انتخابات بريطانيا تنبىء بمفاجآت لا حد لها
تبدو الانتخابات التشريعية في بريطانيا منافسة ثلاثية حادة بين ديفيد كاميرون، الذي يرجح نجاحه في اخراج حزب المحافظين من 13 عاماً من الصعوبات والعمالي غوردن براون غير المحبوب، لكنه يستفيد من طريقة الانتخابات التي تأتي في مصلحته، والليبرالي الديمقراطي نيك كليغ الذي سيكون قراره بعد الانتخابات حاسماً.
وزعيم الحزب الذي يحصل على اكبر عدد من النواب في مجلس العموم يصبح تقليديا رئيس الوزراء. لكن للمرة الاولى منذ 1974 يمكن ان يؤدي التصويت الى «برلمان معلق» اي لا يتمتع فيه اي حزب بأغلبية مطلقة محددة بـ326 مقعداً، ما سيؤدي الى البحث عن تحالفات.
وسبب هذا التأرجح هو ان المواجهة التي كانت تجري عادة بين حزبين فقط العمال والمحافظين، اصبحت ثلاثية. والأحزاب الثلاثة تتمتع بدعم يراوح بين 28 و34 نقطة وعلى رأسهم حزب المحافظين، بينما يحل العماليون في المرتبة الثالثة.
والأكثر من ذلك ان طريقة الاقتراع الاسمي ومن دورة واحدة تؤدي الى خلل في التوازن يسمح للعماليين بالحصول على اكبر عدد من النواب حتى اذا جاؤوا في المرتبة الثانية والثالثة.
في المقابل سيكتفي نيك كليغ بـ12٪ من المقاعد اذا حصل على 30٪ منالاصوات وهي نتيجة مخيبة للآمال للتفكير في تحالف عادي في فرنسا وألمانيا، لكنه شبه محرم في بريطانيا.
ويتحدث خبراء عن ثلاثة سيناريوهات اساسية لما بعد هذا الاقتراع هي:
فوز المحافظين بفارق ضئيل يفتح الباب لتحالف مع الليبراليين او مع احزاب صغيرة مثل وحدويي الستر (ايرلندا الشمالية) البروتستانت او الاستقلاليين الاسكتلنديين.
فوز العماليين بفارق ضئيل يدفعهم الى تحالف مع الليبراليين الديمقراطيين.
أغلبية مطلقة للمحافظين الذين سيشكلون بذلك بمفردهم حكومة.
ويبدو كاميرون (43 عاماً) الذي يعد مثالاً للارستقراطي المحافظ المتحدر من الملك غيوم الرابع، بطل «تيار محافظ حديث» منبثق عن ارث تاتشر.
اما براون (59 عاماً) الاسكتلندي المتشفي الذي يشكل موضوعات رسوم الكاريكاتور ويبدو من كبار الموظفين، ويؤكد انه قادر على خفض الدين العام من دون ان يتأثر الانتعاش الهش للاقتصاد. الا ان براون وزير المالية في عهد توني بلير لـ10 سنوات قبل ان يتولى رئاسة الحكومة خلفاً له في 2007 لا يتمتع بشعبية.
وأخيراً هناك نيك كليغ (43 عاماً) الذي يتمتع بجاذبية على شاشات التلفزيون ويتقن لغات عدة ويميل الى الاتحاد الاوروبي الى حد التفكير بالتخلي عن الجنيه لمصلحة اليورو.
وكليغ يثير اهتمام الناخبين الذين يميلون الى معاقبة العمال بعد الحربين اللتين تثيران جدلاً في العراق وأفغانستان والفضيحة المدوية لنفقات البرلمانيين.
وجاءت المفاجأة خلال الحملة من احدى وسائل الاعلام القديمة اي «التلفزيون». وليس الانترنت بثلاث مناظرات على الطريقة الاميركية لا سابق لها في بريطانيا.
وعادت هذه المناظرات التي استمرت 270 دقيقة وتابعها 23 مليون مشاهد بالفائدة على كاميرون وكليغ الذي ساعدته الشاشة في التقدم 10 نقاط في استطلاعات الرأي. وقد جرت الحملة بين «عمالي جديد» يصر على قدرته على التحكم في الاقتصاد و«محافظين جدد» يشعرون بقلق اجتماعي في «بريطانيا مكسورة».