روبنسون: لسنا مستعدين لحرب ثالثة في الخليج
لقد سمعنا قرع طبول الحرب في الخليج من قبل، وآخرها طبول غزو العراق في ربيع ،2003 الذي أعقبه الاحتلال المأساوي لهذا البلد، لكن اذا سمحنا هذه المرة لقارعي الطبول بجرنا الى حرب مع ايران فإنني أخشى ان تكون العواقب اكثر سوءاً وخطورة . نحن نسمع العبارات ذاتها ،عن اسلحة الدمار الشامل ، النغمات نفسها زعيم «رجل مجنون ومغامر مسؤول في موضع القيادة»، ثم سحب تمطر سيلاً من القنابل والقذائف.
نعم هناك اسباب واعتبارات تبرر لنا الشعور بالقلق بشأن البرنامج النووي الإيراني، لكن هذا لا يعني شن هجوم عسكري على ايران، او تقديم الدعم والمباركة لهجوم قد تشنه اسرائيل عليها، فالمؤشرات تفيد بأن مثل هذا الهجوم لن يكون خطوة حكيمة.
ومن الواضح ان المسؤولين الإيرانيين يكذبون حينما يقولون ان برنامجهم النووي هو بالكامل لأغراض مدنية وسلمية، كما أنه جلي للغاية انه ليست لدى ايران حتى الآن القدرة على انتاج أو تطوير سلاح نووي، ومن غير الحاسم ما اذا كانت الحكومة الايرانية قادرة على أو راغبة في حيازة تلك القدرة والإمكانية، وجادة في القيام بتلك الخطوة الاستفزازية المثيرة.
وما زاد من بطء الخطوات التنفيذية لإنتاج وتطوير الأسلحة النووية مثل تخصيب اليورانيوم في ايران، العمليات السرية التي يرجح ان تكون وراءها اسرائيل في اغتيال العلماء الايرانيين، ربما بمساعدة الاستخبارات الاميركية والبريطانية. وتسليط فيروس شديد الذكاء على أجهزة الكمبيوتر، ما عطل وعرقل عمليات تخصيب اليورانيوم، لكن هذه الخطوات ستتسارع مرة ثانية، وليستمر التقدم في مكونات البرنامج الايراني. وربما يكون من الافضل لنا ان نفترض أيضا ان عمليات التخريب لن تكون في نهاية المطاف كافية لمنع ايران من الوصول الى اهداف برنامجها، ثم ماذا بعد ذلك؟
الأمر الأول بالنسبة لي هو ضرورة أن يحدد كل منا ويعرف اسباب اختيار النظام في إيران طريق البرنامج النووي بما يترتب عليه من مصاريف ومتاعب لا تنتهي، ومن الكثير من الأمثلة والتصريحات والمواقف الصادرة عن مسؤولين ايرانيين يمكنك ببساطة أن تستنتج أن أول صاروخ نووي سيتم انتاجه سيتم إطلاقه نحو إسرائيل، لكن اذا أمعنت النظر في طريقة وكيفية تصرفات النظام على ارض الواقع فستخلص الى نتائج أخرى مختلفة.
وفي اعتقادي إن الإيرانيين سيتوقفون عن اجراء الاختبارات على الأجهزة والأدوات النووية ليثبتوا للعالم اجمع انهم قادرون على الحصول على تلك المعدات والأجهزة من الآخرين. وبالتأكيد فإن عالما يضم ايران «كقوة نووية قادرة» سيكون عالما اكثر خطورة، لاسيما من وجهة نظر الولايات المتحدة واسرائيل وأي دولة اخرى تقع ضمن مدى مرمى الصواريخ النووية الايرانية. لكن هل هناك من بديل آخر؟ ما لا شك فيه ان ايران بلاد واسعة مترامية الأطراف، ومنشآتها النووية موزعة في مناطق جبلية وعرة، ومدفونة في عمق الجبال وباطنها في بعض الحالات. وانا لست مقتنعاً بأن ضربة جوية إسرائيلية بدعم لوجستي من الولايات المتحدة وحليفات إقليمية ستكون قادرة على انجاز أكثر من شيء محدود، وهو تأخير البرنامج النووي الإيراني وعرقلته لسنوات قلائل.
ويمكن للولايات المتحدة القيام بعمل اكثر دقة وتحديداً، لكننا نتحدث عن حملة قصف مكثفة واسعة النطاق مماثلة للتي بدأنا بها غزو العراق، وليس عن عملية عسكرية محدودة اشبه بـ«عملية جراحية ليوم واحد». باختصار اننا نتحدث هنا عن حرب ستكون عواقبها ونتائجها خطيرة، فهل انتم مستعدون لحرب الخليج الثالثة؟ اذا كان الجواب لا، فالخيار الوحيد المطروح امامكم هو مواصلة المساعي الدبلوماسية مع العقوبات. صحيح انهما ليسا من الخيارات العظيمة، لكنهما افضل ما هو متاح وموجود بين ايدينا.
إيوجين روبنسون كاتب ومحلل في «واشنطن بوست»