حرب حضارات بين أوكرانيا وروسيا
اندلعت الأزمة الأوكرانية قبل عام تقريباً، نتيجة تقارب أوكرانيا مع أوروبا من الناحية الاقتصادية. وبعد ثورة كييف الديمقراطية، اندلعت الحرب التي أودت بحياة الآلاف من الأشخاص، وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بات من الواضح أنه السبب الذي أدى إلى ردة فعل روسيا القاسية. فقد عملت أوكرانيا على افشال مشروع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في توسيع «الحضارة الروسية» إلى الملايين من الناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا. وكان قد قال في يوليو الماضي «سنعمل دائماً على حماية السكان من الأصول الروسية في أوكرانيا».
وربما يكون لبوتين بعض المصالح المعينة، مثل الحفاظ على قاعدة بحرية في القرم التي تم ضمها الآن إلى روسيا، والاعتماد على أوكرانيا باعتبارها منطقة عازلة ضد أي غزو محتمل في المستقبل. ولكن الأمر الأكثر أهمية هو مشروع بوتين الحضاري. وهو ما انعكس بوجود الانفصاليين الذين يريدون الانفصال عن أوكرانيا وتأسيس «جمهورياتهم الشعبية»، فهم يطالبون بأن يتم «الحفاظ على الحضارة الأوكرانية الروسية».
ولكن العالم الغربي يسمع الحديث عن «حضارة» مختلفة على المحك، ففي خطاب أمام الكونغرس الأميركي، قال الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشنكو «الخيار بسيط، إنه بين الحضارة والبربرية»، ويقصد بوروشنكو بالحضارة الحاجة إلى كرامة السيادة الوطنية، والحرية واتفاقات أمنية وحكم القانون، واتفاقات أخرى. ولكن بالنظر إلى هجمات الجنود الروس في شرق أوكرانيا، فإنه يقول «إنها حرب أوروبا، وأميركا أيضاً، إنها حرب العالم الحر».
ولكن كيف ستقوم الولايات المتحدة وأوروبا بحل هذه الأزمة التي تبدو «صراعاً بين الحضارات»؟ وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، قد تعاملا بحذر مع القضية، وفرضا عقوبات اقتصادية على روسيا. ومفهوم بوتين حول الشعب المتحضر يبدأ بنفسه، أو من القمة نحو القاعدة، فالدولة هي التي تشكل المجتمع حتى لو اضطرت إلى القيام بذلك باستخدام القوة، وفي أوكرانيا المجتمع هو الذي يشكل الدولة.