8 فروق ميّزت انقلاب تركيا الفاشل عن سابقاته

قال الخبير البارز في الشأن التركي، رئيس تحرير مجلة «شرق نامه»، الدكتور مصطفى اللباد، في ندوة أقامها الحزب الاشتراكي المصري في القاهرة، أول من أمس، إن الصراع في تركيا بين تياري الرئيس رجب طيب أردوغان والداعية الاسلامي المعارض فتح الله غولن بدأ ولم ينتهِ. ونوه اللباد الى وجود فروق جوهرية بين الانقلاب الفاشل الاخير الذي شهدته تركيا، وكل الانقلابات التي وقعت في السابق، وأشار الى ان أردوغان أصبح في مفترق طرق بين التوسع في سياسات الاستئصال التي بدأها، وبين انتهاج الرشد والعقلانية التي تستوجب درجة من التوافق.

روسيا والانقلاب

روسيا رحبت بالمصالحة مع أردوغان، كما تلقت بارتياح أنباء دحر الانقلاب لثلاثة اعتبارات، هي مصلحتها في خط الغاز، ووجود هوامش اختلاف بينه وبين أميركا، ومرونته في قبول اللعب سياسياً في إطار التفاهم الأميركي الروسي في القضية السورية.

الأكراد والانقلاب

علاقة أردوغان بالملف الكردي تعقدت من قبل الانقلاب، حيث أحال 50 نائباً برلمانياً من حزب الشعوب لإسقاط عضوياتهم، هذا علاوة على تصاعد المواجهة بينه وبين حزب العمال الكردستاني، والذي اتهمه إعلام أردوغان بإطلاق نار أثناء الانقلاب.

وقال اللباد إن هناك فروقاً اساسية بين الانقلاب الأخير أدت الى فشله تختلف به عن الانقلابات السابقة في أعوام 1961، و1970، و1981، و1997، أبرزها، توقيت الانقلاب الذي انطلق التاسعة مساءً، بينما الانقلابات السابقة انطلقت اما الفجر أو الظهيرة، وثانيها أن الانقلاب الاخير لم يسيطر على الرئيس، وقد رأينا أردوغان يتحرك ويدعو للنزول ويركب الطائرة ويتجه إلى اسطنبول، بينما السابقة وضعت يدها على رؤساء الوزراء، وثالثها أن الجيش لم يكن موحداً خلف الانقلاب، ورئيس الاركان لم يكن على رأسه، ورابعها انه لم يكن هناك ظهير شعبي للانقلاب، بينما سابقاته كان لها سند جماهيري من التيار الديني المحافظ، وخامسها أن البيان رقم واحد لم يلقهِ قائد ذو سمعة أو شعبية، وإنما تلته مذيعة تحت القوة الجبرية، ثم عادت بنفسها لتتراجع عنه، وسادسها ان بيان الانقلاب الأخير ضعيف بل وهزيل في حمولته الايديولوجية الأتاتوركية، تمظهر بطريقة سطحية بعبارة لأتاتورك، وهي (سلام في الداخل – سلام في الخارج)، بينما بيانات الانقلابات السابقة كانت تنضح ايماناً بالأتاتوركية، والدفاع عن الدولة الوطنية التركية بالمنظور الكمالي، وسابعها ان الانقلاب الاخير اكتفى ببيان في محطة تلفزيون (تي آر تي)، بينما ترك مئات القنوات والمواقع تبث وتحرض ضده، وثامناً وأخيراً، أن الانقلابات السابقة كانت خشنة، حيث راح في انقلاب 1980 ضد صعود اليسار قرابة 15 ألف قتيل، بينما الأخير كان ضعيفاً وهزيلاً.

وحول وضع الرئيس التركي وسلطته بعد الانقلاب الفاشل الأخير، قال د.اللباد: «إن أردوغان أصبح في وضع أضعف ايضاً، ويذكرنا ذلك بغورباتشوف بعد انقلاب 1991، حيث فشل الانقلاب، وضعف معه غورباتشوف ايضاً، لكن ما سيحدد مستقبل أردوغان، هو ما إذا كان سيواصل السير في الطريق الاستئصالي الذي اختاره في اللحظة التالية بعد الانقلاب، وفصله لآلاف القضاة صبيحة اليوم التالي، واعتقاله لآلاف المواطنين وفصله آلاف الموظفين، او اختياره لطريق آخر هو طريق الديمقراطية والتوافق مع القوى السياسية، خصوصاً ان الاحزاب العلمانية قد وقفت معه ضد الانقلاب، مع الوضع في الاعتبار أن تركيا مأزومة ليس فقط بمشكلة جيش وشعب، وانما بوجود تناقضات بين الأصولية والعلمانية، والأكراد والأتراك، والسنة والعلويين، والغرب المتقدم والشرق والجنوب الأقل تقدماً. أردوغان لديه طموح، ولديه ايضاً غريزة بقاء سياسي، وهو يعرف كيف ينزل من على الشجرة، كما رأينا في أزمته مع إسرائيل وروسيا».

وحول طبيعة ما جرى في تركيا وأسبابه وردّة الفعل الاردوغانية تجاهه، قال اللباد: «لست مع نظرية المؤامرة والقول إن اردوغان دبّر الانقلاب، والدليل سرعة تخلصه من خصومه، والملاحظ ان أصحاب هذه الرؤية، أي من سارعوا وقالوا انها مؤامرة، هم ذاتهم الذين قالوا ليلة الانقلاب إن أردوغان سقط قتيلاً، والامور انتهت لصالح الانقلابيين».

وحول وجود شعبية لأردوغان من عدمه، قال اللباد: «أردوغان يملك شعبية معقولة في اطار النسبة التي تزيد قليلاً على الـ50% التي يحوزها حزبه التي نراها في الانتخابات، وهذا ليس لأن أردوغان ايديولوجي جداً، أو لأنه يمثل الاسلام السياسي فقط، وانما لأنه يمثل الشرق التركي وبرجوازيته الصاعدة في مواجهة الغرب التركي المرتبط بأوروبا، والذي يشبه وضعه حالة الباشوات في مصر ما قبل 1952، وتشبه مشاعر الشرق تجاههم مشاعر المصريين وقتها، كما ان أردوغان يمثل البلديات التي اصبحت سلطاتها واسعة في الفترة الأخيرة، وتقوم بخدمات اقتصادية واجتماعية، مثل توزيع الخبز المدعوم وما شابه، علاوة على أن أردوغان اصبح ممثلاً لأولئك الذين لا يقبلون تحوّل العلمانية الى دين على يد بعض متشدديها، ومثال ذلك رفض تعيين المحجبات أساتذة في الجامعات، وما شابه ذلك من تصرفات».

الأكثر مشاركة