الجـبالـي ماضٍ في تشكيل حكومة تكنوقراط.. و«النهضة» ترفض رسمياً
أكد رئيس الوزراء التونسي، حمادي الجبالي، أنه «ماضٍ في تشكيل حكومة تكنوقراط تونسية، رغم انسحاب حزب المؤتمر (من أجل الجمهورية) من الحكومة الحالية»، وهو ما رفضته حركة النهضة الإسلامية، أمس، رسمياً، ودعت إلى ضرورة عدم التخلي عن ثقافة «الائتلاف والتوافق»، فيما تراجع «المؤتمر» بزعامة الرئيس المنصف المرزوقي عن الانسحاب من الحكومة، وأعلن أنه جمد هذا الانسحاب، وفي وقت تظاهر المئات أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) للمطالبة باستقالة الحكومة، ومساندة ارملة شكري بلعيد، الذي اغتيل الاربعاء بالرصاص، أعلنت النهضة أنها قررت مقاضاة السياسيين والاعلاميين الذين وجهوا «اتهامات مجانية كاذبة» للحركة ورئيسها راشد الغنوشي بالضلوع في قتل بلعيد. وتفصيلاً، توقع الجبالي في مقابلة مع قناة «العربية» أن يتم «الإعلان عن تشكيل حكومة الكفاءات خلال أيام، لأن الوضع الحالي لا يحتمل التأخير». وحدد أن الهدف الرئيس للحكومة القادمة هو «الإسراع قدماً نحو وضع جدول زمني للانتخابات القادمة التي يريدها الشعب التونسي». وأفاد بأن انسحاب حزب المؤتمر شأن يخصه، وأنه جاء بعد الإعلان عن تشكيل حكومة لا تنتمي إلى أحزاب. وكشف أنه أرسل إلى كل الأطراف والمنظمات والشخصيات المهتمة بالعمل الوطني يطلب منهم النصح والمشورة، وأنه وضع مقاييس واضحة لاختيار الوزراء الجدد، وهي ألا يكونوا متورطين في الفساد والديكتاتورية وغير منتمين لأحزاب مع ضمان الكفاءة، والالتزام بعدم ترشحهم في الانتخابات المقبلة.
واتهم الحكومة الحالية بالفشل في إجراء التعديل الوزاري أو في اجتذاب قاعدة أوسع من الشعب التونسي، أو وضع رؤية واضحة للفترة المقبلة. وقال إنه «ليس مرغماً دستورياً على الذهاب إلى المجلس التأسيسي»، للحصول على موافقة على الحكومة الجديدة.
وأكد أنه لن يغادر حزب النهضة الحاكم إلا إذا قام الأخير بإخراجه، مضيفاً أنه تعلم الكثير من هذا الحزب. ونفى أن يكون الصراع الحالي، كما يصوره البعض، بينه وبين النهضة، موضحاً أن الصراع الحقيقي هو بين إنجاز مطالب الشعب التونسي في التشغيل والتنمية والأمن، والفشل في الاستجابة لها.
في المقابل، قال فتحي العيادي، رئيس مجلس الشورى، وهو أعلى هيئة في حركة النهضة، لاذاعة «شمس إف إم»، إن المكتب التنفيذي لحركة النهضة اجتمع، أول من أمس، وأكد موقفه السابق بدعم حكومة ائتلاف تقوم على التوافق. وأضاف «التجربة يجب أن تستمر، ليس من مصلحة تونس أن تنتهي هذه التجربة بهذه الطريقة، خصوصاً بعد حادثة الاغتيال، وأن نقضي على ثقافة الائتلاف والتوافق، لأن هذا سيفسح المجال للاستراتيجيات الجديدة التي تريد تفتيت المجتمع التونسي». وتابع «نحن نعتبر أن من المفيد أن تستمر حكومة الوفاق السياسي، ومطلوب أيضاً الانفتاح على الكفاءات الوطنية، ونحن نسير في هذا الاتجاه». وتابع رئيس مجلس الشورى «المكتب السياسي سيمنح مجدداً ثقته للجبالي في حال لم يتم الموافقة على مقترحه واستقالته من الحكومة».
وكان حزب المؤتمر الشريك في الائتلاف الحاكم والمقرب من النهضة قد تراجع بدوره، أمس، عن استقالة وزرائه من الائتلاف الحاكم. وقال أمين عام المؤتمر، محمد عبو، «لقد قررنا تجميد قرارنا سحب وزرائنا من الحكومة، لكن في حال لم نشهد أي تغيير خلال أسبوع، فسننسحب من الحكومة بشكل نهائي».
وأضاف «نحن نعارض حكومة تكنوقراط، لان ذلك سيتيح عودة شخصيات من النظام السابق». وكان حزب التكتل من أجل العمل والحريات، الشريك العلماني الثالث في الائتلاف، قد عبر في وقت سابق عن دعمه لمبادرة الجبالي لتشكيل حكومةتكنوقراط.
من ناحية أخرى، رفض رئيس الحكومة التونسية السابق رئيس حركة «نداء تونس» المعارضة، الباجي قايد السبسي، وصف ما يحدث في تونس من اضطرابات بالصراع بين قطر وفرنسا، ورأى أن أي انقسام يحدث داخل حركة النهضة الحاكمة خطر على تونس في هذه المرحلة الحساسة. وقال في حديث مع صحيفة «الخبر» الجزائرية «لا دخل لهذا ولا لذاك، هذه كلها قراءات سياسية، تونس دولة مستقلة في قرارها، نحن لا يمكن أن تستعمرنا قطر ولا فرنسا». ورحب السبسي بمقترح الجبالي بتشكيل حكومة كفاءات، واصفاً الخطوة بأنها «جريئة وإيجابية وفي الطريق الصحيح، ووجودها أفضل من لا شيء». في الأثناء، تظاهر المئات أمام مقر المجلس التأسيسي للمطالبة باستقالة الحكومة، وردد المتظاهرون الذين رفعوا علم تونس وصور القتيل شعارات من قبيل «استقالة.. استقالة»، و«الشعب يريد إسقاط النظام». وقالت بسمة الخلفاوي أرملة شكري بلعيد التي شاركت في التظاهرة لـ«فرانس برس»: «على هذه الحكومة أن تستقيل اليوم وليس غداً، عندما تفشل حكومة عليها تحمل مسؤوليتها». وأضافت أن وزارة الداخلية لم ترد بعد على طلبها توفير حماية امنية لها ولابنتيها الصغيرتين.
من ناحيته، قال الجبالي إن قتلة بلعيد لم يكونوا «هواة»، وان «جهازاً كاملاً كان وراءهم»، وان التحقيقات قد تكشف عن «نتائج خطيرة جداً»، فيما قالت النهضة في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) إنها ستقاضي من اتهمها باغتيال بلعبد، وأضافت «يدخل في الإجراء نفسه (التتبع القضائي)، جميع الأشخاص والمؤسسات التي قامت بذلك أو حرضت على العنف ووافقت عليه أو قامت بالعدوان على منتسبي حركة النهضة ومقراتها».