أردوغان يريد عضوية الاتحاد الأوروبي.. ولكن حسب أهوائه

أسهم مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية في إذابة الجليد عن العلاقات بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، حيث إن الاثنين يدعمان وقف إطلاق النار في ليبيا، وكانا يبدوان في وئام كبير خلال زيارة ميركل إلى إسطنبول، بعد سنوات من الخلافات التي ميزت العلاقات بين الطرفين.

ولطالما أحكم أردوغان قبضته على السلطة عن طريق ركوب موجة مشاعر العداء للغرب، حيث قام الرئيس التركي بتوجيه الانتقادات والشجب والتهديد للدول الأوروبية، وكان اللاجئون السوريون الورقة الرابحة بيد أردوغان، منذ أن أدرك الرئيس التركي أن تدفق هؤلاء اللاجئين هو مصدر القلق الأكبر للاتحاد الأوربي. لكن أردوغان أدرك أن ثمة فرصة يمكن أن تحل له جميع مشكلاته، في الوقت الذي تحاول ألمانيا تعزيز نفوذها في المشهد الدولي.

مطلب لم ينجح

وبدا الرئيس التركي مستعداً للتشارك مع دول الاتحاد الأوروبي، منذ العام الماضي، لكنه يريد استبعاد القيم الأوروبية في هذا الوقت، على عكس ما كانت عليه الحال في السنوات الـ10 الأولى له في السلطة. ونظراً إلى افتقاده الشفافية وحكم القانون، وعدم اعتراف المحاكم المحلية في تركيا بأنظمة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن مطلب تركيا أن تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي لم يحقق أي نجاح. لكن التزام تركيا باتفاقية اللاجئين عام 2016 أظهرت أن حرق جميع الجسور مع المستورد الرئيس للبضائع التركية، أي الاتحاد الأوروبي، لم يكن خياراً صحيحاً.

وبالنظر إلى أن تركيا ليس لها أصدقاء باستثناء روسيا، بات هذا الأمر مدمراً بالنسبة لأنقرة على الصعيد الاقتصادي. وتعمل اليونان وإسرائيل ومصر، إضافة إلى دول أخرى في البحر المتوسط، على احتواء تركيا، استناداً إلى انعزالها عن شركائها الأوروبيين في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي «الناتو».

وترى القوى الأوروبية، غير الفعالة، منذ سقوط العقيد القذافي، أن الجهود الروسية التركية في ليبيا بمثابة دعوة تهدف إلى استنهاض الأمن في ليبيا، التي تعد من أهم الطرق التي يسلكها اللاجئون القادمون إلى دول الاتحاد الأوروبي. وحاولت ألمانيا في مؤتمر برلين التوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في ليبيا. وقبل هذا الحدث، كتب الرئيس التركي مقالاً في مجلة بوليتيكو الأميركية، قائلاً: «يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يظهر للعالم أنه لاعب مهم في المعترك الدولي».

توافق

وكانت تركيا وألمانيا متوافقتين في ما يتعلق بقضية وقف إطلاق النار في ليبيا، الذي تحقق للمرة الأولى منذ خمس سنوات. وإثر انتهاء المؤتمر في برلين قامت المستشارة الألمانية ميركل بزيارة لإسطنبول، وتحدثت عن دعمها لجهود الحكومة التركية في استضافتها اللاجئين السوريين «وعدم السماح لهم بالعبور إلى الأراضي الأوروبية».

ووعدت ميركل بتقديم مزيد من التمويل للاجئين، إضافة إلى دعم مشروعات إعادة توطين اللاجئين الفارين من إدلب. وفي الوقت الذي كان الطيران الروسي يقصف إدلب، في ما بدا أنه الهجوم الأخير، كان أردوغان سعيداً لحصوله على بعض الدعم في نهاية المطاف. ويمكن أن يكون الاهتمام الألماني بإدلب بمثابة إنقاذ الحياة بالنسبة للرئيس التركي، الذي يبدو أنه لا يملك استراتيجية خروج في ما يتعلق بإدلب والمسلحين الذين يسيطرون عليها. ولقد تقربت تركيا من ألمانيا عن طريق توفير ظروف ملائمة لمصنع سيارات فولكسفاغن، بما فيها ضمان بيع كميات كبيرة منها. وكان استعداد أردوغان لهذا المشروع قد ورد ذكره بوسائل الإعلام الرئيسة في تركيا، التي يسيطر عليها كبار مسؤولي الحكومة. وكان جلياً أن تركيا، التي فقدت عملتها الوطنية الكثير من قيمتها، ستكون مكاناً مناسباً لمصنع السيارات. ولكن شركة فولكسفاغن ألغت هذا المشروع رداً على قيام الجيش التركي باحتلال مناطق بشمال سورية في أكتوبر الماضي. ولم تركز ميركل على القضية الكردية ولا على الحريات المدنية ولا حكم القانون في خطابها، واقتصرت في حديثها على شرح أهمية التفكير النقدي في العلومـ والمواطنين الذين يحملون جنسية مزدوجة ألمانية وتركية، والذين يحظر القانون سفرهم خارج الدولة. ولكن زيارتها للمنظمات غير الحكومية التي تركز على حرية الإعلام، كانت تمثل رسالة واضحة تماماً. وفي اليوم ذاته، ألغت إدارة الاتصال الرئاسية بطاقات الترخيص الصحافية لعشرات الصحافيين الذين يعملون في صحف معارضة للحكم، من دون إبداء أي أسباب لذلك. وهذه الخطوة ستجعلهم يعيشون تحت مزيد من الضغوط وتجعلهم أكثر هشاشة أمام المحكمة من أي وقت مضى.

ويبدو استعداد تركيا للعمل مع دول الاتحاد الأوروبي من جديد واضحاً تماماً، لكن الأوضح من ذلك أن القيم الأوروبية، وحرية التعبير، وحكم القانون، لن تكون جزءاً من هذه الشراكة.

صحافي بريطاني برهان يوكسيكاس

نظراً إلى افتقاده الشفافية وحكم القانون، وعدم اعتراف المحاكم المحلية في تركيا بأنظمة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن مطلب تركيا أن تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي لم يحقق أي نجاح. لكن التزام تركيا باتفاقية اللاجئين عام 2016 أظهر أن حرق جميع الجسور مع المستورد الرئيس للبضائع التركية، أي الاتحاد الأوروبي، لم يكن خياراً صحيحاً.

لطالما أحكم أردوغان قبضته على السلطة عن طريق ركوب موجة مشاعر العداء للغرب، حيث قام بتوجيه الانتقادات، والشجب والتهديد للدول الأوروبية.

 

الأكثر مشاركة