هولاند: المسلمون أول ضـــــحايا التعصب والتطرف وعدم التــسامح
أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن المسلمين في العالم «هم أول ضحايا التعصب والتطرف وعدم التسامح»، فيما قال بابا الفاتيكان البابا فرنسيس، أمس، قبل وصوله إلى مانيلا، إن حرية التعبير «حق أساسي» لكنها لا تجيز «إهانة معتقدات الآخرين»، مؤكداً ان «القتل باسم الله شذوذ»، بينما أكدت وزيرة العدل الفرنسية الحق «في السخرية من كل الأديان».
وتفصيلاً، قال هولاند في كلمة ألقاها في معهد العالم العربي بباريس، ان «أول ضحايا التعصب والأصولية وعدم التسامح هم المسلمون». وأضاف ان «التطرف الإسلامي استفاد من كل التناقضات وكل التأثيرات وكل البؤس وانعدام المساواة وكل النزاعات التي لم تلق تسوية منذ زمن طويل».
وقالت وسائل إعلام فرنسية إن سائقاً دهس شرطية عمداً فأصابها خارج مقر إقامة هولاند بوسط باريس الليلة قبل الماضية. وقال مراسل تلفزيون «بي اف إم» إن السيارة كانت تسير عكس الاتجاه في طريق من اتجاه واحد وإن شخصين اعتقلا.
من جانبه، قال بابا الفاتيكان في تصريحات ادلى بها في الطائرة التي كانت تقله من كولومبو إلى مانيلا «لا يمكن استفزاز او اهانة معتقدات الآخرين، او التهكم عليها». ورد البابا فرانسيس بذلك على اسئلة طرحت في مؤتمر صحافي حول حرية تعبير رسامي الكاريكاتير ضد الديانات بعد الاعتداء الجهادي الذي استهدف مجلة شارلي ايبدو. وتنشر «شارلي ايبدو» رسوماً كاريكاتيرية شديدة السخرية حول الإسلام وكذلك المسيحية والبابا.
وشدد البابا على أن «يملك كل فرد ليس فقط الحرية والحق بل ايضاً الواجب في التعبير عن افكاره للمساعدة على المصلح العامة، واستخدام هذه الحرية امر مشروع لكن دون اهانة»، داعياً إلى قول الحقيقة لا سيما في السياسة.
كما دان الجرائم المرتكبة باسم الدين فقال «لا يمكن الإهانة والقتل باسم الدين، وباسم الله» مؤكداً ان القتل باسم الله «شذوذ» «وينبغي الايمان بحرية، من دون اهانة وفرض قسري ولا قتل».
في المقابل، اعلنت وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا، ان «في فرنسا يمكن ان نرسم كل شيء حتى الأنبياء»، مشيرة إلى الحق «في السخرية من كل الأديان»، وذلك غداة نشر رسم كاريكاتيري جديد مسيء للإسلام على الصفحة الأولى لشارلي ايبدو. وتعهدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، أمس، بحماية اليهود والمسلمين الذين يعيشون في ألمانيا من التعصب قائلة إن الديمقراطية الناشطة هي الطريقة المثلى لمحاربة هذا النوع من العنف المتطرف الذي هز فرنسا الأسبوع الماضي.
وردت ميركل بقوة غير معتادة على حركة مناهضة للإسلام في ألمانيا وعلى الهجمات التي شنها متطرفون، وقالت أمام مجلس النواب «البوندستاج» ان التطرف الإسلامي ومعاداة السامية «عادة ما يسيران يداً بيد»، وإن المسيحيين واليهود والمسلمين كلهم لهم مكان في ألمانيا. وقالت «حياة اليهود جزء منا» مرددة صدى ما صرحت به الاثنين الماضي عندما قالت «الإسلام جزء من المانيا».
واتهم رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني الغرب بالمشاركة في المسؤولية عن نشأة الإرهاب الإسلامي. وأوضح جريجور جيزي في كلمته أمام «البوندستاج» أن «القاعدة وتنظيم داعش كانا أيضاً إحدى عواقب التدخل العسكري وأحد منتجاته».
وبينما لايزال التهافت مستمراً على شراء الصحيفة في فرنسا، توالت ردود الفعل المستنكرة في العالم الإسلامي حيث يحظر تجسيد الأنبياء. وفي فرنسا وعدد من الدول الغربية، من المقرر اصدار اعداد اضافية من الصحيفة ستصل إلى خمسة ملايين نسخة في الأيام المقبلة بعد نفاد اول مليون نسخة خلال بضع ساعات أول من أمس.
وعلق احد الأكشاك في وسط باريس لافتة كتب عليها «لم يعد لدينا شارلي إيبدو»، كما أنه عدل عن الاحتفاظ بنسخ لزبائنه المعتادين. وقال مبرراً «لقد طلبت 1000 نسخة اضافية الأربعاء لم يصلني منها سوى 38». ويشكل هذا التهافت اقبالاً غير مسبوق على الصحيفة التي كانت على وشك الافلاس، ولم تعد تصدر سوى 60 ألف نسخة. وفي الخارج، تم توزيع 130 ألفاً من عدد أمس في نحو 30 بلداً.
وبينما لايزال التحقيق جارياً لكشف اي شركاء مفترضين لمنفذي الاعتداءات، تم دفن اثنين من الصحافيين الذين قتلوا في السابع من يناير وهما ولينسكي وتينيوس وايضاً برنار ماريس المسؤول عن مقال اقتصادي في الصحيفة والمحللة النفسية ايلسا كايا التي كانت تسهم ايضاً في الصحيفة. كما تم تشييع الشرطي فرانك برانسولارو المكلف حماية مدير الصحيفة شارب الذي قتل ايضاً في الاعتداء. ولاتزال تترتب على الاعتداءات عواقب في فرنسا خصوصاً لجهة شن هجمات ضد المسلمين في فرنسا. وأحصي قرابة 50 حادثاً ضد اماكن صلاة أو تجمع منذ الأسبوع الماضي، بحسب مرصد محاربة معاداة الاسلام التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
وفتح القضاء الفرنسي 54 إجراءً قضائياً بتهمة «الدفاع عن الإرهاب» و«التهديد بعمل ارهابي». ودعت الحكومة الفرنسية إلى «الحزم» في التعاطي مع هذه القضايا. ومن التبعات الأخرى للاعتداءات، احصاء اكثر من 200 حادث في المدارس مثل رفض المشاركة في دقيقة الصمت تكريماً لضحايا الاعتداءات على «شارلي ايبدو». وفي نانت (غرب)، هددت فتاة في الـ14 مفتشي الترامواي بـ«استخدام الكلاشنيكوف» عندما اعلنت تأييدها للشقيقين شريف وسعيد كواشي منفذا الاعتداء على شارلي ايبدو، اللذين قتلا بأيدي قوات الأمن قبل اسبوع. وعلى الصعيد الدبلوماسي، وصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى باريس، أمس، للتعويض عن غياب تمثيل اميركي رفيع المستوى خلال المسيرة التاريخية الاحد الماضي ضد الارهاب، وشارك فيها قرابة 50 رئيس دولة وحكومة.