زيباري: قمة بغداد أكبر إنجاز للعراق. رويترز

قمة بغداد.. بداية عودة العراق إلى الحضن العربي

لم تحدث القمة العربية التي عقدت في العراق الأسبوع الماضي انفراجة تذكر في الأزمات السياسية التي تعصف بالمنطقة، بل أكدت استمرار النهج العربي المتبع سابقاً في الجامعة العربية التي تضم 22 من الدول الأعضاء.

وكما هو متوقع، ركزت القمة - وهي أول اجتماع عربي منذ عامين - على ملف سورية التي تشهد أعمال عنف دامية منذ أكثر من عام.

ويقول مدير مركز القدس للدراسات السياسية في الأردن، عريب الرنتاوي، إن أهم قرار خرجت به القمة بشأن سورية هو تأييد خطة المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية كوفي أنان، الرامية إلى وقف إراقة الدماء في البلاد.

ويضيف أن تأييد خطة أنان كان بمثابة اعتراف رسمي بما بات معروفا منذ أشهر، وهو أن الأزمة السورية لم تعد قضية عربية، بل قضية دولية، وأنها خرجت إلى حد كبير من أيدي الجامعة العربية.

كما اعتبرت القمة بمثابة علامة على أن التغيرات التي شهدتها المنطقة لم تصل حتى الآن إلى أروقة الجامعة العربية.

وعلى الرغم من الوجوه الجديدة التي تقود الوفود التونسية والليبية والمصرية، حيث جلس (الرئيس التونسي) المنصف المرزوقي ورئيس المجلس الانتقالي الليبي) مصطفى عبدالجليل ووزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو على المقاعد التي طالما احتلها الحكام المستبدون الذين أطيح بهم في هذه البلاد، وهم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، يرى مراقبون أن ما يسمى بدول «الربيع العربي» لم يكن لها تأثير يذكر في وقائع الاجتماع.

ويشير الرنتاوي إلى أن مصر منشغلة للغاية بشؤونها الداخلية، وتمر تونس بمرحلة انتقالية، بينما تشهد ليبيا حالة فوضى، ويضيف أن هذه الدول ليست في وضع يسمح لها بتولي دور ريادي.

ويوضح أنه بدلا من هذه الدول، بسطت دول خليجية مثل السعودية وقطر نفوذها على الجامعة العربية، لتسيطر على جدول أعمال القمة.

من ناحية أخرى، احتفظت قطر بدورها رئيسة للجنة المعنية بالأزمة السورية، ونددت الجامعة العربية بانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها دمشق في حي بابا عمرو المضطرب، بمحافظة حمص.

ويقول الرنتاوي إن الدول الخليجية أثبتت أنها رغم التغيرات الإقليمية لاتزال هي القوى الرئيسة في المنطقة وفي الجامعة العربية.

ثمة قضية أخرى لم تشهد تغييراً يذكر في القمة، ألا وهي رد فعل القادة العرب إزاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني الذي استمر عقوداً من الزمان.

فقد أكد المشاركون في القمة الموقف الذي تضمنته مبادرة السلام العربية عام ،2002 التي عرضت السلام على إسرائيل مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود عام ،1967 عاصمتها القدس الشرقية. ويقول حسن البراري، وهو خبير أردني، إنه تم سماع اللهجة نفسها في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية في قمم الجامعة العربية التي عقدت على مدار عقد من الزمان، من دون التوصل لأي حلول ملموسة حتى الآن.

وعلى الرغم من التركيز على القضايا الإقليمية، يرى محللون أن كبرى ثمار هذه القمة التي استمرت يوماً واحداً تتمثل في البلد المضيف نفسه، وهو العراق.

فقد حظي العراق بالإشادة لقدرته على استقبال القادة العرب ووزرائهم، على الرغم من المخاوف الأمنية، وتصاعد حدة التوترات الطائفية في البلاد.

علاوة على ذلك، تمثل القمة، وهي أول حدث عربي يقام في العراق منذ أكثر من عقدين، اعترافا بحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وعودة العراق إلى المجتمع العربي بعد أعوام من العزلة في أعقاب غزو (الرئيس العراقي السابق) صدام الكويت عام .1990

ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى السيد، إن الأهمية الكبرى لهذه القمة تمثلت في عقدها بالعاصمة العراقية بغداد، فضلا عن كونها بمثابة عودة للعراق إلى المجتمع العربي. وألقى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الضوء على أهمية القمة بالنسبة لبغداد. وعلى الرغم من مشاركة 10 فقط من رؤساء الدول والحكومات العربية في القمة، وصف زيباري الحدث بأنه «أكبر إنجاز».

الأكثر مشاركة