات النظر المشتركة حول تغير المناخ، والتعددية، والدفاع. ولكن بينما يكافح الدبلوماسيون البريطانيون لبناء الجسور مع إدارة البيت الأبيض الجديدة، يمكنهم مواساة أنفسهم بفكرة واحدة بسيطة: على الأقل لم يكونوا في وضع تيريزا ماي، قبل أربع سنوات، في مواجهة رئيس قادم لم يسبق أن عرف العالم رئيساً مثله.

وفي ذلك تقول مديرة الاتصالات السابقة في حكومة ماي، كاتي بيريور: «كنا نغادر الاتحاد الأوروبي، لذا كنا بحاجة إلى التأكد من أن لدينا حلفاء ويمكننا التواجد في مكان آخر»، متابعةً «لذا تحملت تيريزا ماي الكثير، حقاً، لأنها أرادت اتفاقية التجارة الحرة من الرئيس ترامب. وبالطبع، هو رجل أعمال، لذلك علينا أن نبدأ في التفكير في نوع الصفقة، وما نوع الشيء الذي يعتبره ناجحاً؟».

اليد العليا

وأوضحت بيريور «عندما يفعل ترامب أي شيء، فإن الأمر كله يتعلق بتحقيق الفوز، والأمر كله يتعلق بالتأكد من أن له اليد العليا، لذا إذا أردنا الحصول على اتفاق بشأن شيء مثل التزامه المتجدد بحلف شمال الأطلسي، فسيتعين علينا أن نخطط لكيفية جعله يفعل ذلك، مع استمرار الشعور بأنه حقق انتصاراً. لقد كان شيئاً جديداً للجميع».

وخلال 80 عاماً من الدبلوماسية، عبر الأطلسي، حاول رؤساء الوزراء البريطانيون طرقاً مختلفة لجذب الرؤساء الأميركيين، بدرجات متفاوتة من النجاح. ومن بين القصص التي يذكرها التاريخ، إقامة ونستون تشرشل لمدة ثلاثة أسابيع، في البيت الأبيض، في زمن الحرب، بقيادة فرانكلين روزفلت، حيث ظل يعمل حتى وقت متأخر من الليل؛ واللقاءات الشهيرة بين مارغريت تاتشر ورونالد ريغان؛ وتوني بلير وجورج بوش الابن. والمحاولات الفاشلة التي قام بها غوردون براون اليائس لإقناع الصحافة البريطانية بأنه قريب من أوباما، رغم سلسلة الزلات الدبلوماسية.

ولم يواجه أي منهم وقتاً أكثر صعوبة من ماي، إذ واجهت رئيساً وبّخها، وتسلّط عليها في المكالمات الهاتفية، واستخدم «تويتر»، لمهاجمة أسلوبها في التعامل مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقضايا الإرهاب، وأشياء أخرى كثيرة. وتقول بيريور، إن العلاقة كانت فعلاً على حبل مشدود، في محاولة لإبقاء رئيس غريب، في صفها، بينما تواجه وابلاً من الانتقادات لفعلها ذلك. وبدت زيارة ماي، الأولى، لواشنطن للقاء الرئيس ترامب، بعد أسبوع من تنصيبه، في يناير 2017، محفوفة بالمخاطر؛ ولكن بدا أن الأمور تسير على ما يرام، في بداية الأمر، بالنسبة لرئيسة الوزراء البريطانية. وكان ترامب يتصرف بأفضل ما عنده، وحصلت ماي على الالتزام العلني، الذي أرادته بشأن مستقبل حلف شمال الأطلسي. إلا أن الأمور بدأت في الانهيار بمجرد مغادرتها.

وفي غضون ساعات، أعلن ترامب عن تفاصيل ما يسمى بحظر السفر من بلدان مسلمة، ما جعل رئيسة الوزراء تبدو ساذجة وحمقاء، في المرحلة التالية من رحلتها. وقد أدى قرارها بالاحتفاء الكبير بزيارة ترامب لبريطانيا، إلى نتائج عكسية.

جاك بلانشارد:  كاتب ومحلل سياسي

- خلال 80 عاماً من الدبلوماسية، عبر الأطلسي، حاول رؤساء الوزراء البريطانيون طرقاً مختلفة لجذب الرؤساء الأميركيين، بدرجات متفاوتة من النجاح.

- لم يواجه أيّ رئيس وزراء بريطاني وقتاً أكثر صعوبة من ماي، إذ واجهت رئيساً وبّخها، وتسلّط عليها في المكالمات الهاتفية، واستخدم «تويتر»، لمهاجمة أسلوبها في التعامل مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقضايا الإرهاب، وأشياء أخرى كثيرة.

الأكثر مشاركة