اللواء إدريس تولى التنسيق بين مختلف الجماعات والفصائل السورية. أ.ف.ب

تعقيدات تعطل توحيد المعارضة الســـورية المسلحة

يتزايد الحديث عن اقتراب موعد المعركة الحاسمة للسيطرة على دمشق بين قوات نظام الرئيس بشار الأسد وقوات المعارضة التي يجمعها قاسم مشترك وهو ان لمعظمها جذورا وروابط إسلامية وتتلقى دعماً من دول إسلامية مجاورة.

وكان شهر مارس الماضي الأكثر خطورة ودموية لمعطيات الاقتتال منذ بدء الأزمة في سورية منذ ما يزيد على عامين، إذ قتل فيه ‬6000 شخص، طبقاً للمرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له.

وفي فبراير الماضي قدرت الامم المتحدة إجمالي عدد القتلى منذ بدء الأزمة في سورية بأكثر من ‬70 ألفاً. كما أعد الجيش السوري الحر تقريرا يتضمن وصفاً لكل تنظيم من تنظيمات المعارضة المسلحة وايديولوجيته وتسليحه ومصادر تمويله، وقدم نسخة منه إلى وزارة الخارجية الأميركية ليوفر إطلالة على الحرب الدائرة في سورية في ضوء غياب أي اختراق في الجهود الدبلوماسية الرامية لإيجاد مخرج للأزمة، ما يشير إلى أن البلاد تتجه نحو حالة دموية تتخللها الفوضى.

وتدرك المعارضة التي تفتقد للتنظيم أن للولايات المتحدة نفوذاً محدوداً، وأن مرحلة ما بعد الأسد يمكن ان تكون فوضوية وخطرة. وستحاول الجماعات الاسلامية المسلحة السيطرة على ترسانة الاسلحة لنظام الأسد بما فيها الاسلحة الكيماوية.

وعلى الرغم من مضي أكثر من عامين على الازمة في سورية، إلا أن قوات الثوار لم تشكل قيادة موحدة. وحاول رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس تولي التنسيق بين مختلف الجماعات والفصائل، ولكن جهوده بقيت محدودة نظراً للعدد الكبير من المقاتلين الذين يفتقدون الى الانضباط والانتظام والاندماج في جيش نظامي متجانس ومتكامل.

وعلى الرغم من نقص التنسيق والانضباط، إلا أن المعارضة أثبتت انها قوة عسكرية فاعلة، إذ تمكنت من السيطرة على معظم مدينة حلب شمال سورية، وتضيق الخناق على دمشق، وتسيطر على الطرق المؤيدة اليها التي تصل بينها وبين ضواحيها الجنوبية والشرقية. كما يعتقد قادة الجيش الحر أن معركة دمشق ستبلغ ذروتها خلال الشهرين او الثلاثة المقبلة.

ويقصف مقاتلو الجيش الحر بين حين وآخر عدداً من معالم دمشق مثل حي أبورمانة ومطار دمشق وضاحية المزة. وتعد جبهة التحرير السورية الإسلامية أكبر الفصائل، إذ تضم نحو ‬37 ألف مقاتل، تليها الجبهة الاسلامية للتحرير السورية التي يسيطر عليه مسلمون سلفيون، وتضم تحت لوائها ‬13 الف مقاتل وتليها في المركز الثالث جماعة «أحفاد الرسول» التي تدعمها قطر. وأخطر هذه الفصائل «جبهة النصرة» الإسلامية وهي مزيج من المسلحين السلفيين وهي فرع من تنظيم القاعدة في العراق، وتضم نحو ‬6000 مقاتل، وهناك مخاوف من ان تكون هذه الجبهة هدفاً محتملاً لجهات «مكافحة الإرهاب» في الدول الغربية.

وطبقاً لمصادر الثوار فإن الجيش السوري الحر يضم ‬50 الف مقاتل. ولعل افضل ما تأمله السياسة الاميركية هو ممارسة الضغط على تحالف جبهة التحرير السورية الاسلامية لكي تعمل تحت قيادة الجنرال ادريس والجيش الحر للتمهيد لمرحلة انتقالية يتم خلالها تشكيل حكومة تضم عناصر توافقية من قوات الاسد وتمهد للمصالحة. وتقول مصادر الثوار إن المعارضة بلورت خططاً لتدريب قوات أمن وشرطة سورية وفرق لتنقية وتوفير مياه الشرب وتدريب قوات المعارضة على التعامل مع الاسلحة الكيماوية.

وهناك تقديرات بأن بضع مئات من السلفيين قدموا من ‬14 دولة أوروبية يقاتلون في صفوف المعارضة ضد قوات الاسد، وأن القتال في سورية يفوق في اهميته كثيراً التطوع للقتال في مالي او أي مكان آخر. ويقول مسؤولون اميركيون إن اوضاعاً وظروفاً معقدة تحيط بمختلف فصائل المعارضة السورية تزيد من صعوبة استيعابهم وفهمهم لظروف عمل هذه المعارضة وتزيد من تردد واشنطن في دعمها.

ديفيد أغناتيوس كاتب ومحلل سياسي في «واشنطن بوست» والمقال منشور فيها

 

الأكثر مشاركة