دائماً ما استمتع القذافي بهتاف أنصاره قبل إلقاء خطاباته. رويترز

طرائف القذافي تشغل الليبيّين

تنشغل السلطات الليبية الجديدة بالبحث عن العقيد الهارب معمر القذافي، لكن الليبيين ينشغلون بالبحث عن الاخبار والمواقف الساخرة التي لطالما عرف بها الزعيم السابق.

ويعيد الليبيون منذ سقوط العاصمة طرابلس في أيدي مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي في 23 اغسطس وفرار القذافي منها، إنتاج هذه المواقف واحيانا المبالغة فيها، مستعيدين عبرها أكثر من اربعة عقود حكم خلالها القذافي البلاد بيد من حديد.

ويقول عماد طه (44 عاماً) وهو سائق سيارة اجرة في طرابلس «ان تناول المواقف المخزية من بطولة القذافي كانت ممنوعة علينا، وكنا نخشى حتى ان نناقشها مع أنفسنا».

ويضيف «اليوم أصبحت هذه المواقف مادة للتسلية ولتذكر مساوئ هذا الشخص حتى لا نسمح بتكرارها في بلادنا».

وتكثر الحوادث الغريبة التي يتناقلها الليبيون عن معمر القذافي، ويتذكر هؤلاء خصوصا الصورة التي كانت تحتل شاشة القنوات الرسمية حين يغضب القذافي من برنامج ما أو من فقرة مرت خلال بث نشرة الاخبار.

ويشير سكان العاصمة إلى ان بث القنوات الرسمية كان يتوقف حين يشعر القذافي بالغضب، فتبرز على الشاشة صورة كاريكاتيرية رسمها الفنان محمد الزواوي، وهي عبارة عن حذاء. ويبقى الحذاء سيد الشاشة لساعات، ويعود البث الى طبيعته حين يقرر القذافي ذلك، علماً ان العقيد الليبي كان يتحكم بهذا الأمر من مقره في باب العزيزية، الذي تحول اليوم الى ما يشبه المقصد السياحي.

وأثناء احتلال الحذاء للشاشة، يستمر الموظفون في القنوات الرسمية بعملهم الاعتيادي، ويتواصل بث البرامج وتقديم نشرات الاخبار خشية ان يعود البث في أية لحظة من دون سابق انذار.

وفي حادثة أخرى، اشتكت طرابلس في احدى المراحل من كثرة انتشار النفايات في شوارعها. وقام القذافي في يوم ممطر وعاصف باصطحاب رئيس البلدية بشير حميدة في جولة بالمدينة الساحلية، وجعله يجمع من الارض صناديق النفايات التي تبعثرت محتوياتها جراء الرياح، ثم طلب منه أن ينقل مكتبه الى مكان يقع فوق مكب للنفايات.

وغالباً ما كان القذافي يستمتع لدقائق بهتاف أنصاره له قبل إلقاء خطاباته الحية التي كانت تستمر احيانا ساعات طويلة. ويقول انيس الوخي (20 عاماً) ان «احد خطابات القذافي بدأ في احدى المرات بهتاف الجالسين في الصف الامامي له، فما كان من معمر الا ان حيا هؤلاء وطلب منهم السكوت حتى يبدأ بالكلام». ويضيف ان «هؤلاء لم يفهموه، وظلوا يصفقون له كلما حاول الكلام، فما كان منه الا ان تناول كوباً أمامه ورشق المصفقين له بالماء داخله، ثم بدأ خطابه وكأن شيئاً لم يحدث».

وفي مقهى يقع ضمن باحة منزل قديم في وسط طرابلس، يمضي الزبائن غالبية اوقاتهم في الحديث عن التطورات السياسية في مرحلة ما بعد القذافي، وايضاً في تناقل اخباره الطريفة. ويتذكر أحدهم ان القذافي «مر في طرابلس ووجد ان الزرع يابس، فبادر الى سؤال رئيس البلدية آنذاك (عز الدين الهنشيري) عن سبب ذلك، فرد على سؤاله بالقول ان هناك نقصاً في الماء». ويضيف ان القذافي «حمل بعد ان سمع الجواب خرطوماً وأفرغ الماء منه في وجه الهنشيري قائلاً له: هل ترى ماء الآن؟».

ويتذكر محمد فرحات (23 عاماً) كيف انه وصلت الى مسامع القذافي قبل فترة وجيزة من اندلاع الثورة في منتصف فبراير ان الناس يشكون من قلة المساكن، فطلب ممن لا يملك منزلاً ان يختار اي مسكن يريد وان يسكن فيه. وتوجه الآلاف عندها الى ابنية لاتزال قيد الإنشاء، واحتلوا مساكن فيها هي ملك لأناس آخرين، فما كان من قوات الشرطة إلا ان توجهت الى هذه المساكن واشتبكت مع الناس هناك حتى تخليهم منها بالقوة.

ولا تقتصر هذه المواقف على الليبيين، اذ إن عددا من الزعماء الاجانب نالوا نصيبهم منها ايضاً. ويقول مسؤول كبير سابق ان العقيد الليبي «قرر في إحدى المرات ان يستقبل الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي أنان في سرت، مسقط رأسه. ويضيف ان انان الذي كان يريد الحديث مع القذافي عن امكانية تسليم (عبدالباسط) المقرحي (المدان في قضية لوكربي)، نقل في سيارة ظلت تدور به ساعات في منطقة واحدة، ثم وضع في خيمة.

ويشير الى ان مساعدي القذافي وضعوا خلف الخيمة جملاً، وكانوا يستفزون هذا الجمل طوال الليل حتى يصرخ بصوت عال، وعندها يسأل انان المحيطين به ان كان ما يسمعه زئير أسد، فيجيبوه: كلا انه جمل.

وفي حادثة أخرى جلس القذافي ومساعدوه في مقابل الرئيس الفرنسي جاك شيراك والوفد المرافق له في احدى خيم القذافي في ليبيا، وفي خضم النقاش طلب القذافي من رئيس جهاز المراسم نوري المسامري ان يقوم بكنس التراب داخل الخيمة.

ويذكر المسؤول الليبي ان هذا الأمر استمر وقتا طويلا، وجعل التراب يتطاير في كل مكان، وعندما كان رئيس الوزراء السابق شكري الغانم يطلب من المسماري التوقف عما يفعله كان الاخير يتجاهل الطلب لأنه سبق ان تلقى الامر من القذافي، ولا يمكنه التوقف حتى يطلب منه ذلك.

وبعد ان يعدد حوادث أخرى بينها رفض العقيد الهارب مصافحة وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليزا رايس بعد ان أبقاها تنتظر لقاءه ست ساعات، يروى ان القذافي كان يقدم لبعض ضيوفه الاجانب تفاحة واحدة تتوسط طبقاً، من دون شوكة او سكين. والآن بعد مرور اكثر من شهر على سقوط طرابلس في أيدي مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي، لايزال الليبيون يتدفقون بأعداد كبيرة على باب العزيزية لزيارة المقر السابق للزعيم المطارد والتنزه في أرجائه.

الأكثر مشاركة