«الصن» تغيّر ولاءها السياسي

أصيب قادة حزب العمال البريطاني بالصدمة، عندما علموا أن مالك صحيفة «الصن» الشعبية، الأكثر انتشاراً في بريطانيا، قرر أن يوقف دعمه للحزب، والتحول نحو حزب المحافظين، وتقديم الدعم له في هذه المرحلة الحرجة التي يستعد فيها البريطانيون للانتخابات في مايو المقبل. وستقوم الصحيفة بتحريض قرائها على منح أصواتهم للمحافظين، وقائدهم ديفيد كاميرون.

وتتمتع الصحيفة بتأثير كبير في المجتمع البريطاني نظراً إلى اهتمامها بالموضوعات اليومية الشعبية التي تهم ترجل الشارع العادي، في بريطانيا، الأمر الذي أثار غضب رئيس حزب العمل، غوردون براون، ودفعه إلى رفض حضور حفل عشاء، كانت تقيمه شركة «نيوز إنترناشونال»، المملوكة للرجل نفسه الذي يملك صحيفة الصن، وهو روبرت مردوخ.

وكانت الصحيفة أعلنت عن قرارها بعد ساعات قليلة من إلقاء براون خطاباً مهماً في مؤتمر حزب العمال، الأمر الذي اعتبر مقصوداً للتشويش على تأثير الخطاب في العامة، وتعامل وسائل الإعلام معه في نشرات الأخبار التي ظهرت صباح اليوم التالي.

وفي الحقيقة، لم يكن مردوخ مؤيداً لحزب العمال لأنه يؤمن بحقوق العمال، وإنما لأسباب سياسية وبراغماتية تتعلق بمصالح امبراطوريته الإعلامية. وكان قد دعم رئيسة الحكومة السابقة، مارغريت تاتشر، ولم يتخل عن حزب المحافظين حتى،1997 عندما تبين له أن الحزب لم تعد له أية حظوظ للبقاء في السلطة. وتحولت الصحيفة إلى دعم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي قدم لشركات مردوخ تسهيلات تجارية عديدة، بعد أن أصبح في السلطة. ولطالما بدلت الصحيفة ولاءها، طبقاً لما يرى فيه مالكها مصلحته، إلا أن «الصن» تظل المفضلة لدى السياسيين، بسبب أسلوبها الفكاهي في طرح الأخبار وصخبها في طرح آرائها، والأهم من ذلك أنها تبيع 3.5 ملايين نسخة يومياً. وسبق قرار «الصن» قيام رئيس حزب المحافظين بمناورات كثيرة، وتقرب من مردوخ، كما أنه استغل وساطات أصدقاء عديدين له لهذا الغرض. وأقام حفلات عديدة على شرف مردوخ والمديرين لديه، لا بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك، عندما وجه انتقاداته لمحطة «بي بي سي»، محاولة منه لإرضاء مالك الصحيفة الذي رأى في الرجل حليفا يمكن الاعتماد عليه أكثر من براون. ويمكن اعتبار تحول «الصن» خسارة لحزب العمال، في وقت هو في حاجة ماسة إليها. وبات براون مقتنعاً بأنه لم يعد ممكناً الاعتماد على وسائل الإعلام، لنقل سياساته ووجهات نظره إلى العامة.

وتساءلت الصحف البريطانية عن سبب قيام صحيفة «الصن» بالخطوة. وجاء الجواب من «الغارديان» أن مردوخ يفضل أن يظل قريبا من الحكومات، وهو يعلم جيدا أن الحكومة الحالية لن تبقى في الحكم طويلا، وقد اعتاد مردوخ الحصول على طلباته من الحكومات البريطانية المتعاقبة. وأكدت الصحيفة أن امبراطور الإعلام لا يهتم كثيرا بديفيد كاميرون أصلا، وإنما بما سيصل عليه من خلاله.

الأكثر مشاركة