إسرائيل لا يمكنها تركيع مليون ونصف المليون فلسطيني

لدي ثلاث أمنيات في العام الجديد، أولها أن تدرك الحكومة الإسرائيلية مرة وبشكل نهائي أنه لايمكن حل الصراع في الشرق الإوسط بالوسائل العسكرية، والثانية ان تدرك حركة المقاومة الإسلامية «حماس» انه لا يمكن تحقيق مصالحها بالعنف، والثالثة ان يعترف العالم بأن هذا النزاع يختلف عن غيره، إذ يتميز بالتعقيد والحساسية، كونه صراعا بين شعبين لدى كل منهما اعتقاد راسخ بأن له الحق في العيـش في تلك الرقعة الصغـيرة من الأرض.

وتثير تطورات الأيام الأخيرة القلق لأسباب ذات طبيعة إنسانية وأخرى سياسية، فإسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها، لكن القصف الوحشي الذي يقوم به جيشها لقطاع غزة أثار تساؤلات عدة، أولها ما إذا كان للحكومة الإسرائيلية الحق في تحميل جميع الفلسطينيين مسؤولية اعمال «حماس» وتصرفاتها. ينبغي علينا نحن اليهود بالذات ان نعرف ونشعر أكثر من الشعوب الأخرى بأن قتل المدنيين الأبرياء جريمة غير إنسانية وغير مقبولة، قد جادل المسؤولون الإسرا ئيليون بحجة ضعيفة في هذا الشأن قائلين: إن «قطاع غزة يتميز بكثافة سكانية كبيرة، ومن المستحيل تفادي سقوط ضحايا في صفوف المدنيين في أثناء العمليات العسكرية».

ويقودنا التخاذل في هذا النقاش الى سؤالي التالي وهو: إذا كان لا يمكن تجنب قتل المدنيين فما الهدف من هذا القصف؟ وهل هناك منطق وراء العنف؟ وما الذي تأمل إسرائيل في تحقيقه من خلال ذلك؟ فإذا كان الهدف هو تدمير حركة «حماس» فيصبح التساؤل الأكثر أهمية هو ما اذا كان تحقيق هذا الأمر ممكن التحقيق، واذا لم يكن كذلك فإن هذا الهجوم ليس قاسيا وحسيا وبربريا فحسب، بل يستحق التوبيخ والاستنكار.

ومن جهة أخرى، فما شكل او طبيعة ردة فعل سكان قطاع غزة الذي تتخيله إسرائيل إذا أخذنا بإمكان النجاح في القضاء على «حماس» من خلال العمليات العسكرية؟ لن ينحني مليون ونصف المليون فلسطيني فجأة او يجثوا على ركبهم في تعبير عن الامتنان والاحترام لقوة الجيش الإسرائيلي.. ويجب علينا ألا ننسى انه تم انتخاب «حماس» من الفلسطينيين، وأن إسرائيل كانت تشجعها في وقت ما، كواحد من تكتيكاتها لإضعاف الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. ويقودنا التاريخ المعاصر لإسرائيل الى الاعتقاد بأنه إذا تم القضاء على «حماس» فإن حركة او جماعة أخرى أكثر تطرفا ستحل محلها.

وليس في استطاعة إسرائيل احتمال هزيمة عسكرية بسبب المخاوف من اختفائها عن الخريطة، بل اثبت التاريخ أن كل انتصار عسكري جعلها في وضع سياسي أضعف بسبب ظهور الجماعات المتطرفة، ولا أقلل من شأن الصعوبة التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية في اتخاذ القرارات اليومية. ولا أقلل من اهمية الأمن بالنسبة لإسرائيل، وبغض النظر فأنا اتمسك بقناعتي بأن الخطة الحقيقية القابلة للحياة لتحقيق الأمن الإسرائيلي على المدى البعيد تكمن في كسب القبول من كل جيراننا. واتمنى انتهاء عام ٢٠٠٩ بتأكيد ما عرف دائما عن اليهود من ذكاء، واتمنى ان تعود حكمة الملك سليمان إلى صانعي القرار في إسرائيل التي تلهمهم فهم حقيقة أن للفلسطينيين والإسرائيليين حقوقا انسانية متساوية.

ولا يخدم العنف الفلسطيني الذي يزعج الإسرائيليين ويؤلمهم قضية الفلسطينيين والرد الإسرائيلي وحشي وغير انساني وغير اخلاقي ولا يكفل الأمن للإسرائيليين ومصير الشعبين مرتبط معا بشكل معقد.



ناشط وموسيقي إسرائيلي تم اختياره مبعوثاً للأمم المتحدة للسلام

ترجمة: عقل عبدالله «الغارديان
»

تويتر