هواتف الرئيس الفرنسي عنصر أساسي في الاشتباه بتعرّضه للتجسس

بعد الكشف عن وجود أرقام هواتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضمن قائمة الأهداف المحتملة لبرنامج التجسّس «بيغاسوس»، يشير الخبراء إلى أن مستوى الأمان يعتمد على الأجهزة المحمولة المستخدمة، وبعضها تشوبه عيوب.

ما هي الهواتف المتاحة للرئيس الفرنسي؟
تتولى الأمانة العامة للدفاع والأمن القومي (أس جي دي أس أن)، وتحديداً هيئة إدارة نظم المعلومات المشتركة السرية بين الوزارات توفير وسائل الاتصال الخاصة بالسلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية والحكومة)، سواء لاستخدامها في الاتصالات الهاتفية أو لدى تبادل البيانات.

كما توفر هيئة إدارة نظم المعلومات المشتركة السرية بين الوزارات وسائل للتواصل بشكل آمن مع الحكومات الأخرى والمسؤولين في السلطات التنفيذية.

ويشرح خبراء في الأمن الرقمي أن الهواتف الموضوعة في متناول أعضاء السلطة التنفيذية ليست ذات تصميم خاص أو تتسم بسهولة استخدامها، وهذا ما يبرر ميل البعض إلى استخدام هواتفهم الشخصية لأجراء اتصالات لا يجب أن تمر من حيث المبدأً عبر قناة التواصل هذه.

أي هواتف يستخدمون عملياً وهل هي آمنة بشكل كاف؟
لدى ماكرون العديد من الهواتف الذكية الشخصية التي يتمّ وفقاً لمصدر مقرب من السلطة التنفيذية «تغييرها وتحديثها وتأمينها بانتظام».

ويوضح مصدر أمني أنّ إعدادات الأمان الخاصة بالهواتف «مقيدة لأقصى حد ممكن، كما أنّ تنزيل التطبيقات معطل وكذلك تحميلها عن بعد».

ومن بين تلك الهواتف هاتف تيورام الذي تصنعه مجموعة تاليس الفرنسية للتكنولوجيا. ويسمح الجهاز الشديد الأمان المخصص للسلطات العليا، بتبادل المعلومات السرية حتى على مستوى الأسرار الدفاعية.

ويوضح متحدّث باسم الشركة الفرنسية المصنّعة لفرانس برس «يضمن تيورام سريّة وأمن الاتصالات الصوتية والرسائل النصية القصيرة بفضل نظام تشفير على مستوى الجهاز الصلب والبرمجيات».

وتوفّر الشركة هواتف للسلطات الفرنسية منذ العام 2012، وتوجد قرابة خمسة آلاف جهاز حالياً قيد الاستخدام، وفق المصدر ذاته.

هل توفّر تطبيقات المراسلة المشفرة درجات الأمان القصوى؟
تطبيقات الرسائل المشفرة على غرار سيغنال وتلغرام تتيح تشفير قناة الاتصال، منذ توجيه الرسالة من الهاتف المرسِل حتى استقبالها على الهاتف المتلقي. مع استخدام هذه التطبيقات، لم يعد ممكناً سماع المحادثات عبر الاتصال بشبكة الهاتف.

في المقابل، في لحظة كتابة الرسالة وقراءتها، يمكن لبرامج التجسّس على غرار بيغاسوس رؤية ما يظهر على الشاشة.

ويشرح الخبير في الأمن الرقمي لدى شركة الاستشارات «وايفستون» جيروم بيلوا «ثمة لحظة بالتأكيد لا تكون فيها الرسالة مشفّرة حتى تتسنى للمستخدمين قراءتها».

ويضيف «في حال كان برنامج التجسّس على الجهاز، يمكنه قراءة الشاشة ما أن تظهر الرسالة».

من يراقب أمن اتصالات الرئيس الفرنسي؟
ثمّة مستويات عدّة من السرية مصمّمة وفقاً لطبيعة الاتصال الذي يجريه رئيس الدولة والوزراء.

بالنسبة للمعلومات المصنّفة على أنها أسرار دفاعية، يستخدم المسؤولون التنفيذيون أجهزة تيورام من تاليس، بينما يتم استخدام هواتف اعتيادية أكثر للتداول بشؤون الدولة اليومية.

ويتمّ توفير هذه الهواتف وضمان أمنها عبر أقسام المعلوماتية في الوزارات، وفق بيلوا. لكن استخدام الأجهزة الأقل أماناً يتطلب «التوعية (بمخاطر التجسس) من فرق الأمن الرقمي التابعة للدولة».

ويوضح أنّه قبل كل اجتماع، يتعين على الرئيس والوزراء ترك هواتفهم في صناديق محددة تتيح عزل الصوت وحجب الشبكة.
ويقول رئيس مجموعة «لنعمل معاً» أوليفييه بيشت، وهو في أساس مهمة برلمانية حول رقمنة الجيش، «إذا كنت تود خوض مناقشة سريّة، عليك أن تضع هاتفك في قفص فاراداي (حاوية أو أسطوانة تعزل ما بداخلها عن المؤثرات الكهرومغناطيسية)، أو تركه على بعد 50 متراً».
هل تم التجسّس على رؤساء دول آخرين؟
في عام 2013، كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن آلاف الوثائق السرية التي فضحت أعمال تجسّس أميركية واسعة النطاق بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.

وأظهرت الوثائق أن مسؤولين عدّة بينهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل كانوا قيد المراقبة.

في يونيو 2015، كشفت وثائق نشرتها ويكيليكس أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تجسّست على ثلاثة رؤساء فرنسيين، هم جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، لسنوات عدّة.

وفي ربيع 2021، كشفت هيئة الإذاعة الدنماركية العامة بالتعاون مع العديد من وسائل الإعلام الأوروبية الأخرى أن وكالة الأمن القومي الأميركية تنصّتت عبر كابلات الإنترنت الدنماركية تحت الماء من 2012 إلى 2014 للتجسّس على كبار السياسيين في ألمانيا والسويد والنروج وفرنسا.

 

الأكثر مشاركة