ياسر مرتجى.. أول صحافي شهيد في مسيرات العودة على حدود غزة

حمله زملاؤه الصحافيون، هو وكاميرته، على أكتفاهم، وجابوا شوارع غزة ودموعهم تنهمر حزناً على فراقه، لتكون الصورة الأخيرة لمصور صحافي طالما واجه المخاطر، لتوثيق لحظات الحياة اليومية كافة لأهالي القطاع، وإبراز ممارسات القوات الإسرائيلية ضدهم.

غضب صحافي

ودعت جموع من الصحافيين جثمان الشهيد مرتجى، وهم يبكونه بحرقة، مطالبين كل الجهات الدولية الإعلامية والحقوقية بالتدخل، لوقف جرائم القوات الإسرائيلية بحق الصحافيين الفلسطينيين، وحمايتهم من الخطر الذي يهددهم.

من جهته، يقول مراسل قناة الإخبارية السعودية، الصحافي محمد بعلوشة، الذي شارك في تشييع جثمان زميله مرتجى: «نحن المصورون الصحافيون، كنا ومازلنا معرضين للموت في كل لحظة، فعملنا محفوف بالمخاطر، وحياتنا مهددة بالاستهداف من قبل القوات الإسرائيلية، وهذا ما حدث مع صديقنا ياسر، الذي ارتقى شهيداً، وهو يعمل في ساحة حرب لتوثيق مسيرات العودة، ونقل جرائم إسرائيل ضد المدنيين، لكنه لم تتوافر له أي حماية سوى درع لم تكن واقية له من رصاصات القناصة الإسرائيلية». ويضيف: «في كل حرب واعتداءات نغطيها ونصورها، لابد أن يصاب المئات ويستشهد العشرات منا، دون أن يضع العالم حداً لهذا الاستهداف المتعمد من قبل إسرائيل للصحافيين، الذين يؤدون مهمتهم بشكل طبيعي، دون المشاركة في أي أعمال أخرى، كما يدعي ليبرمان».

وكان وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، برر عملية قنص واستهداف الصحافي ياسر مرتجى، مدعياً أن عناصر «حماس» يتخفون بملابس الصحافيين، ويستخدمون سيارات الإسعاف، ويرتدون ملابس تشبه زي عناصر «الهلال الأحمر»، للاقتراب من السياج الأمني.

ويؤكد المصور الصحافي، بلال الصباغ، أن «ما شهدته المناطق الشرقية لقطاع غزة، خلال تغطية فعاليات مسيرة العودة الكبرى، يوم الجمعة الماضية، من استهداف واضح للصحافيين بالرصاص الحي المتفجر والمحرّم دولياً، يعبر عن قرار إسرائيلي مسبق للنيل من الصحافيين، وإجبارهم على عدم مواصلة تغطية الممارسات الإسرائيلية».

فالصحافي الشهيد ياسر مرتجى طالته رصاصات الجيش الإسرائيلي، وهو ينقل بعدسة كاميراته مسيرات العودة، على طول شريط الحدود الشرقية مع الجانب الإسرائيلي، ليلقى على الأرض جثة هامدة، بجانب من كان يصورهم من الشهداء والجرحى، الذين أصابتهم رصاصات الاحتلال، وهم يطالبون بحقهم في العودة.

على الشريط الحدودي

ياسر مرتجى (30 عاماً)، مصور تلفزيوني لوكالة «عين ميديا للإعلام» المحلية، استشهد أثناء تغطيته مسيرات العودة على طول الشريط الحدودي بين غزة والجانب الإسرائيلي، وتحديداً في منطقة خزاعة شرق خان يونس جنوب القطاع، إثر إصابته بعيار ناري في البطن من القناصة الإسرائيلية، المتمركزة على طول الحدود يوم الجمعة الماضي، الأمر الذي أدى إلى استشهاده بعد ساعات قليلة من إصابته، رغم ارتدائه سترة واقية تحمل إشارة الإعلام المتعارف عليها دولياً.

وبذلك يكون مرتجى أول صحافي شهيد في مسيرات العودة، فيما أصيب 40 صحافياً، منذ انطلاق فعاليات المسيرات الجمعة 30 مارس الماضي، 14 منهم أصيبوا بالرصاص الحي، واثنان بكسور نتيجة إصابتهما بقنابل الغاز، أما البقية فأصيبوا بالاختناق.

استهداف متعمَّد

وفي اليوم التالي لاستشهاد الصحافي مرتجى، كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية أن القوات الإسرائيلية تعمدت استهدافه، وقالت الصحيفة في عددها الصادر يوم السبت الفائت: «إن استهداف مرتجى جرى رغم علم جيش الاحتلال الموجود على الحدود مع غزة، بأنه صحافي ويحمل شارة الصحافة، وجرى استهدافه في مسافة تزيد على 300 متر عن السياج إلى الشرق من غزة، عندما كان يتابع المسيرات في خان يونس، للجمعة الثانية على التوالي».

من جهته، يقول مدير دائرة العلاقات العامة في مستشفى ناصر الطبي في خانيونس، إن «الشهيد مرتجى وصل المستشفى بعد تعرضه للرصاص في منطقة البطن، وكانت حالته أثناء وصوله للمستشفى خطيرة جداً، فإصابته سببت اختراقاً في الطحال، والقولون، والحالب، والكبد، فيما انتشرت شظايا الرصاص في جسده». ويضيف «الأطباء أجروا له عمليات فورية، لكن الأضرار التي تسبب بها العيار الناري كبيرة، ما تسبب باستشهاده بعد ساعات من إصابته».

وأشار إلى أن الأسلحة، التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين محرمة دولياً، خصوصاً الرصاص المتفجر داخل الجسد.

لحظة الإصابةالمصور الصحافي حسام سالم، صديق وزميل الشهيد مرتجى، والذي كان موجوداً بالقرب منه أثناء إصابته على الشريط الحدودي، يقول لـ«الإمارات اليوم»: «يومياً كنا نأتي أنا وصديقي الشهيد ياسر على الشريط الحدودي لالتقاط صور للنساء والأطفال والشباب، الموجودين بشكل سلمي ضمن مسيرات العودة، وفي الجمعة الماضية التي أطلق عليها جمعة (الكوتشوك)، توجهنا لتغطية الأحداث في منطقة خزاعة، وكنت بجانبه لتوثيق كل الأحداث، وأثناء ذلك أطلقت القوات الإسرائيلية الرصاص بشكل مباشر على المتظاهرين، فتوجهنا مباشرة لتصوير الجرحى والشهداء، وفجأة كان عدد من جنود القناصة الإسرائيلية يطلقون النيران، فسقط ياسر أرضاً، بينما كنت أركض تجاه المصابين». ويضيف: «توقفت على الفور، واقتربت من ياسر فوجدته ينزف دماً، وقد اخترقت الرصاصات الدرع التي كان يرتديها، وأصابته في بطنه، ونقل مباشرة إلى المستشفى، لكن حالته كانت حرجة، بفعل تهتك أعضائه الداخلية نتيجة الرصاصة التي أطلقت عليه بشكل متعمد».

ويؤكد سالم تعمد القوات الإسرائيلية استهداف الشهيد مرتجى، لإيقافه عن التقاط الصور التي توثق ممارسات الاحتلال، وتفضحه أمام العالم باستهدافه للمدنيين العزل.

ويقول المصور سالم «إن ياسر كان واضحاً لجميع القناصة والجنود، وكان يصور الأحداث، ويرتدي درعاً واقية من الرصاص تحمل شارة الإعلام (PRESS)». ويضيف باكياً: «ودعنا ياسر شهيداً، وهو موجود بيننا، فقد خطفته يد القناصة الإسرائيليين، بينما كان ينقل حقيقة الجرائم الإسرائيلية إلى العالم».

 

الأكثر مشاركة