تهديد روسي يحوم حول الانتخابات الرئاسية الأميركية
تخشى الولايات المتحدة أن تسعى روسيا للتأثير في مجرى الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثامن من نوفمبر، لاسيما عبر عمليات قرصنة معلوماتية أصدر بشأنها مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) تحذيراً رسمياً.
| 19 ألف وثيقة خلال يوليو الماضي، كشف موقع ويكيليكس، عن 19 ألف وثيقة للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي الأميركي تتعلق بمخالفات، وتحيّز قيادات الحزب لدعم هيلاري كلينتون ضد منافسها بيرني ساندرز، للفوز بثقة الحزب للترشح في الانتخابات الرئاسية. |
وأكدت المرشحة الديمقراطية للبيت الابيض، هيلاري كلينتون، هذه الفرضية، إذ اعربت الإثنين الماضي عن مخاوفها من تدخلات روسية في العملية الانتخابية.
وما يعزز مخاوف كلينتون، عملية القرصنة المعلوماتية التي استهدفت حزبها الديمقراطي في يوليو، وقد علق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على المعلومات التي كشفتها عملية الاختراق، معتبراً «نشر هذا المضمون للجمهور» أمراً جيداً.
ونفى بوتين أي ضلوع للدولة الروسية في العملية، غير ان كلينتون اعتبرت انها تطرح «أسئلة خطيرة حول احتمال تدخّل الروس في العملية الانتخابية» الأميركية.
وشددت على ان السلطات والخبراء الأميركيين يتفقون على القول إن أجهزة الاستخبارات الروسية هي التي تقف فعلاً خلف عملية القرصنة.
تحقيق حساس
وبات هذا التهديد الذي يستهدف الانتخابات الرئاسية مطروحاً على مستوى أعلى السلطات الفيدرالية الاميركية التي فتحت تحقيقاً بهذا الصدد تشارك فيه وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) والـ«إف بي آي» وأجهزة مكافحة التجسس، بحسب صحيفة «واشنطن بوست».
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستخبارات الأميركية والأجهزة الأمنية بأميركا تحقق في عملية موسعة من جانب روسيا لغرس أجواء عدم ثقة الشعب بالعملية السياسية قبيل الانتخابات المقبلة.
كما أوضحت عبر مصادر استخباراتية أن الهدف من ذلك التحقيق هو فهم مدى ونوايا الحملة الروسية، كما تتهم موسكو بارتكاب جرائم إلكترونية واختراق أنظمة تستخدم بالعملية السياسية الأميركية، لكن مسؤولاً أميركياً قال إن المخابرات لا تمتلك دليلاً قاطعاً على التدخل أو الخطط الروسية المحتملة، وفقاً للصحيفة.
وإن كانت هذه الوكالات تمتنع رسمياً عن ذكر روسيا، إلا ان أعضاء عديدين في الكونغرس دعوا الرئيس باراك أوباما الى اصدار تحذير شديد اللهجة موجّه بصورة واضحة الى موسكو.
لكن أوباما، الذي التقى بوتين الإثنين الماضي على هامش قمة مجموعة العشرين في الصين، يلزم الحذر هو ايضاً بهذا الصدد.
غير أن أوباما لم يستبعد في نهاية يوليو احتمال ان تسعى روسيا للتأثير في مجرى الانتخابات الرئاسية الاميركية لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وقال: «كل شيء محتمل»، معلقاً على اختراق البريد الالكتروني لمسؤولين كبار في الحزب الديمقراطي ونشر المضامين على موقع ويكيليكس. وأثنى ترامب مراراً على الرئيس الروسي الذي بادله الاشادة في تصريحات علنية.
وبمعزل عن إعطاء مثل هذه الافضلية المحتملة لأي من المرشحين، ما الذي يمكن ان تجنيه روسيا من التأثير في انتخابات الثامن من نوفمبر، والجواب هو النيل من صدقية نموذج ديمقراطي تسعى واشنطن لنشره، لاسيما في دول الكتلة السوفياتية السابقة.
زرع الفوضى
بعد 16 عاماً على البلبلة التاريخية في فلوريدا في سياق المعركة الانتخابية بين آل غور وجورج بوش، لايزال النظام الانتخابي الأميركي مهدداً بحصول خلل بسبب تعقيده والتباين بين مختلف الولايات.
وسجل خلل أخيراً في ولايتي أريزونا وايلينوي اللتين تعرضتا لعمليات اختراق معلوماتي لقواعد بياناتهما الانتخابية.
وقال مسؤول في سلطات أريزونا إن الـ «إف بي آي» تمكن من الوصول في خيط تحقيقاته حول عمليات الاختراق الى قراصنة معلوماتيين روس، من غير ان يؤكد إن كانوا عملاء لحساب الدولة الروسية، وفق ما نقلت عنه صحيفة واشنطن بوست.
وعلى اثر هذه الهجمات أصدر الـ«إف بي آي» تحذيراً رسمياً موجهاً الى جميع الولايات، خصوصاً تلك التي تسمح بالتصويت عبر البريد الالكتروني او على الإنترنت، وهي وسائل تعتبر أكثر عرضة للاختراق.
وقال خبير الوسائل المعلوماتية في الانتخابات في جامعة ايوا، دوغلاس جونز، إن 70% فقط من الناخبين الاميركيين يدلون بأصواتهم بواسطة بطاقات يتم فرزها وتعدادها آلياً، ويمكن معاودة تعدادها اذا اقتضت الحاجة.
ورأى ان من المستبعد ان ينجح «قراصنة» روس في حمل أحد المرشحين على هزيمة الآخر في الانتخابات. لكنه قال إن «إثارة الفوضى أسهل من تغيير النتائج بصورة منهجية».
وعرض ثلاث وسائل محتملة من أجل ذلك، وهي «إثارة انطباع بأن النتائج تم تزويرها، من خلال توجيه رسائل الكترونية زائفة تجري صياغتها بمهارة مثلاً الى موقع ويكيليكس» أو «اختراق قواعد بيانات انتخابية مركزية».
وأشار، أخيراً، الى أنه «اذا تمكن متسلل من شطب قوائم انتخابية ولو لجزء ضئيل من الناخبين في ولاية، فهذا سيثير الفوضى في مكاتب التصويت المعنية».
وعقدت لجنة المساعدة للانتخابات، وهي وكالة حكومية مكلفة بمساعدة الولايات على تنظيم عمليات الاقتراع اجتماعاً امس، وكان على جدول أعمالها موضوع ضمان أمن عملية الاقتراع في الثامن من نوفمبر.
من جانبها، انتقدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، ما يردده سياسيون أميركيون حول «التدخل الروسي» في السباق الانتخابي بالولايات المتحدة. واعتبرت الدبلوماسية مثل هذه التصريحات «دليلاً على الضعف والعجز ونقص الأفكار الجديدة».
أفكار جديدة
ونقل موقع «روسيا اليوم»، أول من أمس، عنها القول في لقاء تلفزيوني: «من أجل لفت انتباه الناس، يجب عليهم تقديم أفكار جديدة مبتكرة، بدلاً من تقديم أوراق قديمة ومجعدة كتب عليها (الهاكرز الروس)».
وأشارت شبكة «سي إن إن» الأميركية الى أن تكهنات قد نشبت بشأن هوية مصدر رسائل البريد الالكترونية التي أوضحت تواطؤ اعضاء الحزب الديمقراطي ضد المرشح السابق للرئاسة الأميركية، بيرني ساندرز، ما يخالف الحيادية الشرعية ضمن أعضاء الحزب.
وأوضحت ادعاءات سابقة وجود عملية تجسس روسية كان منفّذها قرصان انترنت روسياً وراء رسائل البريد الإلكترونية، ما قد يعني وجود تدخل لرئيس دولة روسيا، فلاديمير بوتين، في انتخابات أميركا الرئاسية، وتحديده لمرشحه الرئاسي المفضّل للبلاد.
وفجرت التكهنات موجة جديدة من المفاجآت في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، إذ أوضحت رسائل البريد الإلكتروني الموجودة على موقع «ويكيليكس»، وجود تحالف بين مسؤولين كبار في الحزب الديمقراطي ضد منافس هيلاري كلنتون في الانتخابات، بيرني ساندرز.
ورفض وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، الثلاثاء الماضي، الانتقادات التي تتهم روسيا بالتدخل في انتخابات أميركا الرئاسية.
ورداً على سؤال بعض المراسلين عن تلك الادعاءات، أجاب لافروف: «لا أريد استخدام كلمة فيها أربعة أحرف».
وتطرح ادعاءات التجسس أسئلة شديدة التعقيد عن خيار روسيا لرئاسة أميركا القادمة، والمواجهات المتصاعدة بين قادة قوى الشرق والغرب ذوي الآراء المختلفة والأسلحة النووية.