المالكي بحاجة إلى الحس الســياسي أكثر من الأسلحة لضبط الأمن في العراق
في الوقت الذي يعاني العراق أكثر من أي وقت مضى من حمامات الدماء منذ أن قادت القوات الاميركية عملية كبرى لطرد تنظيم «القاعدة» من هذا البلد قبل ست سنوات، وصل رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي إلى واشنطن أواخر الشهر الماضي لطلب مساعدات عسكرية كي تتمكن قوات أمنه من استعادة السيطرة على مساحات شاسعة من العراق، إذ يجد نفسه في ورطة كبيرة.
| 5000 قتيل منذ أبريل تعرّض نحو 5000 عراقي للقتل منذ أبريل الماضي، خصوصاً من قبل المسلحين الذين يفجرون القنابل ويشنون الهجمات في المناطق الشيعية. وفي 27 أكتوبر وحده تعرض 54 شخصاً على الاقل للقتل في العاصمة بغداد، والموصل، أكبر مدن شمال العراق. وحدث العديد من الهجمات الأخرى في محافظة الأنبار، الواقعة ناحية الغرب من بغداد، والمتاخمة لسورية والأردن. الفلوجة والرمادي انسحبت قوات الأمن العراقية من المدن الرئيسة في الأنبار، مثل الفلوجة والرمادي، ومن مناطق تقطنها أغلبية سنية في محافظة صلاح الدين المجاورة، وبدلاً من حفظ الأمن ظلت القوات في ثكناتها القريبة، ويبدو أنها غير قادرة أو غير راغبة في القيام بدوريات في الشوارع. وفي شمال مدينة الموصل فرض تنظيم القاعدة وجوده من جديد بكثافة، وبدأ بجمع الأموال للقيام بعملياته. |
ففي عدد من المدن التي تقطنها مجموعة من الاقلية السنية الساخطة على المالكي اضطرت القوات الموالية للحكومة العراقية، والتي يقودها ضباط من الأغلبية الشيعية، للانسحاب. وفي مناطق أخرى، ضعفت قوات المالكي بسبب الهروب المتكرر للجنود. ويقول احد كبار المسؤولين العراقيين عشية مغادرة المالكي إلى واشنطن، «دعونا نواجه الواقع»، ويضيف «لازلنا عاجزين عن فرض السيطرة الأمنية».
وتعرض حوالي 5 الف عراقي للقتل منذ أبريل الماضي، خصوصا من قبل المسلحين ، الذين يفجرون القنابل ويشنون الهجمات في المناطق الشيعية. وفي 27 أكتوبر وحده تعرض 54 شخصا على الاقل للقتل في العاصمة بغداد، والموصل، اكبر مدن شمال العراق .
وحدث العديد من الهجمات الأخرى في محافظة الانبار، الواقعة ناحية الغرب من بغداد، والمتاخمة لسورية والأردن.
وانسحبت قوات الامن العراقية من المدن الرئيسية في الأنبار، مثل الفلوجة والرمادي، ومن مناطق تقطنها أغلبية سنية في محافظة صلاح الدين المجاورة ، وبدلا من حفظ الامن ظلت القوات في ثكناتها القريبة، ويبدو أنها غير قادرة أو غير راغبة في القيام بدوريات في الشوارع. وفي شمال مدينة الموصل فرض تنظيم «القاعدة» وجوده من جديد بكثافة، وبدأ في جمع الأموال للقيام بعملياته.
ويريد المالكي من الأميركيون، الذين سحبوا قواتهم من العراق في نهاية عام 2011، تزويده بمروحيات أباتشي و طائرات بلا طيار، من بين متطلبات أخرى. ويؤكد مساعدوه أن « تنظيم »القاعدة«يعتبر تهديدا مشتركا للطرفين». وفي الواقع هناك مجموعة مسؤولة عن العديد من موجات التفجيرات الاخيرة، وهي الدولة الإسلامية في العراق والشام، والتي تدين بولائها لتنظيم «القاعدة». ولمح المسؤولون العراقيون في اميركا أيضا إلى انه يمكنهم مساعدة الولايات المتحدة في المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، طالما يشهد النظامين في بغداد وطهران تقاربا وثيقا على نحو متزايد.
وسوف يسعى أوباما جهده من أجل تلبية جميع طلبات المالكي، وربما فكر البيت الابيض في الاعداد لارسال طائرات الهليكوبتر إلى العراق جنبا إلى جنب مع اف 16 التي ليست ذات فائدة تذكر ضد المسلحين، الا أن ثلة مؤثرة من أعضاء مجلس الشيوخ نصحت الرئيس مؤخرا بعدم مساعدة المالكي إلا اذا بذل الكثير من الجهد لتقاسم السلطة مع الأقليات السنية والكردية في العراق. وكتب أعضاء مجلس الشيوخ، بما في ذلك رئيس لجنة القوات المسلحة، كارل ليفين، «إن فشل الحكم سيقود العديد من العراقيين السنة للارتماء في أحضان تنظيم »القاعدة« في العراق مما يؤدي إلى تأجيج العنف»، كما ابدى شيوخ آخرين اسفهم على تعاون المالكي مع الرئيس السوري، بشار الأسد ونظامه في سورية .
ما يحتاج اليه المالكي اكثر من الأسلحة هو الإرادة من أجل التسوية مع خصومه السياسيين، خصوصاً السنة والأكراد. العام الماضي شعر السنة بأنهم معزولون أكثر وأكثر ويتعرضون للمضايقات. وبالإضافة إلى ذلك، امتدت الحروب الأهلية في سورية عبر الحدود إلى العراق .
وبالإضافة إلى معارضتهم قوات الأمن التي يقودها الشيعة في العراق، فإن قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام درجت على مهاجمة العشائر السنية التي عارضت في السابق تنظيم «القاعدة»في اطار برنامج ما يعرف بالصحوات، والذي شجعه الاميركيون كجزء من «زيادة القوات في العراق» عام 2007. وبالاتفاق مع شيوخ القبائل، تم اقناع المجتمعات السنية بالتحول ضد «القاعدة»وقيادتها واجبارها على الخروج من مدنهم وقراهم في الشمال والغرب من بغداد. ولكن بعد أن غادر الأميركيون، أهملت الحكومة العراقية الصحوات لأنها – اي الحكومة - لا تريد وجود أي جماعات سنية مسلحة خارجة اطار السلطة المركزية في بغداد. وفي الوقت الراهن تخلى معظم شيوخ القبائل عن تعاونهم مع حكومة المالكي.
وبما أنها تخشى من تسيير دوريات في الشوارع، درجت قوات الأمن على تنفيذ غارات واعتقالات جماعية، مما أغضب مزيدا من المدنيين السنة. وما يغذي الصراع أكثر في الوقت الراهن هو وجود قوات أمن الحكومة المركزية في المناطق السنية، حيث تعتقل مئات الشبان، وتعذبهم قبل الإفراج عنهم بمبلغ من المال، كما روى أحد موظفي المساعدات الخارجية. ويضيف، «يمكنك ان ترى تنظيم »القاعدة«يستفيد من هذه المعاملات القاسية للقوات المسلحة». العداء للحكومة لا ينبع فقط من الناحية الطائفية، بل هو أيضا نتيجة لفشل الحكومة في أنجاز الكثير لمواطنيها، مثل عدم انتظام إمدادات الكهرباء وآفة الفساد المستشري مما زاد الطين بلة .
وفي الوقت نفسه، نجد أن الحكومة مختلة وظيفيا، وفي كثير من الأحيان يفشل البرلمان في تمرير التشريعات الحيوية. ويبدو أن المالكي غير قادر، منذ إعادة انتخابه قبل أكثر من ثلاث سنوات، على تعيين وزير داخلية أو وزير دفاع، ويشرف على كلا الوزارتين بنفسه. كما أن الرئيس العراقي، جلال طالباني، الكردي، والذي يعتبر في بعض الأحيان واحدا من عدد قليل من الشخصيات العراقية الوحدوية، ظل خارج البلاد منذ نهاية العام الماضي، إثر إصابته بجلطة. ويدعو رئيس المجلس وأحد رجال الدين الشيعة المسؤولين الأكراد علنا لإعلان ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة. ويبدو أن البلاد تحتاج في الوقت الراهن أكثر لروح التوافق من أجل الإنعاش.