عدم رغبة اليابانيين في التكاثر قد يؤدي الى اضمحلال تعدادهم، غيتي

اليابان تتجه للاستعانة بمهاجرين لحل مشكلة تناقص عدد السكان

تعتبر التركيبة السكانية المتآكلة في اليابان من القضايا التي تقض مضجع الحكومة، حيث تجد الحكومة أن من الصعب تشجيع الشعب الياباني على التكاثر بقوة لتلافي احتمال موت ثقافته، بسبب تناقص السكان الذين من المفترض أن يحافظوا عليها، وتفادي كارثة اجتماعية مؤكدة. ولكل هذه الأسباب وجدت الحكومة اليابانية نفسها مضطرة لاحتمال تشجيع الهجرة من الخارج، لتلافي الانخفاض السكاني، بعد أجيال من مقاومة هذه الفكرة.

وأعلنت الحكومة تدابير إدارية للوصول بعدد السكان إلى 100 مليون على الأقل، على مدى السنوات الـ50 المقبلة، مع محاولة رفع معدل الخصوبة إلى 1.8، وهو رقم تقول الحكومة إنه يمكن تحقيقه، إذا كان اليابانيون يرغبون، انطلاقاً من الوقت الراهن، في الزواج وإنجاب العديد من الأطفال.

ما يقلق الحكومة هو أن معدل الخصوبة إذا ظل منخفضاً (1.42 في عام 2014) فإن عدد السكان سينخفض إلى نحو 80 مليون نسمة بحلول 2065 وحتى إلى 40 مليون في 2115، ما يتسبب في نقص كبير للعمالة، وتراجع في مستوى المعيشة للشعب، بسبب انخفاض المستوى الاقتصادي.

ونظراً لصعوبة تحقيق هدف زيادة السكان من خلال رفع معدل الخصوبة فقط، فإن الحكومة وضعت في اعتبارها أيضاً قبول المزيد من المهاجرين الدائمين. ففي فبراير 2014، كشف مكتب رئاسة الوزراء أن البلاد من المرجح أن تكون قادرة على رفع عدد سكانها أكثر من 100 مليون فقط من خلال قبولها 200 ألف مهاجر سنوياً، ابتداء من عام 2015، مع زيادة معدل الخصوبة إلى 2.07 بحلول عام 2030.

وتعتبر زيادة معدل شيخوخة السكان أول علامة للأزمة السكانية، لاسيما عندما يتم تمويل فوائد المتقاعدين من جهود العمال الشباب. وابتليت البلاد بنقص القوى العاملة أيضاً، ويعتقد البعض أن من المستحيل تعويض النقص حتى من خلال برنامج جلب العمال من الخارج.

ويلاحظ كذلك أن الحاجة تدعو للاحتفاظ ببعض من تلك العمالة الوافدة، خلال مثل هذه الفترات الطويلة، ليصبحوا مهاجرين بحكم الأمر الواقع. ويعتقد الباحث في الشؤون السكانية، إيريكو سوزوكي، أن الأهداف السكانية الحكومية من المستحيل تحقيقها دون الاستعانة بالمهاجرين، لكنه يرى أن بعض برامج الهجرة تستجلب العمالة الأجنبية بأسعار أقل من الحد الأدنى للأجور، وأن التعيينات المؤقتة في العمل تتم في ظروف يجدها المواطنون اليابانيون غير مقبولة، ما يسبب ضغوطاً على قاعدة الأجور، ويجعل الشباب الياباني يهاجر من الريف إلى المدن، بحثاً عن فرص عمل أفضل.

ويعبر سوزوكي عن قلقه بأنه كلما ضاقت الفجوة الاقتصادية بين اليابان ومصادر الهجرة المحتملة ــ مثل الصين، حيث يأتي الجزء الأكبر من العمالة الوافدة إلى اليابان ــ سيكون من الصعب على اليابانيين استقطاب عمال مهاجرين مؤقتين أو مهاجرين دائمين، ويضيف السياسي الياباني، يويتشي كانيكو، أن المعاملة السيئة التي يتعرض لها العمال المؤقتون، قد تثبط من رغبة مقدمي الطلبات في المستقبل، مشيراً إلى أن هناك رواتب أفضل متاحة بالفعل في أماكن مثل سنغافورة وهونغ كونغ، وشانغهاي.

عبر مسؤولون آخرون عن شعورهم أيضاً بالقلق من أن يملأ مساحة اليابان الخالية عمال ليسوا يابانيين، يتم استجلابهم لمعالجة التناقص السكاني الوطني، ويشير هؤلاء إلى مشكلات الاستيعاب داخل المجتمع، التي تواجه الدول ذات مستويات الهجرة العالية. وعبروا أيضاً عن المخاوف المتمثلة في استيراد الشركات للعمالة الرخيصة، وتحميل دافعي الضرائب اليابانيين تكاليفهم الاجتماعية.

ويفكر البعض في سد الفجوة السكانية بالمزيد من الروبوتات. ويقترح كانيكو فكرة رعاية المرضى والمسنين من خلال تعزيز موظفي دور رعاية المسنين بالروبوتات. في مقال صدر في مايو 2015، وصفت صحيفة «ناشيونال انتريست» التركيبة السكانية بأنها «قنبلة موقوتة تشل الاقتصاد الياباني»، مشيرة إلى أنه يوجد في المتوسط أقل من ثلاثة أشخاص في سن العمل، لكل متقاعد. وبحلول عام 2030 سيكون المعدل أقل من اثنين من العاملين. ويعزى جزء كبير من التباطؤ الاقتصادي الطويل في اليابان إلى اضمحلال عدد السكان.

الأكثر مشاركة