صدمة بين السوريين على الحدود التركية
عروس سورية عبرت بها سيارتها المزينة بالورد الحدود مع تركيا لتحتفل بزفافها هناك. وجندي سوري فر من الخدمة العسكرية ويخاطر بحياته لنقل جرحى أو دفن قتلى. إنهما بطلا قصتين تعكسان انقسامات في الشارع السوري.
وتعكس الرحلتان وضعاً بالغ الصعوبة، اذ يهبط لاجئون فزعون من بين التلال بحثاً عن مأوى في تركيا. وعلى مقربة تتواصل حركة العبور المعتادة عبر المعابر الحدودية الرسمية.
وأول من أمس، أدت عواصف رعدية وأمطار غزيرة على مدى ساعات إلى تفاقم الأوضاع البائسة التي يعانيها آلاف من السوريين الذين ينتظرون وسط التلال، استعداداً للفرار عبر الحدود في حال تقدمت القوات السورية صوبهم.
تسلل المجند درويش محمد سيبو (23 عاما) الى قرية جويتشتشي الحدودية التركية بعدما هجر موقعه قرب حمص في 14 مايو الماضي، وفر الى بلدة جسر الشغور الشمالية الغربية قبل ان يدخل تركيا.
ويصف سيبو اللحظة التي دفعته للفرار ويقول «كنت على خط المواجهة مع المتظاهرين مسلحاً بهراوة ودرع. خلفي كان الشبيحة (مسلحون موالون للرئيس السوري بشار الاسد) والجنود الذين يثقون اكثر في قدرتهم على اطلاق النار. كانوا مسلحين ببنادق آلية. لا يقبل اي سوري ان يقف في موقفي هذا ويشاهد أبناء وطنه يذبحون».
ويضيف «رشوت ضابطاً برتبة ملازم لأحصل على إجازة مرضية ولم أعد. هناك كثيرون مثلي. المعنويات متدنية. لا يسمحون لنا بإجازات لزيارة أسرنا».
وبدا سيبو وهو يتكئ على سيارة مضطرباً ومرتبكاً جراء تجربته، وعرض لقطات صورها بهاتفه المحمول لشاب ميت أصيب بالرصاص في بطنه.
واستعاد جيش الأسد السيطرة على بلدة جسر الشغور عقب هجوم للجيش تدعمه الدبابات بدأ يوم الجمعة الماضي.
وتقول السلطات السورية إن 120 من افراد الأمن قتلوا الاسبوع الماضي في معارك انحت بمسؤوليتها على جماعات مسلحة. وقال بعض السكان ان مقتلهم أعقب عصيانا أو رفضا من جانب بعض الجنود لإطلاق النار على المحتجين على حكم الأسد. ويقول سيبو «شاركت في جنازة المتظاهر باسل المصري قبل اسبوعين، حين اطلقت المخابرات العسكرية النار علينا. فررت ومنذ ذلك الحين أتحرك ذهابا وإيابا لنقل المصابين بالسيارة أو انقل الشهداء لدفنهم في القرى».
وفر نحو 7000 لاجئ سوري من البلدة على بعد 20 كيلومترا فقط من جويتشتشي، وعبروا الاراضي الزراعية الى تركيا، إذ ينقلهم جنود اتراك إلى أحد اربعة مخيمات. وشمالي جويتشتشي عند قرية حاجي باشا وصلت سميلة التي رفضت ذكر اسم عائلتها لتتزوج من قريب تركي. ووصلت سيارتها للقرية مزينة بورد وبشرائط بيضاء ووردية وقد أطلقت بوقها.
وتقول سميلة إنها لم تشاهد شيئاً خلال الرحلة من قريتها القريبة.
ويعقب ضيف حضر حفل العرس «نحن راضون جدا عن رئيسنا. القصص التي تتردد كاذبة. هاجمت عصابات اجنبية جسر الشغور والآلاف الذين يأتون لتركيا حصلوا على اموال للهرب».
وفي جويتشتشي يقول احمد ياسين (27 عاما) انه كان في ارضه الزراعية الواقعة على بعد كيلومترين شرقي جسر الشغور صباح الاثنين، حين وصلت قوة من نحو 200 جندي ورجل يرتدون زياً اسود على متن ناقلات جند مدرعة وفي سيارات، وصبوا وقودا على القمح المزروع. ويضيف «حاولت إنقاذ أبقاري الثلاث، لكن لم يكن هناك وقـت. اخذت زوجـتي وطفـلي الاثنين في سيارة وتحركت مباشرة الى الحدود».
ويصف سائق جرار يدعى أبوأحمد (55 عاما)، ويقيم على بعد خمسة كيلومترات من جسر الشغور، عقب وصوله الى جويتشتشي رحلته ويقول «وصلت الدبابات للقرية، وبدأت قصفا عشوائياً فهربنا». سمعت ان الشبيحة في الجسر (جسر الشغور) ينهبون المنازل والمتاجر». ويضيف «أنا خائف. تنتظر زوجتي وابنائي على الجانب الآخر من الحدود تحت المطر. ليس لديهم طعام أو مأوى».