مفتي مصر السابق د. فريد واصل. أرشيفية

فريد واصل يرفــض الدولة الدينية ويدعو إلى دستور تــــوافقي

رفض مفتي مصر السابق الدكتور نصر فريد واصل، في حوار مع «الإمارات اليوم»، حول مستقبل مصر بعد الانتخابات الجارية، مبدأ أن تكون هناك دولة دينية، معتبرا ان المواطنة هي المبدأ المعتمد في الاسلام، كما دعا إلى دستور توافقي، واعتبر الدعاية بتحريم التصويت لغير المسلمين غيرجائزة.

وقال واصل إن «المرأة المنتقبة التي ترفض كشف وجهها للقاضي عند الادلاء بصوتها مخالفة للشرع، وان هذا غير جائز باي حال من الاحوال»، وتابع «حتى لا تضيع الحقوق ويحدث تزوير وخلاف، يجب على القاضي كشف وجه المنتقبة التي تدلي بصوتها للتعرف إلى شحصيتها، لان التصويت شهادة يضعها صاحبها في الصندوق لمن اختاره، ولابد للقاضي أن يستمع ويرى بنفسه شهادة الشاهد، سواء كان رجلاً أو امرأة، ولا يجوز للمنتقبة ان تكتفي بكشف وجهها لامرأة اخرى، إلا إذا كانت قاضية ومشرفة على الانتخابات باللجنة التي تدلي بصوتها فيها».

وقال الدكتور نصر واصل إن «القاضي الذي لا يكشف وجه المنتقبة عند ادلائها بصوتها مخطئ، لان البينة هي وسيلة الاثبات، ووجه المرأة في التصويت هو البينة الوحيدة التي لا يغني عنها شيء آخر»، مؤكداً ان الزي الشرعي في الاسلام هو الخمار الذي يظهر الوجه والكفين، والنقاب للسيدة الفاتنة الجمال التي يُخشى فتنة الرجال بها، والمرأة لها جميع حقوق الرجل، كالدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن حقها البيع والشراء في الاسواق، ولها أن تكون قاضية ومفتية ووزيرة، وتجلس في مجالس العلم وفي المساجد بالصفوف الخلفية، ومن حقها القبول والرفض في الزواج، ولا ينتقص الاسلام من حقها في شيء».

وقال مفتي مصر السابق، إن «الدعاية التي تطلقها بعض التيارات الاسلامية بتحريم التصويت لغير المسلمين لا تجوز شرعاً، لان التصويت في الانتخابات يجب ان يكون وفقاً لمعيار الكفاءة والنزاهة، دون النظر الى دين أو عرق أو لون، لان جميع الناس سواء تحت مبدأ المواطنة الذي لا يفرّق بين مسلم وقبطي».

الديمقراطية

قال الدكتور نصر «إننا في شؤون الدنيا ملزمون باختيار الاصلح من اهل الاختصاص، لأن الله يقول (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، واهل الذكر عامة للمسلم ولغير المسلم»، واضاف ان هذا ينطبق على جميع شؤون الحياة في الزراعة والصناعة والطب والتعليم وجميع ما يتعلق بحياة الانسان الدنيوية، اما شؤون العقيدة الخاصة بعبادتنا فنحن ملزمون ايضاً باختيار اهل الاختصاص من المسلمين، وأهل الذمة لهم أيضاً الحق نفسه.

وقال الدكتور نصر، انه لا يجوز إطلاق لفظ الكافر على المسيحي او اليهودي، ولا يجوز أن نقول له انت في النار، لان كلمة الكافر تطلق على المخالف للمسلمين الذي يحمل السلاح ويدخل في حرب معهم، ويسقط عنه اللفظ بمجرد الصلح معه والقاء السلاح، ولهذا لم يطلق رسول الله هذا اللفظ على من كانوا معه في المدينة من يهود، وإطلاق كلمة الكافر على المسيحيين يؤذيهم، ورسول الله نهانا عن ايذاء اهل الذمة، والإسلام قال «لا اكراه في الدين»، كما ان الشرائع السماوية جميعها مصدرها واحد هو الله، وهدفها واحد هو الانسان وكرامته وحريته، والارض لهم جميعا، وشريعة الاسلام تعترف بجميع الشرائع الاخرى. وقال ان الديمقراطية هي الفيصل في اختيارات الناس، وفقاً للاغلبية التي يجب ان تُحترم من الجميع.

وحول النزاع على الدستور الدائر في مصر الآن، قال المفتي، ان دستور مصر القادم يجب ان يكون توافقياً ويمثل جميع فئات الشعب المصري، من مسلمين واقباط ورجال ونساء، وقال «يجب ان يشارك في وضعه ممثلون لكل فئات المجتمع من قانونيين واساتذة جامعات ونقابيين وعمال وفلاحين ومثقفين»، مشدداً على ان الاغلبية المقبلة في البرلمان لا يجوز لها ان تنفرد بوضع الدستور. واضاف «لابد ان يأتي الدستور القادم معبراً عن الجميع».

وقال مفتي مصر السابق إنه لا وجود لما يسمى الدولة الدينية في الاسلام، ومن يتحدثون عن دولة دينية تستند الى الحق الالهي جهلاء، مؤكداً أنه في عهد الرسول كانت كل امور الحياة متروكة للناس، ودولة الرسول كانت دولة مدنية، ومتروكاً للناس الحرية في جميع شؤونهم السياسية والاقتصادية والعسكرية وكل شؤون الحياة و«أنتم أعلم بشؤون دنياكم» هو المبدأ الذي ارساه الرسول لامته، فالاسلام دولته مدنية وعقيدته دينية.

وقال الدكتور نصر إن «السياحة امرنا بها الله، حيث قال (فسيحوا في الارض) وقال (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)»، واوضح مفتي مصر السابق، انه لا يجوز لنا منع السائح من شرب الخمر، إلا إذا كان ذلك في الطرقات العامة، موضحاً انه لا يجوز تفتيش حقائبه أو منزله بحثاً عن الخمور، لانه يعتقد أنها حلال، وهو حر في ما يعتقد، بشرط عدم اشاعة ذلك بين المسلمين، بيعاً أو شراءً.

الحرابة

حول الانفلات الامني في مصر، قال مفتي مصر السابق، إن كل ضابط شرطة امتنع عن وقف جريمة وكان قادراً على منعها فهو آثم وسيحاسبه الله عليها، مؤكداً ان حفظ الامن في المرحلة الاولى للانتخابات كشف عن قدرة الجيش والشرطة على حفظ امن المصريين، وطالب بتطبيق حد الحرابة أو قانون الطوارئ على البلطجية الذين يروعون الناس في مصر، وقال «لابد من استعمال القوة والشدة واستعمال قانون الطوارئ في مواجهة البلطجه»، مشدداً على ان الاسلام دين امن وسلام، وان ترويع الناس فيه تهديد للمصريين واقتصادهم وحياتهم الخاصة والعامة، ويجب ان يتصدى الناس جميعا للبلطجية وقُطاع الطرق.

فتاوى

كشف الدكتور نصر عن رفضه إجازة الهاتف الإسلامي عندما كان مفتياً، كما رفض الظهور على الفضائيات للفتوى، لان الفتوى خاصة وشخصية، ولا يجوز عرضها على العامة، والفتوى العامة لابد أن تعرض على جهة الافتاء وتنشر في ما بعد. وقال «انا ضد فتاوى الفضائيات،لانها تضر اكثر مما تنفع، وتربك الناس».

واعتبر الدكتور نصر أن من يتحدث عن الجزية اليوم جاهل باحكام الاسلام، مشددا على انه لا وجود الآن للجزية، لان هناك حقوقاً وواجبات متساوية للجميع، مسلمين وغير مسلمين، ولانها كانت تدفع في الماضي مقابل عدم انخراط غير المسلمين في الجيش.

وقال المفتي السابق إن الحدود تدرأ بالشبهات، وأي شبهة في الحد تمنع تنفيذه، حتى لو كان الحكم نهائيا، موضحا انه مع ضوابط الحدود فإن تطبيقها يستحيل إلا بالاعتراف الكامل، وبالاقرار الكامل، وباستمرار المذنب على اعترافه اثناء التنفيذ، مؤكداً أنه لا يمكن تطبيق حد السرقة مثلاً مع الفقراء إلا عندما نقضي على الفقر، لكن تطبق عقوبات تعذيرية، مثل العقوبات المطبقة حاليا في حال سرقة الفقراء. وقال «إذا ادعى السارق ملكيته المسروقات، وكانت جميع الادلة تكذّبه، لا يطبق عليه الحد بقطع يده، لكن تطبق عليه العقوبة التعذيرية، أي الحبس أو السجن، لانه لم يعترف».

الأكثر مشاركة