الترويكا الحاكمة تفشل في التوسع في ظل الانسحابات من القوة المعارضة. رويترز

«الترويكا» التونسية تواصل بمفردها مفاوضات تشكيل الحكومة

واصلت أحزاب الترويكا (الائتلاف الحكومي الثلاثي) الحاكمة في تونس، أمس، بمفردها مفاوضات اللحظة الأخيرة لتشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة رئيس الوزراء المستقيل الأمين العام لحركة النهضة الإسلامية، حمادي الجبالي، وذلك بعد انسحاب بقية القوى السياسية من المفاوضات، فيما قالت مصادر سياسية إن «النهضة» فشلت في توسيع الائتلاف من خلال ضم أحزاب علمانية جديدة بعد هذا الانسحاب من المشاروات حول الحكومة التي تنتهي المهلة الدستورية لإعلانها اليوم، فيما أعلنت رابطات «حماية الثورة» المثيرة للجدل، دخولها في اعتصام مفتوح اليوم. وتفصيلاً، أعلن التلفزيون الرسمي ان القيادي في حركة النهضة ووزير الداخلية في الحكومة المستقيلة، علي العريض، شرع في جولة أخيرة من المفاوضات مع ممثلين من حزبي «التكتل» و«المؤتمر» الشريكين العلمانيين للنهضة في الائتلاف الحاكم.

أعلن العريض أن المفاوضات صعبة اثر انسحاب اثنين من الأحزاب المشاركة من المشاورات. وصرح لإذاعة موزاييك «تشاورنا مع الأحزاب على انفراد ثم في مجموعة، والآن سنناقش تشكيلة الحكومة، اننا متفقون عموماً لكن مازالت بعض النقاط في حاجة الى مناقشة». واضاف ان «الفشل لا يخيفني لأن المطلوب مني هو إرضاء ضميري وبذل أقصى الجهود، وسيتحمل كل واحد مسؤولياته في ما يخص النتيجة». وشكلت احزاب الترويكا ائتلافاً حكومياً بعد انتخابات ‬23 اكتوبر ‬2011 التي فازت فيها حركة النهضة.

وكانت مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة بدأت الشهر الماضي بمشاركة احزاب الترويكا وثلاثة اطراف أخرى ممثلة في البرلمان، هي حزبا «حركة وفاء» (يضم منشقين عن حزب المؤتمر) و«التحالف الديمقراطي» (اجتماعي وسطي) اضافة إلى كتلة (مجموعة) «الحرية والكرامة».

وأعلن حزب «حركة وفاء»، أول من أمس، انسحابه «النهائي» من مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة بسبب اصرار احزاب الترويكا وكتلة الحرية والكرامة على «رفض مناقشة خيار تحييد وزارات السيادة» (الدفاع والداخلية والعدل والخارجية).

وقال القيادي في حزب «التحالف الديمقراطي»، محمود البارودي، أمس لوكالة الأنباء الرسمية ان حزبه قرر عدم المشاركة في الحكومة المقبلة بسبب ترشيح شخصيتين «قريبتين من حركة النهضة» لتولي وزارتي العدل والداخلية، ورفض مقترح الحزب تحييد وزارة الشؤون الدينية وحل «الرابطة الوطنية لحماية الثورة». و«الرابطة» منظمة غير حكومية تعتبرها المعارضة «ميليشيات اجرامية» وتتهم حركة «النهضة» باستعمالها لـ«ضرب خصومها السياسيين»، فيما تنفي «النهضة» هذه الاتهامات باستمرار.

وأضاف البارودي أن الرابطة التي تورطت في قتل معارض علماني في ‬2012 «تعمل لخدمة اجندات سياسية لكل من حركة النهضة وحزب المؤتمر». ودعا البارودي رئيس الجمهورية الى تكليف شخصية مستقلة بدلاً من العريض لتشكيل الحكومة المقبلة.

وقال رئيس كتلة «الحرية والكرامة» محمد الطاهر الايلاهي، الخميس، لوكالة الأنباء التونسية ان كتلته لن تشارك في الحكومة المقبلة بسبب تمسك احزاب الائتلاف الحاكم بحقائب وزارية.

وفي سياق متصل، قال القيادي في حزب «التكتل»، خليل الزاوية، في تصريح نقلته الخميس إذاعة «شمس إف إم» التونسية الخاصة، ان حل «الترويكا» أمر غير مستبعد في حال فشلت في تشكيل حكومة جديدة.

ووصف المفاوضات بالعصيبة، وقال إن الخلافات تتمحور حول التحييد الفعلي لوزارات السيادة ، وبالتالي فإن «الترويكا» قد يتم حلها، فيما أعلن العريض أنه لا يخشى فشل جهوده لتشكيل حكومة جديدة.

وأوضح أنه تم التوصل خلال مفاوضات ليل الأربعاء ـ الخميس إلى «اتفاق حول أرضية العمل، ومازال النقاش جارٍ حول تركيبة الحكومة التي تم الاتفاق على مجمل أطرافها، وبالتالي فإنه إذا تم الاتفاق على تشكيلة الحكومة فسيتم تقديمها اليوم الى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي».

وكانت مصادر سياسية قالت لـ«رويترز» إن هناك اتفاقاً على أن يكون الدبلوماسي عثمان جرندي وزيراً للخارجية، بينما يكون عبدالله الأسود وزيراً للدفاع وهما مستقلان. وأضافت أن إلياس فخفاخ سيكون وزيراً للمالية.

ووفقاً للمصادر اقترحت النهضة الحبيب الجملي، وهو كاتب دولة سابق في وزارة الفلاحة، وزيراً جديداً للداخلية، ومحمد العفاس القاض وزيراً للعدل، وهو ما رفضه التحالف ويرفضه ايضا التكتل.

وكان راشد الغنوشي قال، في وقت سابق، في مقابلة مع «رويترز»، ان خمسة احزاب ستشارك في الحكومة المقبلة، مضيفاً ان اي حكم مستقر في تونس يحتاج إلى تحالف بين علمانيين معتدلين واسلاميين معتدلين.

كما قال حزب «وفاء» انه تراجع عن المشاركة في الحكومة المقبلة لأنه يرى ان رئيس الحكومة المكلف ينوي اتباع سياسة الحكومة الماضية نفسها. وقال العريض رئيس الحكومة المكلف في تصريحات للصحافيين «تم الاتفاق على نسبة كبيرة من الحكومة وستجري مناقشة بقية التفاصيل».

يأتي ذلك في وقت أعلنت رابطات حماية الثورة في تونس دخولها في اعتصام مفتوح، اليوم، بساحة القصبة أمام مقر الحكومة للمطالبة بتحقيق اهداف الثورة. وتطالب الرابطات بتمرير «قانون تحصين الثورة» في المجلس الوطني التأسيسي، الذي يرمي الى تعليق أي نشاط سياسي لأعضاء سابقين في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، ومنعهم اعتلاء مناصب مهمة في الدولة.

الأكثر مشاركة